تقرير «أونكتاد»: التكنولوجيا ليست ترفا بل ضرورة ملحة للدول الفقيرة

هجرة الأدمغة تعيق التنمية.. ويجب استبدال الهجرة الدائمة بالعمالة المؤقتة

TT

قال مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد)، ان أكثر دول العالم فقرا تحتاج للتكنولوجيا والمعرفة لتزدهر، ويتعين على الجهات المانحة ان تحول مساعداتها باتجاه العلوم والبحوث. واضاف «الاونكتاد» اول من أمس، أنه على المانحين زيادة اسهاماتهم باتجاه التكنولوجيا والتدريب لمساعدة الدول الضعيفة اقتصاديا على الابتعاد عن انتاج المواد الاولية والمصنوعات التي لا تحتاج لمهارات عالية. وقال في أحدث تقاريره عن الدول الاقل نموا في عام 2007، ان التكنولوجيات الزراعية المتعلقة بزيادة انتاجية المحصول ونوعيته، مهمة بالنسبة للدول الفقيرة في افريقيا واميركا اللاتينية وآسيا، حيث تنتقل اعداد متزايدة من العاملين بالزراعة الى مناطق الحضر. وأضاف «الاونكتاد»، أن أقل من 4 في المائة من اجمالي اقراض البنك الدولي تم توجيهه الى مشروعات العلوم والتكنولوجيا خلال 25 سنة مضت. وقال سوباتشاي بانيتشباكدي الامين العام لـ«اونكتاد» في مؤتمر صحافي: «هناك افتقار للتوازن بين الحكم والقضايا الاجتماعية والقضايا التكنولوجية». وأضاف انه في حين بدأت الدول الفقيرة في آسيا مثل بنغلاديش ولاوس ونيبال وكمبوديا التحول باتجاه مشروعات تنمية أكثر تركيزا على التكنولوجيا، فان العديد من الدول الافريقية تخلفت عن ذلك. وتابع «الدول الاقل تنمية في افريقيا امكاناتها محدودة بدرجة أكبر، بسبب تركيز استثماراتها على انشطة استخراجية». وقال سوباتشاي ان الدول تحتاج لتنفيذ اجراءات أكثر للابقاء على مكاسب ثروات التعدين والطاقة داخل البلاد، لدعم نمو اقتصادي واسع النطاق. وفي هذا الإطار ركز التقرير على النقاط التالية:

* ان ما تقوم به الدول الفقيرة جدا او اقل البلدان نموا من استثمار في الآليات والمعدات المستوردة، التي تعتبر قناة رئيسية لوصول التكنولوجيا الجديدة، يقارب نصف مستواه لدى بلدان نامية اخرى.

* المشاركة في السلاسل القيمية الدولية، حيث تمر المنتجات بمراحل عديدة ابتداء بالمواد الخام وانتهاء بأشكال نهائية متقدمة، لا تفعل الكثير في سبيل ادخال التكنولوجيا الى اقل البلدان نموا. وان تحليلا للسلاسل القيمية الـ24 التي تؤدي صادرات اقل البلدان نموا دورا فيها، يبين ان النهوض بمستوى الصادرات لم يحدث الا في تسع منها في التسعينات، ولم يستخدم فيها سوى 18 في المائة من مجموع السلع المصدرة من اقل البلدان نموا، الا انه تم تخفيض المستوى في 12 من السلاسل القيمية الاخرى، ما يمثل نسبة اعلى قدرها 52 في المائة من مجموع صادرات اقل البلدان نموا.

* ان ترخيص التكنولوجيا، أي دفع مبالغ لقاء الحق في الاضطلاع بانشطة تحميها البراءات في اقل الدول نموا ضعيف للغاية، وما برح يشهد ركودا منذ التسعينات، وهو للفرد الواحد اعلى ثمانين ضعفا في البلدان النامية الاخرى منه في اقل البلدان نموا.

وعلى صعيد آخر اكد تقرير «اونكتاد»، ان الدول الفقيرة والنامية تخسر جزءا كبيرا من ثروتها من الكفاءات العلمية (الادمغة والمختصين والمحترفين في معظم المهن)، مما يعيق عملية نموها الاقتصادي وقدرتها على الخروج من حالة الفقر الذي تعيشه منذ عقود.

وطالب التقرير بمناقشة وضع اثيوبيا في مسألة هجرة الادمغة، إذ من شأن مواصلة هذه الهجرة التأثير الكبير على النمو الاقتصادي على المدى البعيد.

ويقول تشارلز غور، احد كتاب التقرير في هذا الإطار، انه من الضروري ان نتبنى سياسات جديدة، وان نركز على سد الفجوة التكنولوجية وتنويع الاقتصادات. الدول الفقيرة جدا او المعدمة تواجه مشكلة ضخمة عندما يتعلق الامر بتوسيع رقعة عمالتها النشيطة والفاعلة. ولا ينفع الاستثمار في الرصيد الإنساني من دون سياسات قادرة على تطوير فرص العمالة وتشجيع العمال البقاء في بلدانهم.

وحذر التقرير من العواقب الوخيمة لخسائر رأس المال البشري، مشيرة إلى أن بعض الدول خسرت في السنوات الأخيرة أكثر من نصف كفاءاتها العلمية المختصة، خصوصا الدول التي تشهد عدم استقرار سياسي وعسكري. وتعمل الدول الغنية على اجتذاب الكفاءات المؤهلة من الدول الفقيرة، بما تقدمه من إغراءات لها. وذكر التقرير أن هجرة الكفاءات ينعكس سلبا على النمو في قطاعات الاقتصاد والصحة والتعليم وغيرها. في هذا السياق، دعا بانيتشباكدي إلى ضرورة أن تكون الدول الفقيرة في وضع يمكنها من تحسين شروط العمل فيها، لكي يبقى الناس في بلدانهم. واكد التقرير أنه في ظل نقص الكفاءات سيكون من غير الممكن تحسين ظروف الحياة في هذه البلدان، وهو ما يعني بطبيعة الحال عدم قدرة هذه الدول على المنافسة في السوق العالمية. ونصحت المنظمة الدول الصناعية بمنح الكفاءات المهاجرة إليها من الدول الفقيرة، عقود عمل مؤقتة بدلا من دعم الهجرة الدائمة.