الأسواق العربية تنظر بـ«خوف» إلى تدفق المنتجات الصينية إليها من دون رقابة

إثر سحب منتجات رديئة من أميركا وأوروبا

سحبت الولايات المتحدة ودول أوروبية وأخرى من بينها السعودية منتجات مصنعة في الصين نتيجة لخطورتها على الصحة (إ.ب.أ)
TT

تتابع الاسواق العربية هذه الايام التطورات الدرامية لقرار شركة ماتيل الاميركية سحب ملايين لعب الاطفال التي تصنعها في الصين من الولايات المتحدة بسبب خطرها على صحة الاطفال لاحتوائها على مواد سامة. وفيما توفد الصين مسؤولين الى الولايات المتحدة قريبا لمناقشة الازمة وقطعها وعودا بتحسين مستويات الرقابة على المصانع في بلادها، تغرق الاسواق العربية في ظلام دامس حول معايير جودة المنتجات القادمة من الصين وسلامتها على صحتهم وصحة اطفالهم لغياب دور فعال لأجهزة الرقابة العربية واعتمادها على رد الفعل بدلا من المبادرة. وتجاوز حجم التبادل التجاري بين الصين والعالم العربي عام 2006 الـ 65 مليار دولار فيما تشير توقعات الى ان هذا التبادل سيصل عام 2010 الى 100 مليار دولار.

وتحصل الصين حاليا على 8% من وارداتها النفطية من الشرق الاوسط وفق ارقام معهد ابحاث الأمن العالمي في واشنطن. ويرافق تنامي العلاقات التجارية بين الجانبين تدفق سيل من المنتجات الصينية الرخيصة الى الاسواق العربية وسط رقابة ضعيفة على جودتها. وسحبت ماتيل كبرى شركات لعب الاطفال الاميركية في وقت سابق من الشهر الحالي 18.2 مليون لعبة عالميا منها 9.5 مليون في الولايات المتحدة. وجرى سحب اللعب بسبب مخاطر مغناطيسات صغيرة قوية وطلاء يحتوي على نسب عالية من الرصاص. ونادرا ما تلجأ السلطات في المنطقة الى سحب منتجات صينية مخالفة او تشكل خطرا على الصحة العامة.

وتعاني جمعيات حماية المستهلك في معظم الدول العربية من ضعف سلطاتها وامكانياتها في ظل غياب ثقافة التوعية الاستهلاكية. ومقارنة مع الاسواق المتقدمة لا تتوفر في الدول العربية قوائم وتقارير عن المنتجات غير الآمنة والتي يفترض سحبها ومنعها من الأسواق.

وانتقد ناشط كويتي في وقت سابق قلة المختبرات في بلاده لفحص المواد الغذائية المستوردة من الصين وغيرها اثر تردد تقارير غربية عن وجود مواد غذائية معدلة وراثيا وتحتوي على مواد مسرطنة.

وتساءل أمين سر اتحاد الجمعيات التعاونية الكويتي أحمد البغيلي قائلا: إلى متى ستظل المواد المسرطنة والمحورة وراثيا شبح يؤرق جموع المستهلكين بالأسواق التعاونية الكويتية؟ وهل تثق بكلام الأوروبيين بوجود منتجات صينية مسرطنة بالاسواق الكويتية أم نصدق أنفسنا وتحدث كوارث بشرية؟ وقال معلق سعودي ان نوعية رديئة من العاب الأطفال تنتشر في أسواق المملكة تمثل خطورة على سلامتهم وصحتهم، ويتنوع هذا التهديد من خطورة الإصابة بالاختناق أو الصدمة أو استخدام مواد محظورة في صناعتها إلى ما قد تسببه من إصابات، إضافة إلى سرعة تلفها. وغالباً ما تنتشر هذه الألعاب في معارض الكماليات وما يسمى بمحلات «أبو ريالين» وكذلك معارض الألعاب، ولا يخفى على الجميع أن معظمها يأتي من الصين. وتساءل عبد الرحمن القحطاني خبير تعزيز الصحة في مقال عن كيفية دخول مثل تلك النوعيات الرديئة من الألعاب لأسواقنا وانتشارها بهذه الصورة المقلقة للغاية قائلا: أين المواصفات والمقاييس السعودية؟ أين وزارة التجارة في حظر هذه المنتجات؟ وهل تحركت لاتخاذ أي إجراء سابقاً، في ظل وجود هذه الألعاب منذ سنوات عدة؟ وإلى متى ستظل تلك الألعاب تهدد سلامة وحياة أبنائنا؟ وجرت عمليات سحب واسعة النطاق لمنتجات صينية خطرة على الصحة العامة من الاسواق العربية في مرات نادرة. ففي عام 2001 سحبت الدول الخليجية منتجات صويا مصنوعة في الصين ودول آسيوية أخرى لاحتوائها على نسب عالية من مادة مسببة للسرطان.

وأعلنت الحكومة السعودية الاسبوع الماضي عن سحب 7 أنواع من معاجين الأسنان الصينية المعروضة في متاجر المملكة، بعد أن تبين احتوائها على مواد كيماوية سامة.

وأظهرت الاختبارات التي أجرتها وزارة التجارة والصناعة على المنتجات وجود آثار مادة «دايثيلين جلايكول»، التي تستخدم في المبردات والمذيبات، لكنها شديدة السمية، لدرجة تحول دون استخدامها في الأطعمة والأدوية.

وأبدى العديد من المستهلكين في الامارات خشيتهم من وجود مركبات كيماوية سامة في المنتجات الصينية، وخاصة بعدما تعرضت العديد من الحيوانات الأليفة في الولايات المتحدة لعوارض صحية إثر تناولها طعام حيوانات ملوث من إنتاج الصين.

وطالب مقيم في دبي بتوفير تقنيات وتجهيزات اكثر وأحدث تطورا لتعزيز الرقابة على جودة المنتجات المستوردة من الخارج والاهم من تدريب العاملين في هذا المجال بصورة اكثر صرامة.

وقد بلغت حصة الصناعة الصينية من المواد التي طلبت هيئة حماية المستهلك الأميركية سحبها خلال العام الجاري أكثر من 60 في المائة، فيما ردت بكين بأنها تقوم بجهود كبيرة لضبط عمليات التصنيع التي تجري في آلاف المصانع والورش المنتشرة في البلاد.

كما كانت الصين في عام 2006 مسؤولة عن نحو نصف 924 منتجا تحتوي على عيوب أبلغ عنها نظام حماية المستهلكين الأوروبي. كما سحبت السلطات الأميركية قبل أيام 450 ألف إطار من صنع الصين بعدما ثبت أنها تفتقر إلى أحد مكونات السلامة التي تمنع تمزق عجلات السيارة أثناء السير، كما رصدت كميات من الطحين الممزوج بمادة الميلامين الذي تم تقديمه إلى المستهلكين على أنه بروتين.

واتهمت السلطات الصينية وسائل الإعلام بـ«تضخيم القضية»، مؤكدة أنها قامت خلال الفترة الماضية بإقفال أكثر من 180 مصنعاً للمواد الغذائية بعدما تم رصد وجود مركبات كيماوية ضارة في منتجاتها.

الا ان الصين القلقة من تنامي مشاعر العداء لمنتجاتها في العالم تدافع باستماتة لتوضيح موقفها حيث قال ماي شنيو الباحث فى اكاديمية البحوث التابعة لوزارة التجارة الصينية في موقع الوزارة الالكتروني ان صادرات الصين وخاصة ما يتعلق بسلامة المواد الغذائية الصينية ليس اسوأ من وضع نظيراتها الاجنبية بل انها افضل منها في بعض الاحيان. وقال انه خلال الفترة من عامي 2004 و2006، وصل معدل القبول لصادرات الصين من المواد الغذائية الى الولايات المتحدة الى 99 بالمائة و99 بالمائة و99.2 بالمائة على التوالي.

ووصل معدل القبول لصادرات الولايات المتحدة من المواد الغذائية الى الصين الى 99.01 بالمائة و98.85 بالمائة و99.09 بالمائة على التوالي في ذات الفترة.

وفي نفس الفترة، وصل معدل القبول لصادرات الصين من المواد الغذائية الى اليابان والاتحاد الاوروبي الى 99.8 بالمائة و99.9 بالمائة و99.9 بالمائة على التوالي خلال السنوات الثلاث الأخيرة.