صندوق النقد لا يستبعد تجاوز أسعار النفط 95 دولارا قبل نهاية 2008

أشار في تقرير عن التوقعات الاقتصادية العالمية إلى أن الدولار والاسترليني مقومان بأعلى من القيمة الواقعية وتخوف من الآثار الجانبية لأزمة الرهن العقاري

TT

قال صندوق النقد الدولي أمس أن أسواق النفط العالمية تعاني من ضغوط على جانب العرض والتوترات السياسية قد تدفع الأسعار لارتفاعات أكبر حتى من مستوياتها القياسية الراهنة.

وقال الصندوق في تقريره عن التوقعات الاقتصادية العالمية «من استمرار محدودية الطاقة الإنتاجية فان صدمات العرض أو تصاعد التوترات السياسية قد تؤدي إلى المزيد من ارتفاعات الأسعار التي قد تترجم بسرعة إلى ارتفاع في التضخم الأساسي».

وأشار الصندوق في تقريره وفقا لوكالات الأنباء إلى فرصة بنسبة واحد الى ستة أن ترتفع الأسعار عن مستوى 95 دولارا للبرميل بحلول نهاية عام 2008 استنادا إلى أسعار عقود الخيارات. وارتفع سعر النفط من اقل من 70 دولارا للبرميل في منتصف أغسطس (آب) الماضي إلى مستوى أعلى من 88 دولارا للبرميل. وارتفعت الأسعار بنسبة 10 بالمائة منذ التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري مدعومة بعمليات شراء من جانب صناديق استثمار للتحوط من انخفاض قيمة الدولار.

وعلى عكس ارتفاعات الأسعار في العام الماضي يقول الصندوق ان ارتفاعات هذا العام جاءت «دون تصاعد باد في المخاطر السياسية» مما يترك فرصة للمزيد من الضغوط بالرفع. وتقترب أسعار النفط التي بلغ متوسطها هذا العام 67 دولارا للبرميل من أعلى مستوياتها على الإطلاق المعدل حسب بيانات التضخم الى 90.46 دولار للبرميل في عام 1980 العام التالي على قيام الثورة الإسلامية في ايران والذي بدات فيه الحرب العراقية الايرانية.

وأشار الصندوق الى زيادات الطاقة الإنتاجية في السعودية لكنه قال ان الإمدادات كانت محدودة في استجابتها لارتفاعات الأسعار لان «ارتفاع الطلب زاد من أسعار الاستثمار في زيادة الطاقة الإنتاجية في قطاع النفط وبسبب عدم التيقن بشأن مناخ الاستثمار في بعض الدول المنتجة للنفط».

ورحب الصندوق باعتزام «أوبك» زيادة إنتاجها بمقدار 500 الف برميل يوميا اعتبارا من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لكنه قال انه يتعين بذل المزيد للحد من ارتفاع أسعار النفط.

وأضاف التقرير «أسعار النفط من المرجح ان تظل مرتفعة في ظل غياب تغيير إضافي في سياسات حصص أوبك او تباطؤ عالمي كبير».

من جانب آخر، قال الصندوق ان الدولار الأميركي والجنية الإسترليني مقومان بأعلى من القيمة الواقعية وان الين مقوم بأقل من قيمته الواقعية في حين أن أسعار تداول اليورو والدولار الكندي تتفق مع العوامل الاقتصادية الأساسية التي تحكمهما.

وأضاف أنه رغم ارتفاع اليورو فانه مازال متداولا في نطاق عام يتفق مع العوامل الأساسية في الآجل المتوسط وأن الحال نفسه يسري على الدولار الكندي. لكنه قال ان الجنيه الإسترليني مرتفع القيمة وأشار الى أن العملة اليابانية ارتفعت عن المستويات المنخفضة التي هبطت إليها في الأشهر الأخيرة اذ أدت التقلبات التي شهدتها الأسواق المالية إلى تفكيك المراكز التي تكونت بالاقتراض بعملات منخفضة الفائدة مثل الين لتمويل استثمارات بعملات ذات عوائد أعلى. لكن الصندوق قال ان الين منخفض القيمة. وأشار الصندوق إلى إن الآثار الجانبية للاضطراب الذي شهدته أسواق المال هذا العام وتراجع سوق العقارات الأميركية سيتسببان في تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل على الأقل. وخفض محللو الصندوق توقعاتهم للنمو لاقتصاد الولايات المتحدة في العام القادم إلى 1.9% بعد أن كانوا يتوقعون في يوليو (تموز) نموا نسبته 2.8%.

وقال تقرير الصندوق إن نمو الاقتصاد العالمي سيصل إلى 4.8% وليس 5.2% كما كان متوقعا في تقديرات سابقة.

وذكر تقرير الصندوق للتوقعات الاقتصادية العالمية إن الاقتصاديات الغنية أظهرت قدرة على الصمود أمام الأزمات وقوة دعائمها الاقتصادية في حين أن انتعاش طلب المستهلكين في الأسواق الناشئة ينبغي أن يعوض فترة ضعف اقتصاد الولايات المتحدة.

وأبان ان المخاطر قد تزايدت منذ يوليو الماضي وبالأساس من «تدهور الأوضاع المالية ومن التوقعات غير المؤكدة بشأن الطلب المحلي في الولايات المتحدة وأوروبا». كما خفض صندوق النقد توقعاته لنمو اقتصاد منطقة اليورو خلال العام القادم إلى 2.1% متراجعا من 2.5% وذلك يرجع جزئيا إلى الآثار الجانبية لأزمة الرهن العقاري عالي المخاطر في الولايات المتحدة وأزمة الائتمان في أسواق المال.

وقال الصندوق إن الاقتصاد الصيني حصل على قوة دفع وأنه الآن هو المساهم الأكبر في نمو الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن الهند وروسيا لم تكن بعيدة كثيرا عن الصين خلال العام الماضي وأن الأسواق الناشئة الأخرى والدول النامية تواصل «نموها القوي». ونوه الصندوق إلى أن الفائض التجاري للصين يتسع بشكل أكبر وأن الاحتياطيات الأجنبية لها تستمر في الزيادة على الرغم من ارتفاع سعر صرف العملة الصينية الرينمينبي (اليوان) أمام الدولار.

وقال التقرير إن اقتصاد الصين بعد أن وصل إلى ذروته المتوقعة عند مستوى 11.5% هذا العام فإنه من المقرر أن تهدأ وتيرة ارتفاعه ليصل إلى 10% في العام المقبل، مضيفا أن من المتوقع أن تنمو اقتصاديات الدول النامية في آسيا كمجموعة بنسبة 8.8% في 2008 متراجعة من نسبة نمو عند 9.8% خلال العام الجاري.

في حين رفع صندوق النقد توقعاته لنمو اقتصاد أفريقيا للعام المقبل إلى 6.5% من 6.2% في تقديرات يوليو الماضي، بينما تراجعت توقعاته للنمو بالنسبة لدول وسط وشرق أوروبا من 5.4% إلى 5.2%.

وعموما فإن هذه التوقعات وفقا لوكالة الأنباء الألمانية تفترض أن يقوم مجلس الاحتياط الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) بخفض أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار نصف نقطة مئوية أخرى هذا العام مع عدم قيام البنوك المركزية الأوروبية برفع أسعار الفائدة.

وقال الصندوق إن أحد هذه المخاطر يتمثل في أن أسعار المنازل الأميركية يمكن أن تتراجع بأكثر من المتوقع، وأن الخطر الثاني هو أن يتسبب تشديد شروط الائتمان الناتجة من جراء زيادة حالات التعثر عن سداد قروض الرهن العقاري عالي المخاطر تقليص استثمارات جهات الإقراض الكبرى بما فيها قطاع الشركات الأميركي.

وأشار التقرير إلى أن مثل هذا المشهد يمكن أن ينتشر إلى أبعد من الولايات المتحدة وأوروبا ليصل إلى كل أسواق المال العالمية.