تراجع عمليات رفع رأسمال الشركات المساهمة السعودية عبر «المنح»

تساؤلات تشكك في فوائد «أسهم المنح» تبرز مع عودة التداولات.. وخبراء ماليون يرصدون فائدتين «محسوسة» وأخرى «معنوية»

المتداولون في سوق الأسهم السعودية يبدأون اليوم التعاملات بنظام تداول جديد («الشرق الأوسط»)
TT

تراجع معدل توجه الشركات المساهمة المدرجة في سوق الأسهم المحلية لرفع رأسمالها عبر منح الأسهم المجانية بمعدل 15 في المائة خلال النصف الأول من العام الجاري مقابل ذات الفترة من العام الماضي 2006، إذ بلغ عدد الشركات التي رفعت رأسمالها عبر منح الأسهم خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 17 شركة فقط مقابل 20 شركة خلال النصف الأول من العام 2006. وتتساءل شريحة من المتداولين وحملة الأسهم في سوق الأسهم المحلية حول الاستفادة من أسهم المنح التي تقوم بها الشركات وتعلن عنها بين فترة وأخرى، متسائلين عن جدوى الأنظمة التي تسنها الجهات المشرعة في البلاد إذ لم تنعكس بشكل إيجابي على حملة الأسهم.

وتعّرف أسهم المنح أنها عملية زيادة رأس المال بإصدار أسهم بالقيمة الاسمية للسهم ليتم بذلك تحويل قيمة الأسهم المصدرة من الاحتياطي وإضافته إلى رأس المال، بينما يتم حساب السعر بعد عملية التوزيع عبر عملية رياضية تتمثل في ضرب السعر المتداول في السوق قبل موعد التوزيع في عدد الأسهم قبل التوزيع ثم يقسم الناتج على عدد الأسهم بعد التوزيع.

ويرى عبد العزيز بن عبد الله الرزين وهو مستثمر ومتابع اقتصادي سعودي أن حملة الأسهم لا يستفيدون من المنح التي توزعها الشركات مشيرا إلى أن الأنظمة الحالية تلغي ثمن سهم المنحة بعمل متوسط يمثل (معدل السعر) في اليوم التالي ليوم الأحقية. وأعطى الرزين مثالا بالقول «لو أن شركة لديها أرباح مبقاة تراكمت خلال السنوات الماضية وأرادت التوسع والاستفادة من هذا المبلغ فإنها تقوم بإدراج هذا الربح في رأس المال بمعنى أنها ترفع رأسمالها وتمنح حملة الأسهم يوم انعقاد الجمعية غير العادية أسهم بحسب مقدار مبلغ الأرباح، وفي اليوم التالي تلزم أنظمة «تداول» بجعل نسبة التذبذب للسهم هو سعر المتوسط. وزاد الرزين لو أن شركة قد منحت سهم واحد لكل 4 أسهم وكان سعر السهم في السوق 100 ريال (26.6 دولار) فان ثمن الأسهم الأربعة 400 ريال (106.4 دولار) وفي اليوم التالي يكون لدى المساهم 5 أسهم فمتوسط السعر هو 80 ريالا (21.3 دولار) للسهم. ويتابع: «فحامل الأسهم لا يستفيد شيء لأن ثمن الأسهم الخمسة هي ذاتها 400 ريال مع أن المساهم له حق ونصيب من الأرباح المتبقاة وفي هذه الحالة له 2.5 ريال يفترض أن يضاف هذا المبلغ للمعدل بحيث يصبح سعر التذبذب لهذا السهم 82.50 ريال كي يحصل المساهم على نصيبه وتتحقق العدالة».

ولفت الرزين أن في هذا المثال يتضح إشارة سلبية أخرى وهي في حال انخفاض سعر السهم في السوق 5 ريالات فانه سيخسر أكثر من لو أنه لم يمنح سهم، إذ أن خسارة الأربعة أسهم هي 20 ريالا بينما خسارة الخمسة أسهم هي 25 ريالا، بينما لو ارتفع السهم فالمساهم ليس في حاجة لسهم إضافي لان أسهمه ترتفع في السوق. في المقابل، يقول الدكتور عبد الرحمن البراك رئيس قسم العلوم المالية في جامعة الملك فيصل إن الفائدة من المنحة واضحة ومتحققة من دون شكوك. ويستند في ذلك الى أن قرار المنحة هو عبارة عن معالجة محاسبية لتحويل الاحتياطات إلى رأس المال عبر زيادة عدد الأسهم التي ستنعكس على حملة الأسهم أنفسهم، مفيدا أن الأنظمة لا تتيح التحرك والتصرف بالاحتياطيات بشكل مباشر ولكن لا بد لها من آلية.

وأضاف البراك في حديثه لـ«الشرق الأوسط» لا بد من التركيز في أن «أسهم المنحة» دائما ما تعطي تصورات إيجابية لوضع الشركة، مشددا على ضرورة تصور الفوائد بعيدة المدى وألا تلغي آلية احتساب معدل متوسط السعر بظلالها على نفسية حامل السهم وإخفاء المكاسب الفعلية من المنحة.

وقال رئيس قسم العلوم المالية في جامعة الملك فيصل أن هناك فائدتين بارزتين لا بد من ملاحظتهما في أسهم المنحة أولها إمكانية الاستفادة الملموسة لحامل الأسهم، من الأسهم الإضافية التي حصل عليها وذلك عبر تسييلها بالبيع أو الانتظار إلى أن تحقق له عائدا على السهم لاحقا.

وأشار إلى أن الفائدة الثانية هي إعطاء إيحاء واضح عن وجود تطورات إيجابية وجديدة لاسيما ما يخص التوسعات والمشروعات إضافة إلى التأكيد على أن الشركة تنمو وتسير بخطى نحو تحقيق نجاحات مستقبلية. وحول ضرورة وجود أرباح متبقية إيجابية تضاف لمعدل متوسط سعر الأسهم، ولفت البراك إلى أن ذلك يعود إلى طبيعة قرار الشركة وهل ستتضمن المنح توزيع أرباح أو غير ذلك؟ إلى ذلك، يقول مطشر المرشد وهو محلل مالي سعودي إن أسهم المنح لها فوائد ملموسة ولا يمكن إنكارها إلا أن ذلك يعود في ذات الوقت إلى الشركة المانحة، مبينا أن المنح المقدمة من الشركات الكبيرة والتي تملك احتياطات مالية عالية تنعكس فائدتها على الأرباح المتبقية بعد مرور الوقت حيث ستنمو الأرباح ويرتفع بالتالي معدل العائد على السهم. وزاد المرشد الذي يتحدث لـ«الشرق الأوسط» حول إيجابيات المنح التي هي عبارة عن أسهم إضافية ممنوحة بجانب الأسهم التي يملكها حامل السهم، أن عوائد الشركات الكبرى وذات المتانة الربحية مرشحة إلى الاستمرار والتواصل مما يعني الاستفادة المالية الملموسة على المديين المتوسط والبعيد للمستثمر، وهو الأمر الذي على عكس «منح» الشركات الصغيرة وضعيفة الملاءة المالية.