ماذا عن أحوال التوظيف بشركات العائلات؟

سـعود الأحمد

TT

أود أن أطرح سؤالا عن أحوال التوظيف بالشركات العائلية السعودية كيف يتم؟ وأقصد هنا (بالتحديد) الشركات التي تحولت خلال العقدين الماضيين إلى شركات مساهمة.

فبعد أن طال الحديث وقصر عن التأثير السلبي لعمليات طرح بعض الشركات الجديدة على سوق الأسهم، آخذين بالاعتبار المرحلة التي نعيشها، وما تتضمنه من تحول دراماتيكي... وما يعيشه الاقتصاد العالمي من إعادة تشكيل مراكز القوى التأثيرية فيه. ولأننا جزء من هذا العالم، وعلى أبواب ممارسة دورنا الذي يتطلبه دخولنا بمنظمة التجارة العالمية (إن صح لنا ذلك) ولو بالانفتاح الاقتصادي الكامل على العالم. وما نعلمه من تبعيات ذلك والواقع الذي سيفرض نفسه لعرض ملكية أسهم شركاتنا في الأسواق العالمية، وهمومنا حول مدى جاهزية شركاتنا للمنافسة العالمية المقبلة... ونحن ندرك أن الوقت قد آن.

ومن هنا وجب علينا تشخيص الحالة جيداً... فالواقع المشاهد في العديد من شركاتنا المساهمة، أن هناك بضعة أفراد من كبار بعض الأسر (وربما شخص واحد فقط) يتحكمون في كامل القرارات المصيرية لهذه الشركات، لاعتبارات مثل كبر حجم ممتلكاته أو قوة اسمه في السوق أو لفضائله السابقة في تكوين هذه الشركة، وعلى بعض النافذين فيها. وأحياناً يكون السبب كونه أكثر الشركاء المؤسسين وقتاً متاحاً لمتابعة مصالح الشركة. كل هذه الاعتبارات كان يجب أن تتحرر منها الشركات بمجرد طرحها للاكتتاب العام. لكن الواقع أن تسود الأقلية ذات الشخصية الاعتبارية والملكية الغالبة! لتأتي على حساب المجتمع والسوق الاقتصادية، آخذين بعين الاعتبار أن هذه الشركة تشترك في تحريك مؤشرات السوق الدالة على متانة الاقتصاد المحلي من عدمه.

وواقع الحال أن هناك تفاوتا فاحشا بين رواتب العاملين المتساويين في المؤهلات والخبرات ببعض الشركات المساهمة! بل قد نجد صاحب خبرة طويلة وشهادة وتخصص أقرب إلى مجال عمل الشركة، ومع هذا راتبه لا يصل لنصف راتب موظف آخر يرأسه بمجال تخصص بعيد عن مؤهلاته وخبراته، لمجرد أنه أحد أبناء رئيس أو عضو مجلس الإدارة أو محسوب على بعض النافذين بهذه الشركة. ناهيك من بعض القرارات التعسفية في التعيين وإنهاء الخدمات التي تتخذ في بعض الحالات بطريقة مهينة بحق البعض من الموظفين، مما لا يشم فيها رائحة العدالة.

وأهم من ذلك أن مثل هذه السيطرة تؤثر سلباً على مستوى الإنتاجية، حيث تسمح الظروف لبعض أولاد الذوات أن يستعبدوا الآخرين بفعل نفوذهم أو نفوذ أسرهم ببعض الشركات، ويظل الواحد من هؤلاء النافذين يتحكم فيمن يعمل معه ويجير لنفسه إنتاجياتهم. فيسود في هذه البيئات جو عملي غير صحي بعيد عن التعاون وقاتل لأي حافز للبذل والعطاء لدى العاملين للإنتاج.

وعليه... أتمنى من الجهات المعنية أن تلزم وزارة التجارة والصناعة بتقديم دراسة إحصائية دورية لتقييم أوضاع الموظفين بالقطاع الخاص بإشراف نخبة من أساتذة الجامعات المستقلين (كمستشارين متعاونين)، على أن يصنف كل قطاع على حدة، بحيث تعطى للموظفين ولأسماء الشركات أرقام سرية ويصنف الموظفون حسب مؤهلاتهم العلمية وعدد سنوات الخبرة ورواتبهم ومناصبهم، عند ذلك سنجد ما سببته المحاباة في التوظيف وأفسدت معه العديد من بيئات الإنتاج... وكم كان لتأثير مؤهلات الصلة والقرابة علاقة أقوى من الكفاءة والمؤهلات العلمية والعملية، ولو بحثنا لوجدنا في ذلك سر تدني مستوى العديد من شركاتنا ومؤسساتنا التجارية.

[email protected]