توقعات بتراجع نمو الاقتصاد العالمي إلى 4.8 %

وسط استمرار تداعيات أزمة الائتمان والرهون العقارية

متعامل في بورصة وول ستريت بنيويورك (ا.ب)
TT

يتوقع ان يكون الاقتصاد العالمي اقل ازدهارا مما هو متوقع عام 2008 بسبب الازمة التي هزت اسواق البورصة هذا الصيف. ويتوقع ان يخفض صندوق النقد الدولي الذي يعقد جمعيته العامة السنوية من 20 الى 22 من الشهر الحالي توقعات النمو، ولا سيما بالنسبة للولايات المتحدة.

ويقول صندوق النقد الدولي ان نسبة نمو اجمالي الناتج المحلي العالمي ستبلغ 4.8 في المائة العام المقبل، وليس 5.2% كما كانت تشير تقديراته في يوليو (تموز)، على ما افادت به لوكالة الصحافة الفرنسية مصادر المانية مطلعة على عمل المؤسسة المالية.

وبالنسبة للولايات المتحدة، يتوقع ان تكون مراجعة نسبة النمو اكبر من ذلك اذ ان صندوق النقد الدولي لم يعد يتوقع سوى نسبة نمو قدرها 1.9% في 2008 في مقابل 2.8% سابقا. اما نسبة تخفيض التوقعات فاقل في منطقة اليورو، اذ يتوقع الصندوق ان تبلغ نسبة النمو 2.1% في مقابل 2.5% سابقا.

وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في تقرير «الاستقرار المالي العالمي» الذي اصدره نهاية الشهر الماضي من ان الاقتصاد العالمي سيتراجع اذا استمرت مخاطر الائتمان والتقلبات في الاسواق المالية العالمية، لكنه أكد انه رغم استمرار موجة الاضطرابات التي بدأت أخيرا فإنه لا يزال من المبكر للخروج باستنتاجات قاطعة. وكشف التقرير انه ينبغي عدم الاستهانة بالعواقب المحتملة في تطورات مخاطر الائتمان والتقلبات في الاسواق المالية، مشيرا الى أنه من المرجح أن تستمر عملية التصحيح لفترة غير قصيرة. وشدد الصندوق على ان أوضاع الائتمان قد لا تعود إلى سابق عهدها في وقت قريب، ويتعين تغيير بعض الممارسات التي ظهرت في أسواق الائتمان المهيكل. لكن الصندوق لاحظ انه رغم هذه الفترة المضطربة لا يزال أداء الاقتصاد العالمي جيدا، مبينا ان النمو لا يزال قوياً حتى الآن، بالرغم من التصحيح الكبير الجاري في الأسواق المالية، رغم انه يتوقع حدوث بعض التباطؤ. وأظهر التقرير ان مخاطر التطورات المعاكسة زادت إلى حد كبير، وحتى في حالة عدم تحققها، فإن انعكاسات هذه الفترة المضطربة ستكون ملموسة وواسعة النطاق. وفي نهاية المطاف، شدد الصندوق على ضرورة استخلاص الدروس اللازمة سواء بالنسبة للقطاع الخاص أو في مجال التنظيم والرقابة بغية تقوية النظام المالي في مواجهة التوترات المستقبلية. وأشار التقرير الى ان مخاطر الائتمان والسوق تنامت وأصبحت الأسواق أكثر تقلبا، لكنها، أي الأسواق، بدأت تدرك مدى تدهور الانضباط الائتماني في السنوات الأخيرة ولا سيما في السوق الأميركية للقروض العقارية منخفضة الجودة (او عالية المخاطر) وسوق القروض التمويلية، وإن كان التدهور قد امتد أيضا إلى أسواق ائتمانية أخرى ذات صلة. وحذر الناطق باسم الصندوق مسعود احمد في سبتمبر (ايلول) الماضي «ينبغي ان نراجع توقعاتنا على صعيد النمو للسنة المقبلة». وقبل ثلاثة اشهر كان صندوق النقد الدولي قد رفع توقعات النمو العالمي، متوقعا ان ينمو اجمالي النتاج المحلي بنسبة 5.2% في عامي 2007 و2008 (في مقابل 4.9% سابقا).

لكنه خفض في المقابل الى 2% (بدلا من 2.2% المعلنة في ابريل (نيسان) توقعات النمو للولايات المتحدة في 2007 والى 2.8% في 2008. وقد رفع توقعات النمو بالنسبة لمنطقة اليورو (2.6% في 2007 و2.5% في 2008).

ومنذ ذلك الحين ضربت الاسواق ازمة ثقة واسعة ناجمة عن صعوبات يواجهها قطاع القروض العقارية المرتفعة المخاطر المعروفة باسم «ساب برايم» في الولايات المتحدة. وقد هزت هذه الازمة الاسواق ورغم تدخل المصارف المركزية لا تزال تتفاعل بتوتر مع كل الانباء الاقتصادية.

وقال رودريغو راتو المدير العام لصندوق النقد الدولي اخيرا في مدريد ان المخاطر المرتبطة بالازمة المالية الحالية هي «بوضوح» اكبر راهنا منها قبل ستة اشهر. واضاف مدير الصندوق المنتهية ولايته خلال منتدى حول اميركا اللاتينية نظمته غرف التجارة الاسبانية «الاضطرابات في الاسواق الائتمانية في حال تواصلت سيكون لها تأثير اخطر بكثير على الاقتصاد العالمي».

من جهته، قال كبير خبراء الاقتصاد في الصندوق سايمون جونسون ان «احداث اغسطس (آب) وسبتمبر يجب ان تكون بمثابة تحذير».

وشدد امام الصحافيين «عندما يقترب إعصار يكون قد فات الاوان لشراء بوليصة تأمين ضد الاحوال الجوية». لكنه اضاف «رغم ذلك ليس لدينا رد جاهز».

وقال راتو الذي يحل محله الفرنسي دومينيك ستراوس كان اعتبارا من نهاية اكتوبر (تشرين الاول)، ان عودة السيولة الى مستواها الطبيعي في الاسواق «تحتاج الى بضعة اشهر، وعلى الارجح حتى العام المقبل»، مشددا على ان ذلك سيكون «له تأثير على النمو».

وفي التفاصيل، بات صندوق النقد الدولي يتوقع نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 2% في المانيا وفرنسا عام 2008 في مقابل 2.4% و2.3% كانت متوقعة سابقا، وبنسبة 10% في الصين بتراجع نصف نقطة مقارنة بالارقام التي نشرت في يوليو، على ما افادت المصادر الالمانية نفسها. وسيخفض الصندوق كذلك توقعاته المتعلقة بالاقتصاد الايطالي الى 1.3% عام 2008 في مقابل 1.7% سابقا على ما ذكرت صحيفة اقتصادية ايطالية.