العراق: تواصل العمل في مشروع مصفاة «بازيان» بكردستان رغم قطع التمويل عنه

من شأنه تغطية 85% من احتياجات الإقليم إلى الوقود والمحروقات

جانب من المعمل في مصفاة «بازيان» (تصوير: جمال بنجويني )
TT

أعلن احمد عارف مسؤول الدائرة الاعلامية في مديرية المشاريع النفطية في اقليم كردستان، ان العمل جار بشكل متواصل ولكن بوتيرة اقل في مشروع مصفاة «بازيان» لتكرير البترول، الذي يجري تنفيذه على بعد نحو 40 كيلومترا من مدينة السليمانية، كبرى مدن اقليم كردستان العراق، على الرغم من قرار وزارة النفط العراقية قطع التمويل المالي عن المشروع، الذي تبنته الوزارة مطلع العام الماضي.

«الشرق الاوسط» زارت موقع المشروع الكائن في منطقة بازيان على مشارف مدينة السليمانية، واطلعت عن كثب على طبيعة سير العمل وما انجز منه لحد الان.

وكانت وزارة النفط العراقية قد تبنت فكرة اقامة وتشييد مصفاة بترولية كبيرة في منطقة بازيان قرب مدينة السليمانية بكلفة مقدارها 31 مليون دولار اميركي، مطلع العام الماضي 2006، الى جانب مشروع مكمل للمصفاة عبارة عن مد خط انبوبي بطول 90 كيلومترا لنقل النفط الخام من حقول كركوك الغنية مع خط انبوبي ثان لنقل المياه من منطقة كوبتبة المجاورة الى المصفاة وبكلفة اجمالية مقدارها 36 مليون دولار، وبعد استكمال العمل بنسبة 46.08% في مشروع المصفاة، قررت وزارة النفط العراقية قبل نحو شهرين وبشكل مفاجئ قطع التمويل عن هذه المشاريع مجتمعة، وطلبت من السلطات والجهات المعنية في اقليم كردستان استكمال ما تبقى من العمل على نفقة حكومة الاقليم.

احمد عارف، الذي اصطحبنا الى الموقع، اكد في تصريح لـ«الشرق الاوسط»، ان هذا المشروع حيوي واستراتيجي ليس لمحافظة السليمانية وحدها بل بالنسبة للأقليم ككل، وقال ان الشركة العامة للاستشارات الصناعية التابعة لوزارة الصناعة العراقية، وهي الجهة المنفذة تواصل العمل حاليا في المشروع ولكن بوتيرة اقل من ذي قبل وعلى نفقتها الخاصة لحين حل الاشكالات المالية العالقة بين السلطات المركزية وحكومة الاقليم، مشيرا الى ان المصفاة تتألف من وحدتين عملاقتين للإنتاج قدرة كل منهما عشرة آلاف برميل من مشتقات البترول يوميا، اي ان الطاقة الاجمالية للإنتاج في المصفاة في حال استكمالها ستبلغ عشرين ألف برميل يوميا ما يغطي نسبة 85% من احتياجات المنطقة الى الوقود والمحروقات التي تشهد ازمة مستمرة منذ نحو عقدين من الزمن.

واوضح عارف ان العمل الفعلي في المشروع بدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) 2006 وكان من المقرر انجاز المشروع وملحقاته كليا بحلول نهاية العام ذاته، لكن الظروف الامنية المعقدة في بغداد والاوضاع المالية العويصة التي واجهتها الحكومة المركزية حالت دون انجاز المشروع في موعده، فتقرر تمديد السقف الزمني لستة اشهر اخرى، ومع ذلك لم ينته العمل في المشروع لجملة من الاسباب المالية والفنية التي ما برحت غامضة ومبهمة بالنسبة لنا، مضيفا ان الجهات المعنية في حكومة الاقليم تتفاوض منذ اسابيع مع السلطات المركزية بشأن المشروع بغية حسم مصيره، وتساءل عارف باستغراب عن الاسباب التي حثت وزارة النفط العراقية على تبني فكرة المشروع بحماس في البداية، ثم التراجع عن تمويله فجأة ومن دون سابق انذار، لاسيما بعد انجاز نصف الاعمال الاساسية.

أما المهندس كمال عبد القادر عبد الكريم المشرف العام على المشروع، فقد اكد لـ«الشرق الاوسط»، ان المشروع الذي يجري تنفيذه على ارض مساحتها 350 دونما سينتج بعد استكماله ثلاثة اصناف من الوقود والمحروقات، هي الكيروسين ووقود الديزل والنفط الاسود بمقدار عشرين الف برميل يوميا، مؤكدا ان الخزانات العملاقة التي يجري نصبها الآن قرب المصفاة تتسع لنحو 82 مليون لتر من الوقود والمحرقات، فيما تتسع الخزانات المخصصة للنفط الخام لنحو 26 مليون لتر.

واشار عبد الكريم الى ان المشروع ينفذ من قبل الخبرات والكفاءات المحلية، كما سيتم تشغيلها مستقبلا بكوادر وفنيين وعمال محليين ايضا، وان معظم المواد المستعملة في العمل من انتاج عراقي باستثناء الاجهزة والمعدات الالكترونية المتطورة التي يصعب تصنيعها محليا في الوقت الراهن، وان المصفاة مصممة وفق احدث التصاميم المتبعة عالميا.

مهندس الميكانيك هادي صلاح هادي المنتدب من قبل الشركة العامة لصناعة السيارات التابعة ايضا لوزارة الصناعة العراقية، والمشرف على ربط ونصب الاجزاء الميكانيكية في المشروع، اوضح ان السبب الاساس في تأخر انجاز العمل هو عدم وصول الاجهزة والمعدات المتطورة والمقرر استيرادها من الخارج، مؤكدا ان المشروع يكمن في ان يستكمل كليا في ظرف اربعة اشهر فقط بمجرد وصول تلك المعدات.

يذكر ان حكومة اقليم كردستان كانت قد خصصت قبل اسبوعين 120 مليون دولار لشراء الوقود والمحروقات وتوزيعها في الاقليم باسعار مدعومة للتخفيف من ازمة المحروقات التي تعاني منها مدن الاقليم، لاسيما اثناء فصل الشتاء الكردستاني الشديد البرودة، وفي تعليقه على ذلك الاجراء قال احمد عارف، كان من الاجدر والاولى بحكومة الاقليم تخصيص نصف ذلك المبلغ لتمويل وانجاز هذا المشروع الحيوي على نحو عاجل، لأن من شأنه حل مشكلة الوقود والمحروقات في المنطقة لربع قرن قادم على اقل تقدير، بدلا من دعم اسعار المحروقات التي ستستهلك في موسم واحد.