صناعة البرمجيات في لبنان تندفع نحو التصدير

تحتاج إلى استثمارات أكبر

صناعة البرمجيات في لبنان تحتاج الى ضخ اموال اكبر (خدمة كليب آرت)
TT

شهد لبنان في الأيام القليلة الماضية حدثين مهمين على صعيد تكنولوجيا المعلومات، اولهما تجديد الدولة عقدها مع شركة مايكروسوفت الاميركية، والثاني تأسيس اول تجمع عنقودي في لبنان لشركات البرمجيات.

على صعيد العقد المجدد مع مايكروسوفت، والذي لم يكشف النقاب عن قيمته، فهو يمتد ثلاث سنوات، وتتولى مايكروسوفت بموجبه تزويد الادارة بالبرمجيات وتحديث القائم منها، بالاضافة الى تقديم خدمات ما بعد البيع.

ويؤكد وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية جان اوغاسبيان «ان الدولة ستستفيد، بموجب العقد، من تخفيضات مهمة لأسعار البرمجيات الحديثة والمتخصصة تتيح لها تحقيق وفورات على الخزينة». أضف الى ذلك ان العقد يضع حدا للخلافات القائمة بين الشركة الاميركية وبعض الادارات التي كانت قد حصلت على برامج من دون دفع ثمنها. وتعرض مايكروسوفت في هذا الصدد، اتلاف البرامج غير المرخصة، والحصول على برامج جديدة في اطار الاتفاق المجدد، مقابل اعفاءات عن بعض المتأخرات او الدخول في التفاوض المباشر مع مايكروسوفت للوصول الى اتفاق حبي. وكشف اوغاسبيان ان تجديد العقد جاء بناء على دراسة تقويمية فنية وادارية للاتفاق السابق قامت بها مؤسسة «KPMG» جددت فيها نقاط الضعف والقوة في الاتفاق القديم «من اجل التمكن من خدمة المصلحة العامة بشكل اكثر فعالية» .

ويعكس الاتفاق الجديد توجه الحكومة الاصلاحي باعتبار ان أي اصلاح لا يمكن ان يتم بدون تكنولوجيا المعلومات. كما يعكس جهود الحكومة في سبيل حماية الملكية الفكرية، «من دون ان نغفل عجز الادارات الرسمية عن امتلاك الوسائل المادية الكفيلة بشراء البرامج المتطورة»، على حد قول اوغاسبيان.

اما ممثل مايكروسوفت في لبنان خليل عبد المسيح، فيصف الاتفاق الجديد بأنه «تجديد للثقة بمستقبل لبنان ودوره الرائد في المنطقة»، مع الاشارة هنا الى ان مايكروسوفت تسعى لتوسيع مكتبها في بيروت ليكون مركزا اقليميا لأفريقيا والشرق الاوسط وعدم قصر اهتمامه على السوق المحلية.

اما الحدث الثاني المتمثل بتأسيس اول تجمع عنقودي لشركات البرمجيات، فقد جاء نتيجة مشاورات بين المركز الاوروبي ـ اللبناني للتحديث الصناعي (السيم) ومعهد البحوث الصناعية، والجمعية اللبنانية لصناعة البرمجيات، كما جاء نتيجة تطور هذه الصناعة في لبنان وتنامي هذا المنتج في العالم بأسره. ويشبه التجمع الجديد التجمعات القائمة في بريطانيا بصورة خاصة، وهي الرائدة في هذا المجال، والمعممة في كثير من الدول الاوروبية. ويتلخص مبدأ هذه التجمعات ببناء الجسم المشترك والوحدة الكاملة لمجموعة مؤسسات صناعية تعمل كلها في القطاع ذاته بهدف تطوير العمل المشترك بينها وتحديث منتجاتها وتلبية حاجات الزبائن الكبار، الأمر الذي يؤدي الى مضاعفة قدراتها التصديرية الى الاسواق العربية والخليجية والاوروبية والاسيوية، وذلك باتباعها قاعدة اساسية باتت مرتكزا لكل نشاط تؤمنه المؤسسة الصغيرة غير القادرة بمفردها على تأمين طلبات ومتطلبات السوق المتغيرة والملحة.

وهنا نعطي مثالا على الشركات التي نقلت معظم نشاطها عبر الحدود، فنشير الى شركة «استرولاب» التي انشئت في البداية على اساس تقديم الحلول المعلوماتية للادارات الرسمية المحلية. «لكن التجربة لم تكن مفيدة، سواء بفعل نقص الانتاجية او عدم شفافية المناقصات او التأخير في الدفع»، كما يقول رئيس الشركة علي شمس الدين، الذي يضيف «ان هذه التجربة هي التي دفعتنا الى التوجه نحو القطاع الخاص من خلال تطوير برامج تصلح لكل انواع الشركات. ومن ثم التوجه عبر الحدود. ونحن الان نصدر برامجنا الى مصر وسورية والاردن والمغرب والجزائر وتركيا وباكستان، وتشكل الصادرات 60% من مبيعاتنا، ولا بد لسائر الشركات من ان تحذو حذونا في ضوء صغر السوق اللبناني، والركود الاقتصادي الذي يصيب معظم المؤسسات اللبنانية وشركات البرمجيات».

ويضيف شمس الدين: «بخلاف سائر الصناعات اللبنانية، فان صناعة البرمجيات قادرة على المنافسة في الأسواق الأجنبية على صعيد النوعية/ السعر، وحتى منافسة المنتجات الهندية او الاوروبية الشرقية المماثلة. وترتكز القدرة التنافسية لهذه الصناعة على العنصر البشري اللبناني المدرب، والمثقف، والمتوافر في لبنان. لكن اي استراتيجية تصديرية لا يمكن ان تصح من دون زيادة اكلاف إن على صعيد الاستثمار وان على صعيد زيادة العنصر البشري، وان على صعيد التسويق وسوى ذلك».

ويبدي شمس الدين أسفه لكون شركات البرمجيات غير مرسملة كفاية وتعاني من العقبات التقليدية التي تعيق تطور الصناعة اللبنانية بشكل عام، وهي عقبات تطاول الطاقة والاتصالات. ويؤكد «ان لبنان، مع ذلك، قادر على ان يكون رائدا في صناعة البرمجيات من خلال تشجيع الاستثمار في هذا القطاع على غرار ما تفعله ايرلندا مثلا او اسرائيل، هذا اذا اكتفينا بالدول الصغيرة المشابهة للبنان».