أسواق المال العالمية تستعيد عافيتها ببطء.. وسط انحسار مخاوف الائتمان

بعد ضخ «بنك أوف أميركا» ملياري دولار في شركة رهن عقاري

مستثمر في بكين يقف امام مؤشر الاسهم الصينية مبتسما بعد ارتفاعه امس (ا.ف.ب)
TT

تحسنت امس اسواق المال العالمية في نيويورك واسيا واوروبا وسط تحرك استمرار تحرك البنوك المركزية وبعد ان تعززت ثقة المستثمرين بضخ «بنك اوف اميركا» ملياري دولار في شركة الرهن العقاري «كانتري وايد».

وقد صعدت الاسهم الاميركية في بداية جلسة المعاملات امس بعد ان تعززت ثقة المستثمرين بتحرك «بنك اوف اميركا» وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي لاسهم الشركات الاميركية الكبرى 40.81 نقطة أي بنسبة 0.31 في المائة الى 13276.94 نقطة فيما صعد مؤشر ستاندارد اند بورز الاوسع نطاقا 6.17 نقطة أو 0.42 في المائة الي 1470.24 نقطة. وقفز مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه اسهم شركات التكنولوجيا 11.32 نقطة أو 0.44 في المائة الى 2564.12 نقطة.

كما اعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي الاميركي امس انه ضخ سبعة مليارات دولار من الاحتياطيات المؤقتة في القطاع المصرفي من خلال اتفاقات اعادة شراء مدتها 12 يوما.

وقال المجلس ان الضمانات المقبولة للاتفاقات شملت ما قيمته 1.057 مليار دولار من أذون الخزانة وما قيمته ثلاثة مليارات دولار من وكالات، و2.943 مليار دولار أوراق مالية متعلقة برهون عقارية. وقدمت طلبات قيمتها 55.85 مليار دولار.

وكانت مجموعة سيتي غروب وبنك أوف أميركا وثلاثة بنوك كبرى أخرى قد اتخذت خطوة غير معتادة باقتراض أكثر من ملياري دولار من مجلس الاحتياطي الاتحادي اول من أمس (الاربعاء) في محاولة لطمأنة الاسواق وإزالة وصمة الاضطرار للحصول على تمويل قصير الاجل من البنك المركزي.

وارتفعت الاسهم الاميركية عقب هذه الخطوة، اذ أشار هذا التحرك الى أن أسواق الائتمان المتعثرة ربما تبدأ باستعادة عافيتها. وتباينت أسهم القطاع المالي مع استمرار المخاوف بشأن سوق الرهن العقاري.

وعلى مر السنين كان اقتراض المال مباشرة من مجلس الاحتياطي علامة على الضعف، لكن بنك أوف أميركا، ودويتشه بنك الالماني، وجيه.بي. مورجان تشيس وواتشوفيا، قالت كلها انها لجأت الى هذه الخطوة من أجل النظام المالي. وقالت المؤسسات الخمس ان الفرصة متاحة أمامها للحصول على قروض أرخص من مصادر أخرى. وقال محللون ان ذلك قد يدفع بنوكا أخرى للاقتراض من البنك المركزي.

وعمدت بنوك مركزية في مختلف أنحاء العالم الى ضخ سيولة نقدية في النظام المالي العالمي بعد أن أدت خسائر جسيمة في قطاع الرهون العقارية عالية المخاطر بالولايات المتحدة الى زيادة صعوبة الحصول على ائتمانات في أسواق مختلفة.

وحاول مجلس الاحتياطي الاتحادي يوم الجمعة تهدئة المخاوف بخفض سعر الخصم الذي يقدم به قروضا مباشرة للبنوك. كما أبدى استعداده لاتخاذ خطوات أجرأ لحماية الاقتصاد الاميركي. وواصلت بورصات آسيا والمحيط الهادئ ارتفاعها لليوم الرابع على التوالي حيث أنهت أغلب بورصات المنطقة تعاملات امس بارتفاع تجاوز 2% في أعقاب مكاسب الأسهم الاميركية في تعاملات بورصة وول ستريت في نيويورك مساء اول من أمس وعودة الثقة إلى أسواق المال العالمية بشأن إمكانية احتواء ازمة خسائر قروض قطاع التمويل العقاري الأميركي.

وأرجع محللون صعود أسواق المال في الولايات المتحدة وآسيا إلى قرار بنك أوف أميركا استثمار ملياري دولار في شركة «كانتري وايد فاينانشال كورب» أكبر شركة للتمويل العقاري في الولايات المتحدة، وهو ما قلل مخاوف المستثمرين من احتمالات إشهار الشركة العملاقة إفلاسها. وقد تضررت شركة «كانتري وايد» من أزمة الخسائر المتزايدة المرتبطة بالقروض عالية المخاطر التي قدمتها مؤسسات التمويل الاميركية للقطاع العقاري.

وقد نجحت جهود إعادة بناء الثقة في أسواق المال العالمية في تهدئة المخاوف بشأن تأثير أزمة السيولة الناجمة عن أزمة قطاع التمويل العقاري على نمو الاقتصاد العالمي.

وقد أنهت الأسهم اليابانية تعاملات امس في بورصة طوكيو للأوراق المالية بارتفاع كبير بعد أن استعادت السوق الثقة مع صعود الأسهم الاميركية في تعاملات مساء أمس ببورصة وول ستريت بنيويورك.

وارتفع مؤشر نيكي القياسي بمقدار 415.68 نقطة أي بنسبة 2.6% ليصل إلى 16316.32 نقطة، في حين ارتفع مؤشر توبكس للاسهم الممتازة بمقدار 46.92 نقطة أي بنسبة 3% إلى 1591.81 نقطة.

وقد استفادت الأسهم اليابانية اليوم أيضا من تراجع الين أمام العملات الرئيسية في العالم، ما يدعم الوضع التنافسي للمنتجات اليابانية في الأسواق الخارجية.

كما واصلت الأسهم الأسترالية صعودها لليوم الخامس على التوالي حيث ارتفع مؤشر أول إورديناريز الرئيسي بنسبة 2.5% إلى 6149.7 نقطة. وقد ارتفع سعر سهم شركة بي.إتش.بي بيلتون أكبر شركة تعدين في العالم بنسبة 5.7% بعد إعلانها تحقيق أكبر أرباح في تاريخ الشركات الأسترالية. وقد واصلت الشركة تحقيق أرباح قياسية للمرة الثامنة على التوالي.

كما ارتفع مؤشر تاي إكس للأسهم التايوانية بنسبة 2.8% إلى 8732.84 نقطة. وارتفع مؤشر كوسبي للأسهم الكورية الجنوبية بنسبة 2.3% إلى 1799.72 نقطة. وارتفع مؤشر هانغ سنغ لأسهم هونغ كونغ بنسبة 2.77% إلى 22966.97 نقطة بحسب ارقام رويترز.

ومن العوامل التي ساعدت بورصة هونغ كونغ في الصعود قرار الحكومة الصينية خلال الأسبوع الحالي السماح للمستثمرين من بر الصين الرئيسي بشراء أسهم من بورصة هونغ كونغ مباشرة. ومن المتوقع أن يؤدي القرار إلى سحب جزء من السيولة النقدية من بورصتي بكين وشنغهاي بالبر الرئيسي وتحولها إلى بورصة هونغ كونغ.

في الوقت نفسه ارتفع مؤشر بورصة شنغهاي بنسبة 1.05% إلى 5032.49 نقطة رغم قرار بنك الشعب (المركزي) الصيني زيادة سعر الفائدة امس الاول (الأربعاء) للمرة الرابعة خلال العام الحالي. وارتفعت الاسهم الاوروبية في اوائل معاملات امس متشجعة بالمكاسب القوية التي حققتها الاسهم الاميركية والاسيوية خلال الليل مع استمرار موجة الانتعاش في اسواق الاسهم بعد التصحيح النزولي الاخير الناجم عن مخاوف بشأن الازمة الائتمانية.

وارتفع مؤشر يوروفرست 300 الرئيسي لأسهم الشركات الكبرى في أوروبا 1.1 في المائة الى 1521.59 نقطة ليواصل الارتفاع لخامس جلسة على التوالي.

ومرة اخرى قادت شركات التعدين الاسهم الصاعدة وارتفع سهم انجلو اميركان 2.7 في المائة وزاد سهم ريو تنتو 2.6 في المائة. وارتفع سهم شركة الاسمنت السويسرية هولسيم نحو ثلاثة بالمائة بعد أن أعلنت أرباحا قوية.

وساهم قرار بنك اوف اميركا كورب بضخ ملياري دولار في مؤسسة كانتروايد فاينانشيال كورب في تهدئة مخاوف السوق من الاثار المحتملة لمشاكل سوق القروض العقارية عالية المخاطر في الولايات المتحدة.

وقال متعاملون إن الانباء ساعدت في انتعاش أسهم مؤسسات مالية تضررت أخيرا مثل بنك نورذيرن روك البريطاني للرهن العقاري الذي ارتفع سهمه نحو خمسة بالمائة متشجعا ايضا بالحديث عن عرض شراء. وعلى صعيد اسواق الصرف واصل الدولار الاميركي واليورو الاوروبي ارتفاعهما مقابل العملة اليابانية فارتفعا نحو واحد في المائة الى 116.50 ين و158.10 ين على الترتيب. كما ارتفع الدولاران الاسترالي والنيوزيلندي بما يصل الى اثنين في المائة مقابل العملة اليابانية وبأكثر من واحد في المائة مقابل الدولار الاميركي. وقفز الجنيه الاسترليني أيضا ليعاود الارتفاع عن مستوى دولارين للمرة الاولى منذ أسبوع. ولم يتفق المتعاملون على سبب محدد للتحركات الاخيرة في أسعار الصرف رغم أنهم اتفقوا أن تحسن درجة الهدوء في الاسواق المالية عموما يغذي الطلب على العملات ذات العائد المرتفع.

وقال بعض المتعاملين ان قيام البنك المركزي الاوروبي بضخ نحو 40 مليار يورو في النظام المصرفي عن طريق عملياته لاجل ثلاثة أشهر في سوق النقد ساهم في تخفيف حدة المخاوف من أزمة سيولة.