عيد تحسن فيه البشائر

سعود الاحمد

TT

في هذه الأيام... يعيش المجتمع السعودي أياما سعيدة بمناسبة عيد الفطر المبارك.. وأجدها مناسبة يحسن فيها إبراز المعطيات والمكتسبات.. والتفاعل معها وتوظيفها لشيوع مشاعر الأمل والتفاؤل وتغليب مشاعر الفرح والسرور، بالتذكير بشواهد قد لا يحسها البعض أو يجهلها البعض الآخر (ولأن لكل مقام مقال). ولا شك أن الحديث عن إيجابيات الأوضاع الاقتصادية من أبرز ما يُدخل الفرح والسرور الى نفوس المواطنين. ومن جانب آخر لنجعل من المناسبة فرصة لتقييم ما نحن فيه، مقارنة بما كان عليه الحال.

فالنفط الذي هو المصدر الأساس لمواردنا، والذي كلما انخفض عرضه في الأسواق العالمية زاد الطلب على إنتاجنا منه وارتفع سعره وزاد دخلنا القومي. ولأنه وبسبب عوامل عديدة أهمها جيوسياسية، فقد تضاعفت أسعاره قرابة أربعة أضعاف خلال الأربعة أعوام الأخيرة، في وقت لدينا أكبر احتياطي عالمي منه. وهناك توجه ملموس للإنفاق الحكومي الداخلي في المجالات التنموية التي تصب في المصلحة المباشرة للمواطن. فلدينا خطط لبناء ست مدن اقتصادية، ينتظر لها أن تحل مشاكل البطالة والفقر.. ومحددة لها أهداف اجتماعية واقتصادية تنموية لا حصر لها. من أهمها أنها ستنقل المجتمع السعودي إلى مصاف الدول الصناعية. ويرقى معها الفرد السعودي إلى مستوى إنتاجي منافس. وهناك شبكة خطوط حديدية على ارقى المواصفات العالمية (ننتظرها بفارغ الصبر)، في وقت بدأت ثلاثة خطوط جوية جديدة تمارس نشاطها المحلي لتشتعل روح المنافسة ولتتطور خدمات النقل الجوي السعودي. وأصبحت اليوم لدينا هيئة لسوق مالي ضخم وشركة مساهمة لتداول الأسهم.

ولا ننسى أن الأرقام تؤكد توالي الفائض في الموازنة العامة للدولة، فأرقام العام الماضي تشير إلى وجود تدفق مالي في حدود 17 مليار دولار شهرياً، تذهب سبعة مليارات منها إلى بناء الاحتياطيات من العملات الأجنبية. ويتم إنفاق الباقي على مختلف المجالات، بما في ذلك إطفاء الدين العام. أما على مستوى التعليم العالي والتقني، فإن عدد جامعاتنا يكاد يتضاعف خلال العقدين الماضيين.. وآخرها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، التي بدأ العمل فيها خلال الأيام القريبة الماضية، وينتظر لها أن تكون على مستوى عالمي ينافس أرقى الجامعات التقنية المتخصصة. وخدمات التأمين التعاوني بدأت ترفع عن المواطن شيئاً من شبح الحوادث المرورية على نمط اجتماعي مجاز شرعاً. هذا ونحن دولة فتية لم يمضي على تأسيسها سوى سبع وسبعين عاماً. ولعلي أُذكر بقرار مجلس الوزراء في جلسة الأسبوع الماضي، الذي قضى بصدور اللائحة التنفيذية لنظام هيئة البيعة، بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة. اذكر بهذه الثروة الفريدة التي قد لا نشعر بها، وربما لا نجد السبل لقياسها رقمياً، المتمثلة في المخزون من ثروة العلاقات الشخصية المتميزة لقادتنا ورموزنا السياسيين مع قادة دول العالم والشخصيات الفاعلة في اتخاذ القرار على مستوى العالم... وما ننفرد به من كسب إجماع الرأي العام الشعبي على هذا الدستور وهذه القيادة والتسليم بسياستها، وهو أمر لو نظرنا له بعين منصفة لوجدنا فيه ما يؤكد استمرار حالة الأمن التي نعيشها والاستقرار السياسي الذي نشهده. في وقت العالم من حولنا تتلاطمه أمواج الصراعات والمصالح المتعارضة وآيديولوجيات السياسات العالمية، بل إنني استطيع أن أربط (بالعقل والمنطق) بين هذه المعطيات ومتانة اقتصادنا الوطني، لأن القيادة المتزنة التي تحظى باحترام دول العالم لا بد أن تبعث على الاطمئنان لدى المستثمر فيها. وهو ما ينعكس إيجابياً على قوة الاقتصاد.. حتى في حالات التوتر بالمنطقة. صحيح أن الطموحات ما زالت بعيدة المنال، لكننا سائرون بخطى واثقة على الطريق الصحيح. وختاماً... علينا ألا ننشغل بما تم عمله، عما يتوجب علينا القيام به. وبعبارة أدق واكثر مباشرة علينا أن نتعامل مع المعطيات والمكتسبات بتفاعل وإيجابية. ولا بأس أن ننتقد نقص الأداء وتثاقل خطوات العمل، ليس نقداً للنقد المجرد، بقدر ما هو عمل تكاملي من المواطن والمسؤول لشحذ الهمم وحث الخطى إلى الأمام... والله من وراء القصد.

* كاتب ومحلل مالي [email protected]