«النقد الدولي» متفائل بالاقتصاد العالمي .. واليورو يسجل سعرا قياسيا جديدا مقابل الدولار

«المركزي الأوروبي» يضخ أكثر من 100 مليار دولار في سوق النقد الأوروبية

اليورو يقفز بقوة أمام الدولار (رويترز)
TT

اعتبر كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سايمون جونسون امس امام الصحافيين ان ازمة القروض العقارية الاميركية لن يكون لها «أي تأثير على الاقتصاد الحقيقي» وستتسبب بـ«تباطؤ معتدل» للاقتصاد الاميركي.

من ناحية اخرى ارتفع اليورو الى مستوى قياسي جديد أمام الدولار امس في أحدث تحرك للمسار النزولي واسع النطاق للدولار الذي يقول متعاملون انه نجم هذه المرة عن مبيعات كثيفة للعملة الاميركية مقابل الفرنك السويسري.

وصعد اليورو متجاوزا 1.39 دولار وفقا لبيانات رويترز.

وهبط مؤشر الدولار وهو مقياس لقيمة العملة الاميركية أمام سلة من العملات الرئيسية ليصل الى أدنى مستوى في 15 عاما عند 79.42. كما انخفض الدولار الى أدنى مستوى منذ 15 عاما مقابل سلة من ست عملات رئيسية، اذ دفع استمرار مشاكل سوق الائتمان وبيانات الوظائف الضعيفة المستثمرين الى توقع خفض الفائدة الاميركية نصف نقطة مئوية.

ويتعرض الدولار لضغوط بيع قوية منذ يوم الجمعة عندما أظهرت بيانات رسمية انخفاضا مفاجئا في بيانات الوظائف الاميركية الشهر الماضي مما اقنع المستثمرين بان مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) سيخفض أسعار الفائدة الاسبوع المقبل الى 4.75 في المائة.

وقال نيلز فروم خبير استراتيجيات العملات لدى درسدنر كلاينفورت في فرانكفورت انه حتى اذا خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) الفائدة ربع نقطة مئوية فقط فان التوقعات ستظل سلبية بالنسبة للدولار.

وانخفض الين في البداية امس بعد أن أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي استقالته المفاجئة لكنه عاود الارتفاع بعد أن سجل اليورو مستوى قياسيا مقابل الدولار.

وقال متعاملون ان المستثمرين ما زالوا قلقين بشأن الاضطرابات التي تشهدها أسواق الائتمان من جراء مشاكل سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة، لكن استقالة ابي وحدها لن تلعب على الارجح دورا محوريا في تغيير اتجاهات السوق ازاء العملة اليابانية.

واستفادت العملة الاوروبية الواحدة من ضعف الدولار العائد الى المؤشرات الاقتصادية الاميركية السيئة في حين يتحدث المحللون اكثر فاكثر عن احتمال حصول ركود وخفض نسب الفوائد الرئيسية من قبل الاحتياطي الفدرالي الاميركي.

وخسرت سوق العمل الاميركية اربعة الاف وظيفة في اغسطس (آب) وهو اول تراجع منذ اربع سنوات.

وتلقى اليورو دعما كذلك من تصريحات حاكم المصرف المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه الذي اعتبر اول من امس ان المصارف الاوروبية لم تتأثر كثيرا بالازمة المالية العائدة الى القروض العقارية الاميركية وان مؤشرات الاقتصادي الكلي «تؤكد استمرار مخاطر التضخم على المدى المتوسط». ويرى محللون ان هذا يعني ان رفع معدلات الفائدة المنتظرة في منطقة اليورو ستؤخر او ستلغى.

واوضح هؤلاء ان الفرق تاليا بين معدل نسب الفائدة بين الولايات المتحدة وهي حاليا 5.25% ومنطقة اليورو وهي 4% قد يتقلص ويجعل تاليا من الموجودات الاوروبي اكثر جذبا على حساب الموجودات الاميركية مما يدعم كذلك العملة الاوروبية.

ويتوقع غالبية المتعاملين ان يخفض الاحتياطي الفدرالي الاميركي نسبة الفائدة الرئيسية بنصف نقطة لتصل الى 4.75% الثلاثاء المقبل.

لكن اخرين يشددون على ان رئيس الاحتياطي الفدرالي الاميركي بن برنانكي يتحفظ خلافا لسلفه آلن غرينسبان، قليلا على خفض نسب الفائدة عندما تطالب به الاسواق. وفي مؤشر الى وجود قلق، يشدد عدة متعاملين على ان خفض نسب الفائدة وحده قد لا يكون كافيا لطمأنة الاسواق.

وفي الواقع فإن ارتفاع اليورو زاد أيضا من التوقعات بأنه قد يتجاوز حاجز 1.40 دولار في الأسابيع القادمة.

ومن المرجح أن يؤجج ذلك مخاوف جديدة بشأن تأثير ارتفاع اليورو على قطاع التصدير من الآلات وهو القطاع الرئيسي لاقتصاد ألمانيا والتوقعات بشأن أكبر اقتصاد في أوروبا وخاصة في وقت يبدو فيه نمو الاقتصاد الأميركي قد بدأ في التراجع.

ويتوقع المحللون أن البنك المركزي الأوروبي سيستمر في دورته لرفع أسعار الفائدة بمجرد أن يتأكد البنك الذي يوجد مقره في فرانكفورت من أن ثقة المستثمرين قد عادت إلى الأسواق العالمية.

وقالت أنتيا برافكه محللة أسواق الصرف في مصرف كوميرتس بنك لوكالة الأنباء الألمانية إن «التوقعات بالقيام بمزيد من رفع أسعار الفائدة في منطقة اليورو تعزز اليورو».

ويعتقد كثيرون من المحللين بشكل مؤكد أن البنك المركزي الأوروبي سوف يرفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى في منطقة اليورو المؤلفة من 13 دولة في نهاية العام الجاري.

ومن شأن ذلك أن يرفع أسعار الفائدة إلى 4.25% فيما كانت آخر زيادة قام بها مجلس تحديد أسعار الفائدة المؤلف من 19 عضوا في البنك في يونيو (حزيران) الماضي.

وفي محاولة جديدة للتخفيف من أوضاع الائتمان المقيدة والحد من ارتفاع أسعار الفائدة أعلن البنك المركزي الأوروبي اليوم الأربعاء أنه ضخ 75 مليار يورو (105 مليارات دولار) في السوق.

وقال البنك إن الأموال الإضافية للإقراض لأجل ثلاثة أشهر هي ثاني خطوة من نوعها في تاريخه. وكانت أول عملية من هذا النوع قد تم الإعلان عنها يوم 22 آب/ أغسطس الماضي عندما قام البنك بضخ 40 مليار يورو لأجل ثلاثة أشهر.

كان البنك قد تدخل في سوق النقد مرارا منذ التاسع من آب/ ليضخ الأموال في عمليات السوق المفتوحة ليوم واحد وذلك على الرغم من قيامه أمس الثلاثاء بسحب 60 مليار يورو عندما تراجعت أسعار الفائدة على القروض بين البنوك إلى أقل من مستوى الفائدة الرئيسية للبنك البالغة 4%.

كما تراجع البنك عن زيادة أسعار الفائدة التي كان يعتزم القيام بها خلال اجتماعه الشهري في السادس من الشهر الجاري ليبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 4%.

وقدم البنك أول من أمس الاثنين في مزاده الأسبوعي 269 مليار يورو بزيادة 13 مليار يورو عما تم سحبه خلال عملية الأسبوع السابق.

يذكر أن البنك كان من أكثر الناشطين من بين البنوك المركزية الرئيسية في العالم في مواجهة تأثيرات أزمة الرهن العقاري عالي المخاطر في الولايات المتحدة التي أجبرت بنكين صغيرين فى المانيا إلى الاستعانة ببرامج إنقاذ وأضرت بأرباح بنوك أخرى.

وعلى اثر هذه الأزمة أبدت البنوك رفضا قويا لإقراض بعضها البعض لليلة واحدة وهو ما كانت تقوم به بشكل عام لتسهيل حركة التدفقات النقدية قصيرة الأجل فيما بينها. وتسبب هذا الرفض في ارتفاع أسعار الفائدة في سوق النقد.

من جهته اعتبر كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي سايمون جونسون امس امام الصحافيين ان ازمة القروض العقارية الاميركية لن يكون لها «اي تأثير على الاقتصاد الحقيقي» وستتسبب بـ« تباطؤ معتدل» للاقتصاد الاميركي.

واكد جونسون بذلك الموقف الذي سبق وعبر عنه الصندوق مطلع هذا الشهر. وفي ما يتعلق باوروبا، راى جونسون انه «من المبكر جدا القول ما اذا كان الاقتصاد الاوروبي بصدد التباطؤ» بسبب ازمة القروض العقارية هذه.

وكان صندوق النقد تحدث في اواخر يوليو (تموز) عن «فورة عالمية فرفع توقعاته للنمو العالمي في 2007 و2008 من 4.9% الى 5.2%.

وفي مطلع سبتمبر (ايلول)، قال انه سيراجع توقعاته للنمو خلال العام 2008 نحو الانخفاض خصوصا في الولايات المتحدة، ولكن ايضا في منطقة اليورو للاخذ بالاعتبار ازمة القروض الاميركية.

فباستثناء سوق رهن العقارات «فان الاسس الاخرى للاقتصاد الاميركي تبقى متينة لاسيما استهلاك الاسر واستثمارات الشركات»، كما قال جونسون. لكنه اضاف «ان الازمة العقارية ستستمر في ابطاء النمو الاميركي العام المقبل»، لكن التباطؤ الاميركي لن يكون له سوى « تأثير بسيط» على النمو العالمي.