أسعار النفط تتجاهل قرار «أوبك» وتقترب من حاجز الـ 80 دولارا للبرميل

«الطاقة الدولية»: الطلب العالمي على النفط سيتباطأ في الربع الأخير و2008

خزانات للنفط في مدينة ليندن في ولاية نيوجيرسي الأميركية (أ.ب)
TT

قفزت العقود الاجلة للنفط الخام الاميركي الى أعلى مستوياتها فوق 79 دولارا للبرميل امس بعدما أظهرت بيانات حكومية أسبوعية تراجع مخزونات الخام أكثر من المتوقع الاسبوع الماضي مما عزز المخاوف بشأن المعروض.

وقالت وكالة الطاقة الدولية امس ان الطلب العالمي على النفط سينمو بوتيرة أبطأ من المتوقع في الربع الاخير من عام 2007 والعام المقبل، كما أن الأسعار المرتفعة قد تحد بشكل أكبر من الاستهلاك. وتوقعت مصادر الوكالة أن يبلغ متوسط الطلب العالمي على النفط 85.9 مليون برميل يوميا وهي زيادة نسبتها 1.7% مقارنة بالعام الماضي.

وبحلول الساعة 1434 بتوقيت غرينتش ارتفع سعر الخام تسليم أكتوبر (تشرين الاول) في بورصة نيويورك التجارية (نايمكس) 81 سنتا أي بما يعادل 1.04 في المائة مسجلا 79.03 دولار للبرميل بعد تداوله في نطاق 78.01 الى 79.29 دولار.

وكان العقد قد تجاوز بالفعل قبل صدور البيانات أعلى مستوياته السابقة 78.77 دولار الذي سجله في أول أغسطس (اب). وكانت التقديرات السابقة للوكالة تشير إلى متوسط طلب عالمي على النفط قدره 86 مليون برميل بزيادة 1.8% مقارنة بالعام الماضي. من ناحية أخرى خفضت الوكالة توقعاتها للعام المقبل بمعدل 0.2 مليون برميل إلى 88 مليون برميل يوميا وهي زيادة نسبتها 2.4% عن الطلب على النفط خلال العام الحالي.

وأرجعت الوكالة السبب في خفض التوقعات إلى الارتفاع الكبير في أسعار النفط الخام وسوء الأحوال الجوية خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضيين ولم تأخذ في الاعتبار آثار أزمة التمويل العقاري في الولايات المتحدة.

وأشارت الوكالة إلى انخفاض الانتاج العالمي من النفط خلال أغسطس (آب) الماضي إلى 84.6 مليون برميل يوميا بسبب الاعطال الفنية في بحر الشمال والمكسيك وانخفاض صادرات العراق اليومية بنحو 430 ألف برميل.

وجاء التقرير بعد يوم واحد من اتفاق «أوبك» على زيادة إنتاج النفط في اعقاب شهور من الضغط من وكالة الطاقة الدولية التي تشعر بقلق من تأثير الأسعار شبه القياسية على المستهلكين.

وفي تقريرها الشهري عن سوق النفط قالت الوكالة التي تقدم النصح لعدد 26 دولة صناعية ان الطلب العالمي سيزيد بواقع 2.35 مليون برميل يوميا في الربع الاول وهو ما يقل 240 الف برميل يوميا عن توقعاتها الشهر الماضي.

ورفعت «أوبك» أول من أمس إنتاج النفط بواقع 500 الف برميل يوميا في أول زيادة رسمية منذ أكثر من عام وذلك في لفتة نحو الدول المستهلكة المنزعجة من التأثير الاقتصادي لاسعار النفط التي وصلت الى 78 دولارا للبرميل والتراجع السريع لمخزونات الوقود.

وقال لورانس ايجلز رئيس قسم صناعة النفط والأسواق في وكالة الطاقة عن خطوة أوبك «من العدل القول بأن الزيادة أصغر مما كنا نتوقع»، واضاف «نأمل أن يستجيبوا في حالة ظهور أية بوادر اخرى على نقص المعروض».

واستندت وكالة الطاقة في خفض تقديرات الطلب الى تراجع الاستهلاك عن المستوى المتوقع في يونيو ويوليو، وقالت ان من السابق لأوانه تقييم تأثير أزمة سوق الرهن العقاري عالي المخاطر على الاقتصاد الاميركي.

وقال التقرير «لقد ساهم المناخ المعتدل واحلال وقود محل اخر في خفض الطلب، وبالنظر الى المستقبل فان استمرار ارتفاع الاسعار قد يواصل تقليص الطلب». وتتوقع الوكالة الان ان يصل متوسط الطلب العالمي على النفط في الربع الأخير من العام الجاري الى 87.8 مليون برميل يوميا بانخفاض 250 الف برميل يوميا عما توقعته في أغسطس.

وفي العام المقبل تتوقع الوكالة ايضا تراجع الطلب، حيث قلصت تقديراتها لنمو الاستهلاك بواقع 70 الف برميل يوميا ليصل الى 2.1 مليون برميل يوميا. وحتى بعد التعديل لا تزال تقديرات الوكالة للطلب أعلى من تقديرات مؤسسات اخرى حيث تتوقع اوبك وصول متوسط استهلاك النفط في الربع الأخير الى 87.08 مليون برميل يوميا. وفي السياق ذاته قالت وكالة الطاقة ان مشاكل أسواق الائتمان العالمية زادت احتمال تراجع نمو الطلب العالمي على النفط. وقال ايجلز ان مخاطر التراجع تزايدت بشكل واضح لكن الاثر النهائي على الطلب على النفط غير مؤكد.

وشهدت أسواق المال العالمية اضطرابا منذ منتصف أغسطس الماضي بسبب المخاوف التي أثارتها أزمة قطاع الرهن العقاري عالي المخاطر في الولايات المتحدة.

وقالت وكالة الطاقة في تقريرها الشهري «لا توجد مؤشرات على ان الطلب على النفط سينكمش بدرجة كبيرة في الولايات المتحدة ولا في الاقتصاديات الناشئة التي تمثل الجانب الأكبر من نمو الطلب على النفط». وأضافت «عموما فان الادلة تشير في هذه المرحلة الى أن أزمة الرهن العقاري قد لا تلحق ضررا جسيما بالاقتصاد الاميركي والعالمي». وقالت الوكالة في تقريرها ان الطلب على نفط «أوبك» في الربع الاخير من العام الحالي سيقل 300 الف برميل يوميا عن التقديرات السابقة ليتراوح بين 32.4 و 32.8 مليون برميل يوميا.

وأشارت إلى ان الانتاج الحالي من المنظمة أقل، وقدرت إجمالي انتاج اوبك في أغسطس بواقع 30.41 مليون برميل يوميا.

وقامت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) ببادرة حسن نية تجاه الدول المستهلكة في فيينا اول من امس بقرارها زيادة امداداتها النفطية للسوق بمقدار نصف مليون برميل في اليوم، غير ان ذلك لن يكون على الارجح كافيا لتهدئة القلق بشأن الإمدادات خلال الشتاء. ورفعت اوبك سقف انتاجها الرسمي بـ 1.4 مليون برميل يوميا، ما يعود عمليا الى زيادة صادراتها بـ 500 الف برميل في اليوم اذ كانت تتجاوز السقف عمليا بحوالي مليون برميل. غير ان قرار «أوبك» لم يكن كافيا لتهدئة التوتر في سوق النفط فسجلت الاسعار مستوى قياسيا عند اقفال السوق اول من امس الثلاثاء بعد بضع ساعات على الاعلان وبقيت الاسعار امس الاربعاء ما فوق 78 دولارا للبرميل بفارق بضع سنتات عن السعر القياسي المسجل في الأول من يوليو (تموز) وقدره 78.77 دولارا.

ورأى هاري تشيلينغيريان المحلل في مصرف بي ان بي ـ باريبا «انها بادرة، لكنها غير كافية ولا شك انها جاءت متأخرة».

والواقع ان رفع اوبك سقفها 1.4 مليون برميل في اليوم، يعود في الواقع الى الغاء شبه تام للتخفيضات التي قررتها في نهاية 2006 وحجمها الإجمالي 1.7 مليون برميل.

وهذا القرار يتيح لاوبك مهلة من الوقت من اجل تقويم وطأة الأزمة المالية الحالية على الاقتصاد العالمي قبل البحث في زيادة اكبر للإنتاج. وأعلنت المنظمة الثلاثاء «سنعيد تقويم الوضع» خلال الاجتماع الاستثنائي المقبل المقرر عقده في الخامس من ديسمبر (كانون الاول) في ابوظبي.

وما زالت كارثة الأزمة الآسيوية عام 1999 ماثلة في ذهن أوبك حين انهار سعر البرميل إلى عشرة دولارات بعدما رفعت إنتاجها بنسبة 10%.

وتخشى الدول المصدرة ان يتأثر الطلب العالمي على النفط بتباطؤ في الاقتصاد العالمي قد ينجم عن الأزمة المالية الحالية، وقد أقرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها بانه «ما زال يتوجب تقويم» انعكاسات هذه الازمة.