دول مجلس التعاون.. والتكامل السياحي

سـعود الأحمد

TT

مع هذا التوجه للتكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون العربية، علينا أن نتفاعل مع ما يحقق مصالحنا ونعي متطلبات المرحلة، وندرك أن اقتصادات دولنا ستصبح كالأواني المستطرقة أينما يُصب في فم أحدها ينال منه حوض الأخرى. وفي مجال السياحة وما تملكه بلداننا من مقومات طبيعية وإمكانات مالية وتقنية تؤهلها لبناء تكامل استراتيجي سياحي خليجي، بل أن الوقت والظرف سانحان لمثل هذا التوجه. بالنظر للأوضاع والتغيرات السياسية العالمية، وما آلت إليه نظرة معظم دول العالم للفرد المسلم والخليجي على وجه الخصوص (إرهابي حتى يثبت العكس!). اليوم أصبحنا نشعر بالغربة على حقيقتها، ونحن نقضي إجازاتنا السنوية خارج بلداننا.. ونتعلم معنى الغربة بعد أن أطلت علينا بوجهها القبيح. ونتفهم أن الهناء كل الهناء ليس في أن تجد زادا تأكله أو فراشا وثيرا تنام عليه، لكنها الشعور بطمأنينة الوطن الذي يمنحك نعمة الانتماء. شعور لا يعادله شعور.. يجده الخليجي، وهو في دبي أو صلالة أو أبها أو المنامة أو الدوحة أو الكويت، ولو كان يقف على نهر الراين في مدينة بازل بسويسرا ويطالع عن يمينه جبال ألمانيا الخضراء وعن يساره غابات فرنسا الغنّاء، التي لن يجد في خليجنا لها مثيلا.. لكنها بلادنا تظل عزيزة. بلادي وإن جارت علي عزيزة *** وأهلي وإن ضنوا عليَّ كرام فدول الخليج العربية تمتلك ما يحتاجه مواطنوها من متطلبات السياحة. فلدينا سياحة المصايف والمشاتي والسياحة الدينية ونملك أدوات السياحة التسويقية والثقافية والتعليمية والرياضية والبرية والترويحية والعلاجية. لكننا ربما نفتقر لبرامج إعلامية تتبناها مختلف المؤسسات الإعلامية بدول المجلس. فمواطنو دول الخليج بحاجة إلى رسائل يومية عن كل موقع سياحي بدول المجلس، تبث منه وتعرف بمميزاته. من اعتدال في درجات الحرارة وتوفر الخضرة، ومشاعر المصطافين حياله. لتعرض بأسلوب يقبل عليه الجمهور. ولعلها فرصة للاستفادة من تجارب الدول وتبادل الخبرات فيما بينها، في تنظيم المهرجانات والفعاليات مثل مهرجان دبي وهلا فبراير ومهرجان المفتاحة. ولعلها مناسبة لنتساءل: هل قدم إعلامنا معلومات كافية عن شواطئ دول المجلس المأهولة والبكر؟. هل بسطنا المعلومة عن مدائن صالح بمنطقة المدينة المنورة، ونشرنا صوراً عن تاريخ قطارها الموجود المتقاعد هناك؟! وهل وقف مواطنو المجلس على جمال سواحل مدينة حقل المطلة على البحر الأحمر؟ وسواحل مدينة الخفجي على الخليج العربي؟ وسواحل دولة عـُمان وجبالها على بحر العرب؟، وهل وفرت لهم التسهيلات لزيارتها؟! هل يعرف الناس شيئا عن الينابيع المعدنية الجبلية قرب دبي؟.. وهل عايش المواطن الخليجي، حالة الطقس على مرتفعات عسير (كأبها والنماص وتنومة)؟ وأن السائح هناك في منتصف شهر يوليو (عز الصيف)، يتنفس الهواء البارد بعد هطول البرد والنسمات الباردة تحملها السحب الثائرة التي تكاد تغطي تلك المرتفعات؟ هل يعلم المواطن الخليجي أن أجواء مدينة فيفا معتدلة صيفها كشتائها!؟. وهل أعلمنا الجمهور بدفء مدينة منطقة جازان وشواطئها؟، ناهيك من الجزر البِكر والمأهولة بتلك المنطقة في عمق البحر الأحمر؟ وهل يعلم بجمال شتاء ساحل الشقيق وبيش بجنوب المملكة؟ هل أوصلنا لمواطني دول مجلس التعاون هذه الرسالة؟! لماذا لا تقوم المؤسسات الحكومية والشركات المساهمة والكبيرة منها بدول المجلس (مثل شركات البترول والبنوك والخطوط الجوية والاتصالات والشركات الكبيرة) بواجبها الوطني وتفعل مثل نظيراتها بالدول المتطورة، وتمنح موظفيها المتميزين مكآفات تحفيزية عبارة عن رحلات سياحية مجانية بالدول الخليجية؟. أو بأسعار رمزية.. لماذا تستمر العديد من الجهات في تعمد منح موظفيها دورات تدريبية وانتدابات لحضور المؤتمرات والندوات بمدن المصايف العالمية بفصل الصيف (بالذات)، وتتناسى أنه من الممكن عقد نفس الدورات بإحدى المصايف الخليجية. لماذا لا تبرز وسائل إعلامنا المميزات الفريدة للسياحة بدول مجلس التعاون، كسهولة نقل النقد وتحويل العملات الخليجية فيما بينها؟

وتذكر رب الأسرة بأنه يستطيع أن يركب وعائلته سيارته الخاصة، ليعتمر عمرة دون التفكير في أمور عديدة مثل التأشيرة وتحويل العملة (ودفع فروقاتها) لتغطية نفقات رحلته؟ ولماذا لا نركز على قيمة الشعور بالأمن للمواطن الخليجي، وهو في إحدى دول المجلس؟.. قد يقول قائل إنه يوجد أمن في بلدان الدول العربية والإسلامية. لكن من عرف السفر في بلاد الغربة، يدرك أن عملية نصب أو موقفاً محرجاً يتعرض له أو إهانة، يتعرض لها بعيداً عن بلاده، تنسيه كل المتع والتسهيلات التي أتيحت له طوال فترة إقامته وتعرفه بالفرق.

* محلل اقتصادي سعودي [email protected]