دراسة تبرئ التجار السعوديين من تهمة غلاء الأسعار

جدوى للاستثمار: ارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة لجموح بورصات السلع العالمية

ليس في مقدور الدولة عمل الكثير حيال الأسعار حيث ينجم الارتفاع عن مستجدات خارجة عن سيطرتها («الشرق الأوسط»)
TT

عزت دراسة حديثة صادرة عن شركة جدوى للاستثمار السبب الرئيسي لارتفاع أسعار المواد الغذائية نتيجة لجموح أسعارها في بورصات السلع العالمية، إضافة إلى بعض العوامل المؤقتة مثل الأحوال المناخية التي ساهمت في تعقيد عملية التحوّر في أنماط الاستهلاك وزيادة استخدامات المنتجات الزراعية في كافة دول العالم، وسط توقع الدراسة أن يتواصل ارتفاع التضخم في أسعار المواد الغذائية في السعودية في الأعوام المقبلة إلى حوالي 5 في المائة في المتوسط. وتنفي الدراسة الاتهام الموجه لتجار التجزئة بأنهم عمدوا إلى رفع الأسعار بأعلى من مستوى ارتفاع تكلفتها، مستندة في ذلك إلى أن قائمة دخل الشركات التي تمارس تجارة التجزئة و الجملة في المواد الغذائية والمدرجة في سوق الأسهم المحلي (عسير، صافولا، ثمار، المراعي، الحكير) لم تتضمن أي مؤشرات بارتفاع غير عادي في صافي دخلها. كما أن مؤشر أسعار التجزئة خلال الثلاث سنوات الأخيرة يقل عن أسعار الجملة، مما يؤكد أن تجار التجزئة لم يكونوا هم السبب الرئيسي وراء الغلاء الحالي في أسعار السلع الاستهلاكية. وتؤكد هذه الرؤية مجموعة من العوامل العالمية التي تسببت في هذا الارتفاع، منها تحور الأنماط الاستهلاكية حيث نتج عن ارتفاع دخول الأفراد في الصين والهند تحورات كبيرة في الأنماط الغذائية عالميا حيث تتغير العادات الغذائية بارتفاع مستوى الدخل، وباعتبار عدد السكان البالغ 2.5 مليون نسمة في هاتين الدولتين، فان التحورات فيهما كانت لها تداعيات ضخمة على أسعار المواد الغذائية عالميا.

ومن هنا، كما تقول الدراسة، كان ارتفاع استهلاك الأرز في الهند مسؤول بصورة مباشرة عن غلاء أسعاره في المملكة. وعلى جانب آخر تأثرت مساحات المحاصيل الغذائية نتيجة التوسع في استخدام المحاصيل الزراعية كلقيم في إنتاج مادة الايثانول (من الذرة والقمح وقصب السكر). ولعبت الأحوال الزراعية السيئة في عدد من الدول الزراعية الرئيسية في العامين الماضين دورا لا يستهان به في هذا الارتفاع، بجانب ارتفاع تكلفة السلع المستوردة حيث تسبب ارتفاع أسعار النفط في زيادة تكلفة النقل والشحن.

وأبانت الدراسة أنه في ظل استمرار هذه الظروف العالمية فإن الأوضاع عل أرض الواقع مهيأة لمزيد من الارتفاع بمعدلات أعلى من المعتاد، وليس في مقدور الدولة عمل الكثير حيال هذه الظروف حيث ينجم الارتفاع عن مستجدات خارجة عن سيطرتها. وبحسب الدراسة، تضافرت بعض العوامل الداخلية والإقليمية لتشكل ضغوطا تضخمية على أسعار المواد الغذائية في السعودية، مثل: تخفيض مستويات الدعم حيث تم تقليص المساعدات التي تقدمها الدولة للمزارعين في سياق وفاء السعودية بالالتزامات التي تعهدت بها من أجل الانضمام لمنظمة التجارة الدولية، فقد تم تخفيض مستويات الدعم للآليات والمعدات الزراعية وأجهزة الري والمضخات بواقع 50 في المائة، مما أدى إلى رفع تكلفة كل المنتجين السعوديين.

وأوضحت الدراسة أنه بجانب الارتفاع في كلفة المدخلات الزراعية حيث ارتفعت المخصبات الزراعية 14 في المائة خلال الربع الأول هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وعلى جانب آخر تسببت الظروف الجوية السيئة إلى خلق حالة من الشح في إنتاج بعض الفواكه والخضروات، مثل إنتاج البصل الذي تراجع 20 في المائة عام 2006 والبطيخ الذي تراجع 10 في المائة. وترى الدراسة أن النقص في الأيدي العاملة الأجنبية أدى في كافة قطاعات الاقتصاد(خصوصا البناء والتشييد) إلى اجتذاب أعداد كبيرة من العمالة الزراعية متسببا في رفع تكاليف الإنتاج. كما كان الخوف من إنفلونزا الطيور سببا في ارتفاع أسعار الأسماك والدواجن.