صفعة جديدة لمشروع المفوضية الأوروبية لإرساء نظام البطاقة الزرقاء

مع رفض النمسا له قبل أسبوع من إعلانه

مقر الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل («الشرق الأوسط»)
TT

تعرضت خطط الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي لتوحيد سياسة التعامل مع ملف استقدام العمال من الخارج لصعوبات قبل اسبوع واحد من الموعد المقرر لإعلان المفوضية عن تلك الخطط فقد أعلنت النمسا رسميا رفضها لمشروع المفوضية الأوروبية بإرساء ما يعرف بنظام البطاقة الزرقاء والتي تخول الرعايا الأجانب بالإقامة والعمل في دول التكتل الأوروبي لأسباب اقتصادية وفق نظام البطاقة الخضراء المعمول به في الولايات المتحدة، وجاء ذلك في الوقت الذي تخطط المفوضية الأوروبية في بروكسل الى الإعلان رسميا عن خطة في هذا التوجه يوم 23 أكتوبر الجاري.

وتقول المفوضية انها تريد مساعدة الدول الأعضاء على الحصول على اليد العاملة المتخصصة ووقف الهجرة غير المنظمة واحتواء تداعيات ارتفاع أعداد المسنين الأوروبيين.

وقال المستشار النمساوي الفريد غوزنباور إن بلاده ليست بحاجة إلى مثل هذه البطاقة وان النمسا ترفض أن تضع سوق العمل داخله تحت إدارة القوانين الاتحادية الأوروبية، وتمتلك النمسا حق الفيتو في عمليات التصويت ويتوقع ان تثير معارضتها لخطة المفوضية عمليا نهاية هذا التحرك الأوروبي. وكان البرلمان الاوروبي وهو المؤسسة التشريعية الاعلى في المجموعة الاوروبية الموحدة، قد رحب بمقترح للمفوضية «الجهاز التنفيذي» يتضمن طرح بطاقة زرقاء للمهاجرين الاجانب، الذين تحتاج اليهم أسواق العمل في اوروبا، ولكن البرلمان اشترط عدة أمور، من اجل اقرار الموافقة النهائية على طرح البطاقة الزرقاء، وذلك خلال مناقشات جرت نهاية الشهر الماضي لملف الهجرة بشقيه الشرعي وغير الشرعي، وشهدت المناقشات مداخلات عدد من النواب الذين أشاروا الى عدة نقاط لا بد ان تضعها المؤسسات الاوروبية في الاعتبار، عند طرح اي استراتيجية للتعامل مع ملف الهجرة سواء الشرعية او غير الشرعية.

وأبدى غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي، دعمهم لمقترح المفوض الأوروبي المكلف شؤون الأمن والعدل والحرية فرانكو فراتيني، منح بطاقة زرقاء للعمال المهاجرين من أصحاب التأهيل المهني والعلمي العالي، وهي البطاقة التي تخولهم الإقامة والعمل بشكل قانوني يضمن لهم الحقوق الاجتماعية والطبية.

وأشار البرلمانيون الى أن «منح البطاقة الزرقاء أمر مقبول مبدئياً، لكنه يجب أن يكون الخطوة الأولى على طريق مجموعة الإجراءات الواجب اتخاذها من أجل محاربة الهجرة غير الشرعية، وفي نفس الوقت تشجيع الشرعية». وقد أشار النواب كذلك إلى أنه لا بد من العمل مع الدول المصدرة للمهاجرين ومساعدتها لإقامة سياسة تنموية صلبة تساعد في الحد من موجات المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي. وشجع البرلمانيون مؤسسات الاتحاد الأوروبي على العمل من أجل وضع استراتيجية تكافح مسألة الاتجار بالبشر وتشجع الهجرة الشرعية، « التي تقوم على معايير تحترم حقوق الإنسان الأساسية».

وفي الوقت نفسه كان للاحزاب اليسارية موقفا مغايرا فقد شهدت مناقشات اعضاء البرلمان توجيه مجموعة اليسار الأوروبي الموحد، انتقادات إلى سياسة المفوضية الأوروبية تجاه ملف الهجرة بشقيه، بينما دافع المفوض الأوروبي فراتيني، خلال الجلسة عن اقتراحه بتزويد العمال المهاجرين المؤهلين في أوروبا بالبطاقة الزرقاء وفند الانتقادات التي وجهت للسياسة التي يروج لها في ملف الهجرة..

فقد تضمنت مداخلات أعضاء مجموعة اليسار الأوروبي الموحد تحميل الاتحاد الأوروبي، مسؤولية استمرار المآسي الإنسانية في منطقة المتوسط، «بسبب سياسة الهجرة اللامنطقية» التي ينتهجها. وأشار أعضاء المجموعة إلى أن الإتحاد الأوروبي بحاجة إلى سياسة منطقية متماسكة لإدارة ملف الهجرة بشقيه الشرعي وغير الشرعي، «وإلا فإن البحر الأبيض المتوسط سوف يبقى مقبرة مفتوحة للأبرياء».

وخلال المناقشات، أكدت النائبة الإيطالية ليلي غريبر، أن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتحفيز الهجرة الشرعية «وجهان لعملة واحدة»، مشيرة إلى أن «فتح أبواب الهجرة الشرعية يعد أحد أهم طرق معالجة مشكلة تدفق المهاجرين غير الشرعيين على أراضي الاتحاد». وقد أضافت غريبر أنه في هذا الإطار، يمكن للبلدان الأعضاء في المنظومة الموحدة تحديد حصص العمال المهاجرين الذين يرغبون في استقدامهم.

من ناحية أخرى أكد النائب خافيير مورينو (المجموعة الاشتراكية - اسبانيا) في معرض الحديث عن الهجرة غير الشرعية، أن المهاجرين غير الشرعيين ليسوا مجرمين ولا خطرين بالضرورة.

وحول وكالة ضبط الحدود الأوروبية فرونتكس، فقد رأى مورينو أن عمل أفرادها قد ساهم في تخفيض أعداد المهاجرين غير الشرعيين، في حين شن نواب مجموعة اليسار الأوروبي الموحد هجوماً على فرونتكس، مطالبين المفوضية الأوروبية بتقديم إيضاحات حول عملها وتكاليفه وأبدى عضو المجموعة غيستو كاتانيا (إيطاليا) ملاحظاته على السياسة التي تقترحها المفوضية الأوروبية لإدارة ملف الهجرة، «إن احتجاز المهاجر غير الشرعي لمدة 18 شهرا، أمر غير مقبول، لأنه يتنافى مع الحقوق الأساسية للإنسان، كما يجب مراجعة سياسة الترحيل التي تنتهجها دول الاتحاد تجاه المهاجرين غير الشرعيين».

وطرح النائب أسئلة جادة حول تكلفة قوة ضبط الحدود الأوروبية (فرونتكس)، «هل يعقل أن يكلف تشكيل هذه القوة 45 مليون يورو لتغطي أربع سنوات فقط وتغطي تكاليف 90 عاملاً فيها».

من جانبه، تحدث النائب البرلماني كرياكوس تريتافيليدس، فأكد على رفضه لمسألة استخدام العمال المهاجرين بشكل موسمي، كما سبق واقترحت المفوضية، واصفًا العملية بـ«غير المقبولة»، «بل أكثر من ذلك يجب تسوية أوضاع العمال المهاجرين غير الشرعيين الذين يعملون بشكل غير قانوني وذلك من أجل ضمان حقوقهم الاجتماعية والمهنية».

وأوروبا، وفق الإحصائيات المتوفرة، سوف تفقد بحلول عام 2050 الكثير من قواها العاملة حيث سيبلغ ثلث السكان سن 65 عاما ويصبح الأوروبيون 4 % فقط من سكان العالم، بمقابل 8 % حالياً، وهو أمر يبين مدى حاجة أوروبا إلى فتح أبوابها أمام العمالة المهاجرة، وذلك لرأب الصدع القادم على الصعيدين الديموغرافي والاقتصادي.

وقال الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي في وقت سابق ان الدول الاعضاء في الاتحاد، تؤيد تطوير سياسة مشتركة للتعامل مع ملف الهجره، وان هناك مقترحات حول هذا الصدد، تهدف الى ادارة الملف بشكل افضل من قبل، ويأخذ في الاعتبار الحالة الاقتصادية والتركيبة السكانية للدول الاعضاء في المجموعة الاوروبية الموحدة، وقالت المفوضية الاوروبية، انه بالرغم من القيود والقوانين الرامية الى الحد من الهجرة الى دول الاتحاد منذ السبعينات، الا ان اعدادا كبيرة من المهاجرين توافدوا على الدول الاوروبية، ومنهم من طالبي اللجوء وان شبكات تهريب البشر استغلت هذا الامر.