مصر تتجه إلى فصل نشاط نقل الكهرباء عن الإنتاج والتوزيع

لضمان دخول القطاع الخاص في مشاريع الطاقة وسط التزام حكومي بتسديد فرق التكلفة

القانون الجديد أبقى على شبكة النقل القومية في قبضة الدولة («الشرق الأوسط»)
TT

انتهت الحكومة المصرية من إعداد تشريع جديد ينظم العمل في قطاع الكهرباء ويضع نهاية لسيطرة الحكومة على قطاعي النقل والإنتاج والتوزيع، وتتجه النية حاليا إلى فصل قطاع النقل الذي يدير الشبكة الموحدة عن ملكية الشركة القابضة لكهرباء مصر لضمان فتح الاستثمارات أمام القطاع الخاص المحلي والاجنبي.

وبحسب التشريع الجديد الذي يجرى حاليا ضبط مواده في صيغتها النهائية تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء، ليقدمه بدوره إلى البرلمان لإقراره خلال دورته القادمة، فإن الحكومة المصرية تتجه لإعطاء سلطات واسعة لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك في إقرار التعريفة الاقتصادية للكهرباء وتقديمها إلى الحكومة للنظر في تطبيقها.

وقال الدكتور حافظ السلماوي مدير الجهاز لـ«الشرق الأوسط» إن الجهاز سيقر التعريفة التي يراها تتماشى مع الأسس الاقتصادية ولكن لن تكون له سلطة في تطبيقها على الجمهور، موضحاً أن ذلك سيخضع لسلطة الحكومة.

ولفت السلماوي إلى أن الحكومة التزمت بتسديد فرق التكلفة لقطاع الكهرباء فيما لو باعت الكهرباء للمستهلكين بالاسعار المدعمة، وأشار السلماوي إلى أن القانون الجديد أبقى على شبكة النقل القومية في قبضة الدولة، مبينا ان الشبكة سيديرها «المشغل المستقل» الذي سيقوم بادارة سوق الكهرباء بما يحويه من جوانب فنية وجوانب تعاقدية، وحدد القانون 11 مادة لدور المشغل المستقل وبناء على القانون ستجرى إعادة هيكلة فنية وإدارية للشركة المصرية للنقل الحالية بحيث تكون قادرة على الالتزام بكل متطلبات القانون والوفاء بالتزاماتها، موضحاً أنه ستتم الاستعانة بخبرات أجنبية في البداية حتى لا تحدث ارتباكات في تطبيق التجربة.

وسمح القانون بوجود ما يسمى موزع الكهرباء المعتمد فيما يشبه تاجر الجملة حيث تم فتح الباب لأية جهة كي تقوم بشراء الكهرباء من المنتجين وإعادة توزيعها على المستهلكين النهائيين من دون تحديد منطقة جغرافية معينة وفتح القانون الباب أمام القطاع الخاص الأجنبي والمحلي للدخول في توليد الطاقات الجديدة والمتجددة لأول مرة للمساهمة في خطة الدولة التي تستهدف الوصول بنسبة 20 % من الطاقة المولدة عام 2020 من هذه المصادر حيث وضع القانون آليات للتنفيذ وتشجيع المستثمرين.

كما وضع القانون نظامين لطرح هذه المشاريع على القطاع الخاص، النظام الأول الذي سيمثل المرحلة الأولى في التطبيق سيكون من خلال طرح مناقصات تنافسية على المستثمرين وسيكون الفائز بالمشروع هو من سيبيع الكهرباء إلى المشغل الحكومي، بأقل سعر وحسب المواصفات الفنية المطلوبة، أما المرحلة الثانية ستقوم الحكومة بتحديد ما يسمى «بالتعريفة المميزة»، وطرحها على من يرغب في تنفيذ هذه المشاريع بالتعريفة التي حددتها الحكومة.

وأوضح مدير الجهاز أن الدولة ستقوم بتسديد فارق تكلفة انتاج الكيلووات ساعة من هذه المصادر مضافا إليه هامش ربح فيما لو باع المستثمر الكهرباء إلى المشغل الحكومي الذي يحصل على الطاقة من شركات الكهرباء الحكومية والذي تعتبره الدولة هو الأقل دخلا، وفيما لو باع المستثمر الكهرباء إلى «المستهلك الحر» كصاحب قرية سياحية مثلا فإن دور مشغل الشبكة سيكون تنفيذ العقود الثنائية الموقعة بين المستثمرين والمستهلكين الأحرار حسب التعريفة المتفق عليها بينهما من دون تدخل من الحكومة في تحديدها.

وسمح القانون لشركات الكهرباء الحكومية بتشجيع «التوليد المشترك» بينها وبين المستهلكين بحيث إذا كان لدى صاحب مصنع مثلا وحدة توليد كهرباء ولديه فائض عن حاجته فمن حق شركة الكهرباء التفاوض معه لشراء الفائض أو بيع الكهرباء إليه في حالة احتياجه للشبكة الحكومية.

وخص القانون جهاز مرفق الكهرباء، وحماية المستهلك في تحديد تعريفة البيع بين الطرفين، وكذلك سمح القانون في هذا الاطار بمشاركة المستهلكين الصناعيين في استغلال البخار الفاقد الناتج عن الغلايات بالمصانع في إعادة استخدامه مرة أخرى لإنتاج الكهرباء للوصول إلى أقصى كفاءة للطاقة.

وفي إطار ترشيد الطاقة وتقليل الاستثمارات الحكومية في إقامة محطات جديدة سمح القانون لشركات توزيع الكهرباء الحكومية أن تقدم خدمات للمستهلكين غير بيع المنتج بهدف تخفيض الأحمال، وإعادة توزيعها وترشيد الطاقة والزم القانون في بداية كل عام الشركات بوضع خطط لهذه الأنشطة، ومحاسبتها في نهاية العام على ما أنجزته.

وفيما يتعلق بمنع الاحتكار فقد سمح القانون الجديد لأية جهة منتجة باستعمال شبكة الغير وتأجيرها مقابل رسوم، وأعطى القانون الحق للمستهلك النهائي بالحصول على الخدمة من أية جهة يريدها سواء جهة حكومية أو جهة خاصة من دون إلزامه أو الضغط عليه بالتعاقد مع جهة معينة، وذلك لتوفير نوع من التنافسية بين المنتجين والموزعين، على أن يقوم جهاز مرفق الكهرباء لضبط إيقاع السوق والرقابة ووقف الممارسات الضارة بالمنافسة ومواجهة التكتلات والتحالفات التي يمكن أن تحدث مستقبلا.

وحدد القانون حزمة من العقوبات حسب نوع المخالفة من جانب أطراف الجهاز وهم المرخص لهم من الجهاز بممارسة الأنشطة سواء في الانتاج أو التوزيع.

وتبدأ العقوبات من الانذار إلى الغرامات المالية إلى الوقف المؤقت للتراخيص «الضغط على المالك بتغيير الإدارة مثلا من دون وقف الخدمة أو دخول طرف آخر منافس»، وصولا إلى أقصى عقوبة بإلغاء الترخيص نهائيا.

وبالنسبة للنزاعات بين المستهلكين وأطراف الجهاز فإن القانون سمح للمستهلك باللجوء إلى القضاء وتقديم شكوى إلى الجهاز إذا أراد وحدد القانون عقوبات لجرائم سرقات الكهرباء ومهمات الشبكة والإضرار بالمنشآت الكهربائية.