أقدم أسواق بغداد يستعيد نشاطه مع قرب حلول شهر رمضان

«الشورجة» يسترد عافيته بعد أن طالته التفجيرات في أكثر من مرة

عراقيون يشترون حلويات تحضيرا لاستقبال شهر رمضان الكريم (أ.ف.ب)
TT

بغداد ـ ا.ف.ب: لم يتوقع أحد ان يسترد سوق الشورجة، اقدم اسواق العاصمة العراقية عافيته، ويعود لنشاطه السابق بعد ان طالته التفجيرات في اكثر من مرة، لكنه عاد ليشهد حركته المعهودة مع قرب حلول شهر رمضان.

أم احمد قالت ان «زيارة السوق قبل حلول شهر رمضان بعدة ايام تقليد سنوي لا يمكن ان نتخلى عنه مهما كان حجم المخاطر الذي قد نتعرض له بسبب الحوادث الامنية. وزيارته في هذا الوقت من كل عام اصبحت تقليدا راسخا».

واضافت ام احمد، وهي ربة بيت وام لأربعة اولاد، «نشتري المواد الغذائية التي يحتاجها مطبخ العائلة البغدادية في شهر رمضان. وفي مثل هذه الزيارات الى السوق نشعر برائحة الماضي الجميل المليء بالطقوس المحببة لنا». ويرتبط العراقيون، وخصوصا العائلات البغدادية، مع السوق بعلاقة قديمة رغم تَصَدُّعِهَا بعد ان زرعت حوادث التفجيرات الخوفَ والرعبَ في نفوسهم وحالت دون زيارتهم لسوق الشورجة بشكل دائم.

وكانت ثلاثة انفجارات قد هزت سوق الشورجة في 12 فبراير (شباط) الماضي، مما اسفر عن سقوط 79 قتيلا. كما ادت الى احتراق قرابة 100 سيارة واكثر من 100 متجر.

وسوق الشورجة، وهو احد الاسواق التراثية ويعود ظهوره الى قبل 400 سنة، يعرف كثافة رواده قبل حلول شهر رمضان بأكثر من اسبوع. فليس هناك بيت بغدادي لا يشتري من سوق الشورجة المواد الغذائية الخاصة برمضان. ويشتهر سوق الشورجة ببيع ما يصنعه العطارون والتوابل والسكر والشاي والبهارات والحبوب وانواع الحلويات والرز وانواع عديدة من العصائر والسكريات وجميعها مواد قادمة من اسواق الشام التي تشتهر بها.

أما مهدي صالح، صاحب احد المحال في السوق، فقال إن حلول شهر رمضان «يسهم في رفع الطلب على المواد التي تحتاجها العائلات في الشهر الفضيل. كما يشهد السوق هذه الايام زيادة في عدد رواده حيث يتوافد العراقيون للتبضع بنحو لافت».

وتابع «هذا امر مهم وحيوي لنا حيث ترتفع نسبة مبيعاتنا وتعويض الركود الذين عانى منه خلال الفترة الماضية بسبب الحوادث التي تعرض لها السوق ومنعت السكان من التردد عليه باستمرار».

واضاف صالح، 55 عاما، ان «هذا يدفعنا لاستنفار نشاطنا وجلب المواد الغذائية من سورية والاردن وتركيا قبل فترة مناسبة من حلول الشهر وتوفيرها بكميات تلبي حاجة الناس طيلة ثلاثين يوما لان معظم العائلات تزور السوق اكثر من مرة في رمضان».

وتابع «نسعى لارضاء جميع المتبضعين من خلال تجاربنا معهم عبر سنوات فاصبحنا نعرف ما تحتاجه العائلة البغدادية خلال رمضان ونعمل على توفير متطلباتها التي يقبلون عليها، خصوصا التي تشكل طقوسا رمضانية بالنسبة لهم».

وكانت العائلات العراقية قد عزفت عن زيارة سوق الشورجة بعد ان تعرض الى اكثر من حادث تفجير، ذهب ضحيتَهُ المئاتُ من القتلى والجرحى نظرا لكثافة زواره. لكن تلك العائلات بدأت تتحدى الظروف الامنية والمخاطر، وعادت الى زيارة الشورجة خلال هذه الايام لقرب حلول رمضان لانها تعتقد ان السوق هو المصدر الرئيسي للمائدة الرمضانية لتنوع بضائعه المستوردة وقلة اسعارها بالنسبة لدخل العراقيين.

ومثلما يشتهر سوق الشورجة ببيع المواد الغذائية، فهناك محال اخرى تهتم ببيع ادوات ومستلزمات يقبل عليها العراقيون في رمضان رغم انقراضها تقريبا، ابرزها محال بيع الفوانيس الرمضانية.

وتعتبر الفوانيس من الذكريات الجميلة لدى العراقيين، وهم يقتنونها للزينة وهناك من يقتني انواعاً اخرى من الفوانيس لحاجتهم لها في اوقات السحور حيث ينقطع التيار الكهربائي عن مناطق العاصمة. وتتميز الفوانيس الرمضانية بألوانها الجميلة الجذابة، وهي تصنع من الزجاج وتعلق كشكل ترفيهي يضفي على العائلة البغدادية القديمة مظاهر الطقوس الرمضانية.