مطاعم المطارات.. استثمار مربح وسط بيئة تجارية متقلبة

لا تشتهر بطعامها اللذيذ لكنها تستفيد من تدفق المسافرين

رغم انتشار المطاعم في المطارات إلا أن هناك شكاوى متكررة من ارتفاع الأسعار («الشرق الأوسط»)
TT

المطارات واجهة حضارية، لذا تحرص الحكومات على أن تكون أول معلم حضاري يرضي ذائقة المسافر منذ أن تطأ قدميه ترابها. إلا أن الحفاظ على درجة عالية من الجودة المميزة لمرافق أي مطار وجعل أسعار خدماته في حيز المعقول هو أمر في غاية الصعوبة ولا يمكن تحقيقه لمجرد كون المطار كبيرا أو هاما. وأكبر الأمثلة على ذلك هجوم وسائل الإعلام البريطانية المستمر على الخدمات المقدمة في أحد أهم المطارات العالمية وهو مطار هيثرو بلندن. ولعل من أصعب المشكلات التي تواجه المسؤولين عن الحفاظ على جودة أداء مرافق المطارات بحسب مسؤول مختص بأحد المطارات السعودية هو ضبط الجودة في مطاعم المطارات بشكل خاص، وهو الأمر الذي يعتبره معركة يومية تقوم بها إدارة المطار إلى جانب المستثمرين المشغلين لهذه المطاعم.

هذه الصعوبة هي التي دفعت إدارات المطارات في كثير من الدول إلى فتح مجال الاستثمار فيها للمتخصصين وأصحاب القدرة المادية وذلك من خلال تدشين أسواق حرة أو محلات تجارية يمكن أن تلبي رغبات بعض المسافرين إضافة إلى افتتاح مطاعم عالمية ومحلية تضخ من خلالها ملايين الدولارات. ورغم أن الاستثمار في هذه المطاعم قد يكون مربحاً من الوجهة النظرية نتيجة للأعداد الكبيرة التي تستخدم المطارات بشكل مستمر. إلا أن مستثمرين يصفون هذه الفرص التجارية بأنها متقلبة ومختلفة من مطار إلى آخر. كما يشيرون إلى ارتفاع المزايدات التي يحصلون من خلالها على حق تشغيل المرافق في المطارات والتي تستقطع جزءا كبيرا من أرباحهم.

وذكروا بأنهم يلجأون إلى إضافة هوامش ربح تختلف بحسب المستثمر ومقدار المنافسة التي يعاني منها في المطار، ففي حين يتم إضافة 10 في المائة للأسعار في بعض المطارات ترتفع النسبة المضافة في مطارات أخرى إلى أكثر من 200 في المائة.

هذه القيم المضافة بحسب المستثمرين، هي التي تؤثر على هامش الربح وهي السبب المباشر وراء ارتفاع أسعار بعض المطاعم وانخفاض البعض الآخر، فعلى سبيل المثال برغم أن الأسعار في بعض المطارات الدولية السعودية مرتفعة بعض الشيء مقارنة بأسعار المطاعم داخل المدن. إلا أن أسعار الوجبات في مطاعم مطار دبي لا تختلف كثيرا عن الأسعار في المطاعم المماثلة لها أو التي تحمل ذات الاسم داخل المدينة. حيث يشير صاحب أحد المطاعم في مطار دبي إلى أن منافذ المأكولات في المطار ترضى بهوامش أرباح أقل من المتوقع لاعتمادها على حركة المسافرين الضخمة، والتي تضمن لها تدفقات نقدية متواصلة على مدار الساعة وبالتالي تحقيق مبيعات أكبر. ومن جانب آخر فإن آلية التشغيل تلعب هي الأخرى دوراً هاماً في مدى جودة الخدمات، وعلى هذا الأساس فإن مطاراً كمطار الملك خالد الدولي في العاصمة السعودية الرياض، وهو يعتبر أحد أكبر المطارات في العالم، لا تختلف الكيفية التي تدار بها مطاعمه عن تلك التي تدار بها بقية المطاعم في المطارات السعودية الأقل حجماً، بحسب ما أوضحه المهندس سعد الطاسان مدير عام مطار الملك خالد الدولي.

يقول الطاسان «تطرح مرافق المطارات في مزادات علنية يتم تحديد حد أدنى للمزايدة فيها بحسب التعرفة التي يطرحها الطيران المدني، ويتم منح التراخيص والعقود للشركات والمستثمرين الذين يقدمون أعلى الأسعار لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد».

ويتابع «هناك شروط لتشغيل المطاعم والمحلات، كما أن هناك رقابة على تنفيذ بنود العقود سواء من حيث نوعية الخدمات المقدمة، والأسعار، والجودة». ويضيف «الجهة المسؤولة عن متابعة أداء المطاعم هي إدارة التنمية التجارية والممتلكات، إضافة إلى رقابة إدارة الخدمات الصحية على نظافة الأطعمة المقدمة ومدى ملائمتها صحياً، في حين تقوم إدارة السلامة بمراجعة التجهيزات والإعدادات في المكان والتأكد من ملائمتها».

ويؤكد الطاسان على اهتمام إدارة المطار بقياس الجودة وتطوير الأداء بشكل تام من خلال إحصائية تنفذها إدارة مطار الملك خالد الدولي لقياس مدى رضا رواد مطاعم المطار عن خدماته والخدمات الأخرى التي تقدمها المرافق في المطار. وهو يقول إن الإحصاءات تشير إلى رضا نسبي عن أداء المطار.

وإذا كان هذا الحال في مطار الملك خالد الدولي، فإن مسؤولاً آثر عدم ذكر اسمه بمطار الملك عبد العزيز الدولي، وهو أحد أهم المطارات السعودية وأكثرها استقبالا للمسافرين طوال العام، أكد بأن التوجيهات الأخيرة لرئيس هيئة الطيران المدني تجعل من الارتقاء بمستوى الخدمات وجعلها تنافسية على المستوى الإقليمي والدولي، هدفاً رئيسياً لكافة الإدارات.

وأضاف المسؤول في مطار الملك عبد العزيز الذي يعتبر أحد أكثر المطارات التي تواجه شكاوى فيما يتعلق بمطاعمها ومرافقها، بأن هناك توجه لأن تعمل إدارة المطار مع المستثمرين كشركاء وليس كمؤجرين فقط لتحقيق ذلك الهدف.

وأشار إلى أن «أي عروض تجارية منافسة ستطور المطاعم أو أي مرافق أخرى ستكون موضع ترحيب من إدارة المطار بلا شك، لأن المهم بالنسبة لنا هو تحسين وتطوير الخدمة وليس التمسك بشركة معينة».

من جانبه تستدعي تجربة أشرف مكاوي (36 عاماً)، وهو موظف يضطره عمله إلى السفر بشكل أسبوعي تقريباً بين جدة والرياض ودبي، عقد مقارنة سريعة بين هذه مرافق هذه المطارات بشكل آلي عند استطلاع رأيه بشأن الخدمات المقدمة في مطارات السعودية.

ويرى مكاوي بأن هناك حاجة فعلية لتطوير الخدمات وإتاحة المزيد من الفرص الاستثمارية بالنسبة لقطاع المطاعم في مطارات السعودية بشكل خاص، وفتح صالة كبرى للطعام يتم تأجيرها لسلاسل المطاعم العالمية الشهيرة. وبالعودة إلى المطاعم المنتشرة في أرجاء مطار دبي الدولي الذي يطل على مسافريه بفخامة وأبهة لا نظير لهما في المنطقة وصالة ضخمة تحوي عشرات المطاعم والمقاهي التي تعكس بتنوعها عالمية المدينة ومطارها الذي يستهدف التعامل مع 70 مليون مسافر في غضون سنوات قليلة، فقد رصدت «الشرق الاوسط» وجود اكثر من 25 مطعما ومقهى في مباني المطار تقدم ما يتراوح بين المأكولات السريعة إلى الوجبات الفاخرة، إذ يقدر حجم مبيعات المطاعم والمقاهي بمطار دبي بحوالي 90 مليون درهم (25 مليون دولار) سنويا وفق تقديرات متحفظة حيث لا توجد ارقام رسمية حول مبيعاتها.

وتتميز منافذ المأكولات في مطار دبي بتنوعها العالمي خاصة ان مطار دبي اصبح بوابة عالمية لمسافرين من مختلف انحاء العالم. ووفقا لمسافرين فإن تنوع المطاعم في المطار يعتبر من المزايا التي تفتقر اليها كثير من المطارات العالمية الأخرى. وفي نيويورك، لا تشتهر المطارات بطعام لذيذ المذاق، ولكن مع ازدياد حجم قطاع السفر وسعي المطارات لتمييز أنفسها، بدأ الطعام والشراب في المطارات يتنوعان، وفقا لما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية واسعة الانتشار.