البنوك البريطانية ترفض 60% من طلبات القروض العقارية

«فيرجن» تواصل مفاوضاتها للاستحواذ على بنك «نورذرن روك» وسط منافسة «جي سي فلاوارز»

يابانيون أمام احد فروع مؤسسة «نومورا للأوراق المالية» في العاصمة طوكيو التي سجلت خسائر كبيرة تقدر بـ621 مليون دولار بسبب أزمة الرهن العقاري العالي المخاطر في اميركا. وقد أعلنت المؤسسة التي تعتبر آخر ضحايا أزمة الرهن بعد «نورذرن روك» عن اغلاق فروعها في الولايات المتحدة (أ.ب)
TT

في أكبر دلالة على تغير أحوال السوق، أكدت الإحصاءات البريطانية الأخيرة أن المؤسسات المالية والمصارف رفضت 60 في المائة من الطلبات التي قدمها المواطنون للحصول على القروض العقارية خلال الأشهر الستة الماضية. ووصل عدد هذه الطلبات المرفوضة بسبب تشديد الشروط على القروض نتيجة أزمة الائتمان الدولية الى 738 ألف طلب. وكان من الطلبات 380 ألف طلب من المشترين للمرة الأولى. وفي هذه الأثناء، تراجعت قيمة سهم بنك «نورذرن روك» أمس بنسبة 21 في المائة لتصبح 261 بنسا، وسط مخاوف المساهمين من التعرض للمزيد من الخسائر خلال فترة المفاوضات بين ادارة البنك والمؤسسات المالية الراغبة في الاستحواذ على البنك وعلى رأسها مجموعة «فيرجن».

وجاء التراجع أيضا على خلفية تصريحات صاحب «فيرجن» الملياردير السير ريتشارد برانسون، بأنه مستعد فقط لدفع جزء بسيط من قيمة البنك كجزء من عملية انقاذه والاستحواذ عليه. لكن برانسون أكد أيضا انه سيحافظ على نشاط البنك الخيري في منطقة نيوكاسل وسيعمل على حماية الوظائف. وقد عرض برانسون على ادارة البنك والمساهمين دفع 273.25 بنسا عن كل سهم من أسهم البنك، وهي القيمة التي حصلها سهم البنك يوم الجمعة الماضي قبل إغلاق سوق المال في لندن.

وأكدت مجموعة فيرجن من جديد انها ستعمل على تشكيل كونسورتيوم أو تحالف مالي لتقدم عرضا للاستحواذ على «نورذرن روك». ونصح الخبير المالي كولن المساهمين بقبول عرض "فيرجن " لنهم لن يحصلوا قيمة اكبر للسهم من 190 بنسا في حال حصلت أي عملية استحواذ و 130 بنسا إذا ما بقي وضع البنك على حاله دون تغيير أو إنقاذ. وتشير الحسابات الاولى، الى ان مجموعة «فيرجن» المدعومة من «إيه.آي.جي»، اكبر شركة تأمين في العالم، وصندوق «توسكا» للتحوط، قد تحصل ارباحا بنسبة 150 في المائة إذا ما استحوذت على البنك. وفي حال دفعت «فيرجن»مليار جنيه استرليني (ملياري دولار) لشراء جميع أسهم البنك وغيرت اسمه الى «فيرجن موني» فإن ذلك قادر على منح البنك الاستقرار المطلوب لكنه سيؤدي ايضا الى خفض قيمة السهم بنسبة 20 في المائة.

وسبق لـ«نورذرن روك» ان استدان اكثر من 13 مليار جنيه استرليني من البنك المركزي في انجلترا قبل أسابيع ليواصل أعماله بشكل معتاد وعلى خلفية أزمة الائتمان الدولية التي ضربت قيمة الكثير من اسهم البنوك في بريطانيا وغيرها.

ويتوقع المساهمون ان يطلب البنك المزيد من المساعدات الحكومية قبل حصول أي عملية استحواذ، الأمر الذي قد يؤدي الى تراجع قيمة أرباحهم أو تعويضاتهم حتى بعد سداد الدين. وفيما لا يتوقع ان تتم أي عملية استحواذ من دون موافقة الحكومة البريطانية، يتوقع ان تجيب ادارة البنك عن تساؤلات اللجنة الخاصة التي شكلتها الخزينة البريطانية من بعض النواب أمس حول ما حصل للبنك ولماذا وصل الى الوضع الذي وصل اليه وتحديد المسؤوليات.

وستتركز تساؤلات رئيس اللجنة، جون ماكفيل، حول عجز ادارة البنك حماية البنك ضد الشح في الائتمان وما إذا كانت قرارات الإدارة أو الحكومة قد اثرت وساهمت في حدوث ازمة «نورذرن روك» أو استفحالها.

ويقول النائب اندي لاف بهذا الصدد: «إننا نريد ان نعرف ما إذا كان توازن المخاطر صحيحا» في اشارة الى اعتماد البنك الكبير على اسواق المال الدولية بدلا من ودائع ومدخرات المساهمين والزبائن. كما ستبحث اللجنة في قضية آلية حسابات البنك المعروفة بـ«غرانايت». ويؤكد المحاسب ريتشارد مورفي ان هناك 40 مليار جنيه (80 مليار دولار) من السندات المورقة على الرهون العقارية لـ«نورذرون روك» تظهر في حسابات «غرانايت» .

كما ستكون قضية المكافآت المالية من القضايا الساخنة التي ستناقشها اللجنة، إذ ان البنك منح ما لا يقل عن 30 مليون جنيه (60 مليون دولار) للمسؤولين الكبار خلال السنوات الخمس الماضية.

ادارة البنك اكدت امس انها تتفاوض مع عدة اطراف مالية لتسوية امور البنك، لكن هذه المفاوضات لا تزال في بدايتها وفي مراحلها الاولى. وفيما لم تسم الإدارة الأطراف التي ترغب بالاستحواذ على البنك، تقول بعض المصادر الاقتصادية المطلعة ان هناك ثلاث جهات مهتمة بالبنك وهي «فيرجن غروب» و«جي سي فلاوارز» و«سيربيروس». وتعتبر المفاوضات مع «فيرجن» هي الأهم بسبب دعم اهم شركة تأمين في العالم لها اضافة الى المؤسسات المالية الاميركية وبعض المستثمرين من منطقة الشرق الاوسط. وقد رفضت شركة «دبي انترناشونال كابيتال» التعليق على الأنباء التي اشارت الى انها هي الطرف الاستثماري الذي يجري الحديث عنه من الشرق الأوسط.

ومن جهة اخرى ذكرت «التايمز» اللندنية ان مجموعة «جي سي فلاوارز» المالية الاستثمارية الاميركية ستقدم عرضا للاستحواذ على «نورذرون روك» خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وان المجموعة في موقع أفضل ومتقدم على مجموعة «فيرجن» للاستحواذ على البنك، رغم ان «فيرجن» بدأت المفاوضات مع مؤسسة «ميريل لينش» و«سيتي غروب» لهذا الغاية حيث أبدت «سيتي غروب» استعدادها تأمين 10 مليار جنيه (20 مليار دولار) لإكمال عملية الاستحواذ. وتقول المجموعة انها في مرحلة متقدمة جدا من المفاوضات مع ادارة البنك، وانها أمنت المبالغ المطلوبة للقيام بعرض ما. ويؤكد بعض الخبراء ان المخاوف لا تتركز على اصول وممتلكات البنك بل على تأمين السيولة المطلوبة لإتمام أي عملية استحواذ.