الأمم المتحدة: الاستثمارات الأجنبية المباشرة ترتفع إلى 1.3 تريليون دولار

ارتفعت في الدول العربية بأكثر من 36% إلى 62.4 مليار دولار.. والسعودية ومصر والإمارات استحوذت على 60% منها

TT

كشفت وكالة تابعة للامم المتحدة ان الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم ارتفعت بشكل قياسي في عام 2006 وللسنة الثالثة على التوالي.

وأفاد مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية «اونكتاد» في تقريره السنوي الشامل حول الاستثمارات الاجنبية المباشرة، الذي صدر امس الثلاثاء تحت عنوان «تقرير الاستثمار العالمي 2007»، ان حجم تدفقات الاستثمارات الاجنبية المباشرة (FDI) في العالم صعد في العام الماضي بنسبة 38 في المائة الى 1.306 تريليون دولار من 916.27 مليار دولار في العام الذي سبقه. يشار هنا الى اكبر رقم تم تحقيقه في هذا المجال كان في عام 2000 عندما وصل تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة عالميا الى 1.411 تريليون دولار. وقال التقرير ان قيمة اسهم او رصيد هذه الاستثمارات وصل الى نحو 12 تريليون دولار في عام 2006.

وعزت «اونكتاد» هذا النمو في المقام الاول الى الأداء الاقتصادي القوي في معظم أنحاء العالم، فضلا على عمليات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود التي قامت بها الشركات الوطنية، والتي وصل عددها الى 78 الف شركة، في الدول المتطورة والنامية والتي ازدادت بنحو 23 في المائة الى 6974 صفقة بلغت قيمتها الاجمالية 880 مليار دولار في عام 2006. وهنا بينت الوكالة التابعة للامم المتحدة ان الصفقات التي تزيد قيمتها عن مليار دولار ارتفعت الى 172 صفقة في عام 2006، وهو ما يمثل ثلثي إجمالي عمليات الاستحواذ والاندماج، مقارنة مع 141 في العام الذي سبقه. وهو رقم يقترب من العدد القياسي الذي تم تسجيله في عام 2000 ووصل الى 175 صفقة.

ولاحظ التقرير هنا نمو أهمية نشاطات صناديق الأسهم والسندات الخاصة والتي كانت مسؤولة لوحدها عن 158 مليار دولار من اجمالي عمليات الاستحواذ والاندماج العالمية في عام 2006 بزيادة تبلغ 18 في المائة عن العام السابق.

كما أرجع كذلك إلى صعود أرباح الشركات عالميا مترافقا مع ارتفاع كبير للقيمة السوقية لاسهمها، مما زاد بدوره من قيمة عمليات الاستحواذ والاندماج عبر الحدود. هذا بالاضافة الى ان ضعف الدولار، ساهم أيضا، في زيادة تلك التدفقات خصوصا لاميركا، فضلا على تنامي القوة الشرائية للمستثمرين والتطلعات لدى الشركات باكتساب حصص جديدة في الاسواق.

واظهر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ان الاتحاد الأوروبي يعتبر أكثر مناطق العالم تلقيا للاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث استحوذ لوحده على استثمارات بقيمة 531 مليار دولار أو ما يعادل نحو 40 في المائة من إجمالي الاستثمارات على المستوى العالمي.

وعلى صعيد الدول تمكنت الولايات المتحدة من استعادة موقعها الريادي من بريطانيا كأكبر بلد متلقي للاستثمارات الاجنبية المباشرة لتحتل المرتبة الاولى عالميا بعد ان استقبلت استثمارات بقيمة 175.394 مليار دولار في عام 2006 من 101.025 مليار دولار في العام السابق. ثم تلتها بريطانيا في المركز الثاني التي تراجعت الاستثمارات اليها الى 139.543 مليار دولار في العام الماضي من 194 مليار دولار في عام 2005. بينما تقدمت فرنسا الى التصنيف الثالث عالميا بحجم استثمارات بلغ في عام 2006 نحو 81 مليار دولار، في حين جاءت بلجيكا في المركز الرابع بعد ان ارتفعت الاستثمارات الاجنبية المباشرة اليها باكثر من الضعف لتصل الى 72 مليار دولار.

كما تربعت اميركا على المركز الاول في اكثر الدول المصدرة للاستثمارات الاجنبية المباشرة بحجم 217 مليار دولار في العام الماضي. تبعها فرنسا بنحو 121 مليار دولار. وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في مقدمة التقرير الذي صدر امس «ان التقرير يركز على دور الشركات عبر الوطنية في الدول الصناعية، ويوثق نشاطاتها في الكثير من الدول الفقيرة، مبينا انه على الرغم من هذه الشركات تجلب معها التمويل والخبرات اللازمة للدول الفقيرة، الا ان نشاطاتها تطرح تحديات اقتصادية وبيئية واجتماعية للمجتمعات المحلية». وأوضح التقرير ان الاستثمارات الى الدول الصناعية المتقدمة ازدادت بشكل دراماتيكي بنسبة 45 في المائة وبشكل تجاوز معدلات العامين الماضين، مبينا ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة الى الدول المتطورة قفزت بشكل مذهل في عام 2006 الى 857 مليار دولار من 542 مليار دولار في العام السابق.

في حين ان تلك التي ذهبت الى الدول النامية صعدت هي الاخرى بنسبة 21 في المائة لتصل الى مستوى قياسي بلغ 379.1 مليار دولار في العام الماضي من 334 مليار دولار في عام 2005. وهنا أشار التقرير الى ان معظم الدول النامية سجلت معدلات صحية في تلقي الاستثمارات الاجنبية، باستثناء اميركا الجنوبية وافريقيا الغربية واوقونسيا. وشهدت الصين ومقاطعة هونغ كونغ وسنغافورة وروسيا اعلى معدلات بين هذه الدول في استقطاب الاستثمارات الاجنبية التي ارتفع حجم الناتج المحلي الاجمالي العالمي في عام 2006 الى نحو 48.3 تريليون دولار. وينبغي الاشارة هنا الى ان اقتصادات الدول الآسيوية الناشئة استحوذت على اكثر من ثلثي الاستثمارات الاجنبية المباشرة التي اتجهت للدول النامية في عام 2006.

وتوقع التقرير ان يشهد العام الحالي نموا قياسيا آخر في حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة خصوصا ان النصف الاول من العام الحالي سجل عمليات استحواذ واندماج بلغت 581 مليار دولار وهو ما يمثل زيادة بنحو 58 في المائة مقارنة بالعام السابق.

وارتفعت الاستثمارات الى الدول العربية بشكل قوي حيث ازدادت بنسبة اكثر من 36 في المائة حيث صعد حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة التي تلقتها المنطقة في العام الماضي الى 62.407 مليار دولار من 45.830 في العام الذي سبقه. وعلى الرغم من التحسن الظاهر الذي طرأ على قدرة الدول العربية في جذب الاستثمارات الاجنبية، الا انها لم تستقطب سوى 4.8 في المائة تقريبا من اجمالي الاستثمارات الاجنبية المباشرة على المستوى العالمي.

وقد بقيت السعودية ومصر والامارات تمثل الدول الرئيسية المتلقية للاستثمار الاجنبي المباشر في المنطقة العربية، حيث شكلت التدفقات الاستثمارية الداخلة اليها مجتمعة قرابة 60 في المائة من مجموع تدفقات الاستثمار الداخلة الى جميع الدول العربية.

واحتلت السعودية المرتبة الاول عربيا والعشرين عالميا في قائمة البلدان المتلقية للاستثمار الاجنبي المباشر، حيث بلغ مجموع التدفقات اليها 18 مليار دولار بزيادة كبيرة بلغت نسبتها 51 في المائة مقارنة بعام 2005.

وحلت مصر في المرتبة الثانية حيث ارتفع حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة بشكل مذهل وتجاوز 86 في المائة ليصل الى 10.043 مليار دولار. تليها الامارات التي انخفضت فيها تدفقات الاستثمار الداخلة بنسبة 23 في المائة لتصل الى 8 مليارات دولار. وارجع التقرير تربع السعودية على الترتيب الاول عربيا في استقطاب الاستثمارات الاجنبية المباشرة الى عدة اسباب من اهمها: تطور تشريعات حماية الاستثمارات الاجنبية، فضلا على تخفيف القيود على دخولها الى السوق المحلي خصوصا في قطاعات مثل البنوك والعقارات والاتصالات.

كما قال التقرير ان عمليات الخصخصة لقطاعات اخرى مثل الطيران ساهمت هي الاخرى في جذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة. والاهم من ذلك كله هو استمرار النمو الاقتصادي القوي، بالاضافة الى تحسن مناخ الاستثمار داخل المملكة.

ونجحت الجهود التي بذلتها بلدان الخليج لتنويع انشطتها الانتاجية خارج نطاق الانشطة ذات الصلة بالنفط، فقد نجحت في اجتذاب اكبر قدر من تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر نحو قطاع الصناعة التحويلية. وشكلت التدفقات من الكويت معظم تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الخارجة من من الدول العربية والتي بلغ حجمها نحو 13.6 مليار دولار، كان نصيب الكويت منها نحو 58 في المائة او حوالي 7.89 مليار دولار. ثم حلت الامارات ثانيا بنحو 2.3 مليار دولار، وجاءت البحرين ثالثا بقيمة 980 مليون دولار. وقد استقطب قطاع الاتصالات معظم هذه الاستثمارات في المنطقة.

ومن الدول العربية التي ساهمت برامج الاصلاح والانفتاح في تدفق الاستثمارات الأجنبية اليها بشكل غير مسبوق هي تونس حيث وصلت نسبة الزيادة اكثر من 323 في المائة، والبحرين 177 في المائة، والاردن 100 في المائة.