مسؤول اقتصادي: من «السابق لأوانه» القول إن أزمة الأسواق العالمية قد انتهت

مع توقعات أن يسود الحذر خلال الأيام المقبلة وسط موسم الإجازات

جانب من تداولات وول ستريت في نيويورك («الشرق الاوسط»)
TT

اعتبر رئيس البنك المركزي البرازيلي هنريك ميريل ان من «السابق لأوانه» القول ان الازمة المالية التي اصابت الاسواق العالمية قد انتهت على رغم الانتعاش في الايام الاخيرة.

واضاف ميريل في تصريح صحافي اول من امس ان البنك المركزي لم «يتلق حتى الآن مؤشرات عن انحسار الازمة في الولايات المتحدة».

وقال «ان من المفترض حصول بعض التباطؤ في الاقتصاد الاميركي، لكن الى اي مدى، هذا يبقى موضع نقاش». واعتبر انه اذا كان هذا الانحسار قويا جدا، وهذا من المبكر جدا تأكيده، «فانه سيشمل كافة البلدان».

ولم يعلق ميريل على احتمال خفض نسبة الفائدة في الولايات المتحدة، لكنه قال ان «البنك الفيدرالي الاميركي مستعد للتدخل».

لكن صحيفة «الفايننشال تايمز» أكدت في عددها الصادر امس ان المحللين والمستثمرين يتوقعون ان يسود الهدوء الاسواق المالية العالمية على مدى الايام القليلة المقبلة. وقال مسؤول بنكي كبير رافضا الافصاح عن اسمه للصحيفة «الاسبوع المقبل لن يتأثر بالاساسيات الاقتصادية او العوامل الفنية.. مديرو الاقسام وصانعو القرارات في البنوك جميعهم في اجازة».

واوضحت الصحيفة ان القرارات الكبيرة المتعلقة بالاستثمار او الائتمان مجمدة في الوقت الراهن، مبينة ان هذا الامر يعني ان الاسواق لن تشهد حركة كبيرة خصوصا في اوروبا حيث يذهب البنكيون عادة في اجازات طويلة خلال شهر اغسطس (اب).

وحتى في الولايات المتحدة، فان معظم الوحدات الاقتصادية لا تعمل بكامل طاقتها، الا بعد انتهاء عطلة عيد العمال الاميركية التي تصادف يوم الاثنين الثالث من سبتمبر (ايول) المقبل. بالتالي فان القرارات المهمة في الاسواق لن تتخذ حتى الشهر المقبل.

وفي هذا السياق، سجلت وول ستريت والبورصات الاوروبية ارتفاعا مع ختام تعاملات الاسبوع بعد ارقام طمأنت المستثمرين لجهة تأثير ازمة القروض العقارية في الولايات المتحدة، لكن الاسواق المالية الاسيوية لم تلحق بركابها.

وقد اقفلت بورصة نيويورك على ارتفاع ملحوظ اول من امس الجمعة بعد افتتاح الجلسة بانخفاض طفيف. وتقدم مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1.08 % ليصل الى 13378.87 نقطة ومؤشر ناسداك بنسبة 1.38% ليصل الى 2576.69 نقطة.

وباستثناء فرانكفورت، سجلت البورصات الاوروبية الرئيسية بدورها ارتفاعا عند الاقفال على اثر التحسن الذي سجلته وول ستريت. ففي باريس اقفل مؤشر كاك 40 على ارتفاع بنسبة 0.83% ومحا الخسائر المسجلة منذ بداية العام فيما كسبت بورصة لندن 0.37% في ختام جلسة متذبذبة.

وفي بروكسل، اقفل مؤشر بيل-20 على ارتفاع بنسبة 0.98% فيما تقدم مؤشر ايه اي اكس في امستردام بنسبة 0.65% وبورصة سويسرا 0.43% وميلانو اس بي/ميب 0.62% ومدريد ايبيكس 35 بنسبة 0.29% ولشبونة بي اس اي 0.26%.

في المقابل، سجل مؤشر داكس في فرنكفورت تراجعا طفيفا بنسبة 0.06% فيما يتنامى القلق بشأن تأثير الازمة العقارية الاميركية على المصارف الالمانية.

وبحسب الصحافة، فان البنك العام ساشن ال بي انقذ في اللحظة الاخيرة من قبل المساهمين فيه، وهي معلومة تلقي بظلالها على اسهم المؤسسات المالية الكبرى في فرنكفورت مثل اليانتس او كومرستسبنك.

ومما ساعد البورصات الاميركية والاوروبية الاعلان عن ارتفاع مبيعات المساكن الجديدة في الولايات المتحدة بنسبة 2.8% لتبلغ 870 الف وحدة سكنية بدلا من 825 الف وحدة متوقعة من قبل المحللين.

وتخشى الاسواق ارقاما اقل من التوقعات التي دعمت فكرة حصول تدهور سريع لسوق العقارات الاميركية مع خطر انتقال العدوى الى الاقتصاد الاميركي برمته وحتى العالمي. ووقع الازمة المالية الاخيرة على «الاقتصاد الحقيقي» اصبح من المواضيع الرئيسية المثيرة للتساؤل لدى المستثمرين.

وراى رينيه ديفوسيه المكلف الشؤون الاستراتيجية لدى مؤسسة ايكسيس سيه اي بيه في باريس «ان الاقتصاد الاميركي لم يمت. وذلك يذهب في اتجاه ان الازمة مالية لكنها ليست عامة».

لكن الحذر يبقى سيد الموقف، خصوصا ان مدى تأثر المؤسسات المالية بالقروض الاميركية التي تنطوي على مجازفة ما زال مجهولا. وظهرت مخاوف جديدة بشأن سوق الاسكان في الولايات المتحدة، عندما قال انجلو موزيلو الرئيس التنفيذي لشركة «كانتريوايد فاينانشال» أمس الخميس، إن ركود سوق الاسكان قد يدفع الاقتصاد الأميركي الى الكساد.

لكن بيانات ايجابية وغير متوقعة لقطاع المساكن في الولايات المتحدة ساهم في انعاش الاسواق وتهدئة المخاوف. وقالت وزارة التجارة الأميركية في تقرير، إن مبيعات المساكن الجديدة، سجلت زيادة بلغت 1.8 في المائة الي معدل سنوي للمبيعات قدره 870 ألفا في يوليو (تموز) بعد تراجعها في الشهرين السابقين.

وكانت البورصات الاسيوية قد اقفلت من جهتها على تراجع معتدل باستثناء شنغهاي. ففي طوكيو التي تعد السوق المالية الثانية في العالم خسر مؤشر نيكاي 0.41 %. وفي هونغ كونغ تراجع مؤشر هانغ سنغ بنسبة 0.19% بعد اسبوع جيد سجل خلاله ارتفاعا بمعدل زاد عن 12% بفضل سلسلة من النتائج الجيدة للشركات.

وفي شنغهاي، قفز المؤشر المركب بنسبة 1.49 مسجلا رقما قياسيا جديدا بفضل تفاؤل المستثمرين في ما يتعلق بالشركات الصينية. وهذا دليل جديد على ان السوق المالية الصينية لا تتأثر كثيرا باضطرابات الاسواق العالمية.

وعلق بول شولت المسؤول عن الشؤون الاستراتيجية لدى مؤسسة ليمان برازرس «ان وضع الصين جيد للغاية لدرجة تسعى معها الى ارساء سقف لاسعار الاصول. خلافا للولايات المتحدة التي تحاول ايجاد السعر الادنى».

واخيرا سجلت البورصات في اميركا اللاتينية هي ايضا ارتفاعا. وكسبت بورصة بوينس ايريس 2.11% (مقابل 7.90% على مدى اسبوع) وبورصة مكسيكو 1.97% فيما تقدمت بورصة ساو باولو بمعدل 2.22%. وعلى صعيد اسواق الصرف العالمية فقد تالق الجنيه الاسترليني حيث حقق اكبر مكاسبه امام الدولار الاميركي منذ شهر يناير (كانون الاول) مع ختام تعاملات الاسبوع اول من امس.

وعزا المراقبون هذا الانتعاش في العملة البريطانية الى توقعات السوق ان يقدم بنك انجلترا (البنك المركزي) الى رفع اسعار الفائدة، وفي المقابل، ان يقوم مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي) الاميركي بتخفيضها.

كما ارتفع الجنيه الاسترليني امام الين محققا بذلك اكبر مكاسبه امام العملة اليابانية بعد اتجاه المستثمرين الى العملات مرتفعة العائد حيث سجل الجنيه 2.0095 مقابل الدولار، وهو اول ارتفاع له فوق حاجز الدولارين منذ 17 اغسطس (آب) الحالي.

كما قفزت العملة البريطانية مقابل الين بنحو 3 في المائة الى 232.96 ين من 226.57 ين مع نهاية الاسبوع السابق. وارتفع الجنيه اما اليورو الى 67.87 بنس من 68.01 بنس بحسب الارقام التي اوردها موقع بلومبيرغ المالي.

وتراجع الدولار الى ادنى مستوياته أمام العملة الاوروبية الموحدة (اليورو) منذ شهر مارس (اذار) الماضي وسط تراجع المخاوف من ان ضعف قطاع المساكن في اميركا قد يدفع الاقتصاد العالمي الى التباطؤ.

الى ذلك، سجل الين الياباني اكبر تراجع له امام اليورو منذ عام 2003 مع توجه المستثمرين الى العملات مرتفعة العائد وتراجع الدولار بنحو 1.5 في المائة امام اليورو الى 1.3675، وهو اكبر هبوط له منذ منتصف شهر مارس (اذار)، لكن الدولار صعد امام الين بنحو 1.8 في المائة الى 116.44 ين.