المحكمة الأوروبية تؤيد قرار تغريم «مايكروسوفت» في قضية الاحتكار

ترحيب من المفوضية الأوروبية بالقرار.. وللشركة حق الاستئناف خلال شهرين

TT

في حكم تاريخي ستكون له تداعيات رئيسية على سياسة المنافسة للاتحاد الأوروبي، أيدت محكمة في لوكسمبورغ أمس الاثنين قرار الاتحاد الأوروبي بفرض غرامة تصل إلى مليار يورو تقريبا على شركة مايكروسوفت الأميركية العملاقة لبرامج الكومبيوتر لإساءة استغلال وضعها الاحتكاري في سوق البرمجيات.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية انه في حضور حشد كبير، قام رئيس المحكمة الأوروبية الابتدائية بو فيستير دورف بتلاوة الحكم الذي يلغي تقريبا كل مضمون استئناف مايكروسوفت على قرار المفوضية عام 2004. وقضت المحكمة بأن للمفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي الحق في فرض غرامة على مايكروسوفت قيمتها 497 مليون يورو (689 مليون دولار) وهي غرامة زادت فيما بعد بمقدار 280.5 مليون يورو أخرى، وهي أعلى غرامة تطالب بها المفوضية الأوروبية في تاريخها.

كما أيدت المحكمة قرار المفوضية بضرورة سماح مايكروسوفت لمنافسيها بالسماح لهم بمعرفة بعض أكوادها وبيع نسخة من نظام التشغيل ويندوز دون أن يكون بها برنامج تشغيل الوسائط المتعددة «ميديا بليار». وللشركة الحق في التقدم خلال شهرين من صدور القرار، الى محكمة الاستئناف التابعة لمحكمة العدل الاوروبية، بطلب للاعتراض او الاستئناف ضد القرار الاخير.

ورحبت المفوضية في بيان صدر في بروكسل بحكم المحكمة. وقال رئيس المفوضية جوزيه مانويل باروسو إن «الحكم يؤكد على أهداف ومصداقية السياسة التنافسية للمفوضية. فهذه السياسة تصون مصلحة المستهلك الأوروبي وتضمن تحقيق منافسة عادلة بين الشركات في السوق الداخلية». من جهتها، قالت نيلي كروز عضو المفوضية، المكلفة شؤون المنافسة خلال مؤتمر صحافي ببروكسل أمس، أن المفوضية ترحب بقرار المحكمة الذي تضمن تأييد العناصر الاكثر حسما في قرار المفوضية الصادر 2004 الذي يدعو الى اعطاء الاختيارات للمستهلك بشكل اكبر، في اسواق البرامج التقنية، وضرورة الابقاء على الحافز لكل الشركات للابداع من أجل منفعة المستهلك. وأشارت الى ان قرار المفوضية كان بهدف اقناع الشركات المهيمنة بالسماح بالمنافسة، وخاصة في مجال صناعة التقنية المتطورة، وفي هذا الاطار، قالت المسؤولة الاوروبية ان قرار المحكمة يعتبر مهما جدا لأن أعدادا كبيرة من الناس يستعملون الآن الكومبيوتر «سواء كمستهلكين عاديين، او طلبة داخل المدارس، او في الاعمال التجارية، او داخل المصالح الحكومية. واعترفت المفوضية بأن 95% من أجهزة الكومبيوتر الشخصية في العالم، تستعمل نوافذ مايكروسوفت بي سي لنظام التشغيل.

وقالت ايضا ان قرار المحكمة تضمن التأكيد على أن مايكروسوفت لا تستطيع تنظيم السوق بفرض منتجاتها وخدماتها على الناس، ولا تستطيع منع السوق من الاشتغال بشكل صحيح، وبالتالي، فان مستعملي الكومبيوتر لديهم الحق في الاستفادة من منتجات اكثر ابداعا، وأسعار تنافسية. كما أكدت المحكمة إجبار مايكروسوفت على توفير معلوماتها، من اجل السماح للمنافسين بجعل منتجاتهم على مستوى مساو، وترك الامر للمستهلك للاختيار. ودعت المفوضية الاوروبية شركة مايكروسوفت الى الالتزام بالالتزامات القانونية بشكل كامل، والتوقف عن التصرفات اللاتنافسية. وتعهدت المفوضية بعمل المطلوب منها، حتى تتمثل مايكروسوفت بذلك. من جانبه، وصف جورج جريف رئيس «مؤسسة حرية البرامج في أوروبا» القرار بأنه «انتصار كبير لأوروبا»، بينما قال كبير محامي دفاع مايكروسوفت براد سميث إنه سيحتاج إلى وقت لقراءة كاملة للحكم الطويل الذي جاء في 1373 فقرة قبل تحديد ما إذا كان سيتقدم باستئناف له.

ومايكروسوفت هي أكبر منتج للبرمجيات في العالم وتعمل حوالي 95% من أجهزة الكومبيوتر في العالم بنظام تشغيلها ويندوز. كانت المفوضية قد أصدرت قرارا يوم 23 مارس (آذار) عام 2004 يقضي بأن مايكروسوفت تتبع ممارسات غير تنافسية عندما رفضت السماح لشركات منافسة بمعرفة ما يطلق عليه بروتوكولات «التوافق» التي تسمح لأجهزة خوادم الكومبيوتر الخاصة بها بأن تعمل بكفاءة مع نظام التشغيل ويندوز، وكذلك عندما بدأت مايكروسوفت في بيع نظام تشغيل ويندوز مدمج معه برنامج لها لتشغيل الوسائط المتعددة. ونتيجة ذلك، غرمت المفوضية مايكروسوفت 497 مليون يورو (689 مليون دولار). وأمرت الشركة بأن تقدم نسخة من ويندوز للبيع بدون مشغل الوسائط المتعددة «ميديا بلاير» وأن يصبح الحصول على بروتوكولات توافق النظام أمرا متاحا وبسعر عادل. وأبقى قرار المحكمة على سريان هذه الإجراءات. لكن المحكمة ألغت قرارا للمفوضية الأوروبية بتشكيل مجلس أمناء مستقل تكون مهمته مراقبة تعاون الشركة بشأن إتاحة الحصول على بروتوكولاتها. ويرى مسؤولون في بروكسل حكم المحكمة امس بأنه تأكيد على سلطة الاتحاد الأوروبي في تطبيق سياسته لمكافحة الاحتكار، وأنه من المتوقع أن تكون له معان ضمنية مهمة على قضايا مشابهة تتعلق بشركات أخرى في مجال تكنولوجيا المعلومات.