خبير: أسعار النفط ستواصل تقدمها نحو «الرقم الصعب»

وسط تصاعد الضغوط الأميركية والأوروبية لزيادة إنتاج «أوبك»

TT

قال خبير اقتصادي ان السوق ستواصل التقدم نحو الرقم الصعب أو مستوى 100 دولار للبرميل الواحد. يأتي ذلك في وقت قفزت فيه أسعار النفط الى مستويات قياسية جديدة بعد صدور بيانات حكومية اميركية، الليلة الماضية، أظهرت انخفاضا مفاجئا في مخزونات النفط الخام وبعد هبوط جديد للدولار في اعقاب خفض الفائدة الاميركية.

لكن بعد ذلك، هبطت أسعار العقود الآجلة للنفط بفعل مبيعات لجني الارباح بعد ان سجلت مستويات قياسية جديدة فوق 96 دولارا للبرميل في أعقاب انخفاض حاد في مخزونات الخام الاميركية وقرار البنك المركزي الاميركي خفض اسعار الفائدة.

وفي وقت سابق من اليوم، سجل النفط الاميركي 96.24 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى للاسعار منذ بدء تعاملات العقود الآجلة في بورصة نايمكس عام 1983 في نفس اليوم الذي بدأت فيه منظمة اوبك تنفيذ زيادة انتاجية قدرها 500 ألف برميل يوميا. وبحلول الساعة 15:45 بتوقيت غرينتش، كان الخام الاميركي منخفضا 1.13 دولار عند 93.40 دولار للبرميل. وفي لندن، هبط خام القياس الاوروبي مزيج برنت دولارا الى 89.63 دولار للبرميل.

وقال أحد المتعاملين في لندن «الناس تعمد الى البيع لجني الارباح في سوق متقلبة بشدة.. قد نرى تراجعاً للاسعار في نطاق دولارين الي اربعة دولارات لبعض الوقت في السعي الحثيث لمحاولة الوصول الى مستوى 100 دولار».

وقفزت أسعار النفط أكثر من 5 في المائة يوم الاربعاء بعد هبوط غير متوقع لمخزونات الخام الاميركية وبيانات اقتصادية اميركية قوية وتراجع جديد للدولار الاميركي بعد ان خفض ان مجلس الاحتياطي الاتحادي اسعار الفائدة ربع نقطة مئوية.

وجاء هذا الهبوط المفاجئ في المخزونات في وقت يزداد فيه عطش العالم للنفط مع اقتراب الذروة الموسمية للطلب في الشتاء في النصف الشمالي من العالم. وقال روب لوخلين من مؤسسة ام.اف غلوبال ان السوق ستواصل التقدم صوب الرقم الصعب أو مستوى 100 دولار.

واظهرت بيانات للحكومة الاميركية أول من امس أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت 3.9 مليون برميل مقارنة مع توقعات بزيادة قدرها 600 الف برميل، في حين زادت مخزونات المشتقات المكررة 800 الف برميل يوميا مقارنة مع توقعات بانخفاضها 500 الف برميل. كما زادت مخزونات البنزين 1.3 مليون برميل مقارنة مع توقعات المحللين بانخفاضها 100 الف برميل.

وأرجع وزراء في اوبك ارتفاع أسعار النفط الى عمليات المضاربة وعوامل اخرى خارجة عن سيطرتهم وليس نقص الامدادات. وقال وزير الطاقة القطري عبد الله العطية أمس انه لا ينبغي إلقاء اللوم على اوبك في ارتفاع أسعار النفط لأن السوق هي التي تحدد الاسعار «السوق خارج سيطرتنا».

وقال القائم بأعمال وزير النفط الايراني غلام حسين نوذري ان من غير المتوقع أن تبحث اوبك زيادة الانتاج في محادثات غير رسمية تجري في الرياض في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) نظرا لان هناك امدادات نفط كافية في السوق.

وهنا أشار ايجون فينبرج، خبير شؤون النفط لدى مصرف «كومرتس بنك» الالماني إلى أن بيانات معدلات نمو الاقتصاد الاميركي وخفض سعر الفائدة هناك وانخفاض قيمة الدولار وزيادة احتمالات ارتفاع الطلب في الولايات المتحدة ساهم في ارتفاع أسعار النفط.

وأضاف الخبير أن الهبوط المفاجئ لمخزون الاحتياطي الاميركي من النفط الخام لأدنى المعدلات منذ عامين ساهم في ارتفاع الاسعار وزاد من احتمالات الوصول إلى حاجز 100 دولار للبرميل رغم عدم استناد الارتفاع لعوامل السوق الرئيسية.

يذكر أن أسعار النفط شهدت خلال أسبوع أعلى معدلات ارتفاع بسبب تصاعد حدة التوتر بين تركيا وحزب العمال الكردستاني وانتقال الصراع إلى شمال العراق فضلا عن المخاوف من ارتفاع الطلب على النفط الخام ومشتقاته في الشتاء في ظل قلة المعروض بالإضافة إلى المخاوف من تراجع أداء الاقتصاد الأميركي وضعف الدولار.

لكن في المقابل يبدو ان تصريحات اوبك لا تقنع الاميركيين والاوروبيين حيث قال في هذا السياق رئيس ادارة معلومات الطاقة الاميركية أمس ان الامدادات لن تكفي في أسواق النفط في أوائل العام المقبل اذا لم تزد منظمة أوبك انتاجها مما سيؤدي الى انخفاض حاد في المخزونات المنخفضة بالفعل.

وقال جاي كاروسو رئيس الادارة للصحافيين «اذا لم تنتج أوبك المزيد.. فسيكون العرض أقل من حاجتنا في الربع الاول من 2008». وأضاف «سنشهد سحبا أكبر بكثير من المعتاد من المخزونات». من جهته، قال اندريس بيبالجس مفوض الطاقة الاوروبي أمس ان على منظمة أوبك أن ترفع انتاجها من النفط لإظهار أنها تملك الطاقة الاحتياطية اللازمة لمواجهة أي نقص في الامدادات.

وقال بيبالجس لرويترز في مقابلة ان «القرار الصائب» هو زيادة انتاج أوبك. وأضاف «لن أقول كيف ستتم الزيادة أو حجمها لكنها ستكون القرار الصائب بما يشير الى أن الطاقة الاحتياطية كافية للاستجابة اذا حدث أي نقص في العرض».

وقال بيبالجس على هامش مؤتمر عن الطاقة تشارك فيه حكومات من أوروبا وافريقيا والشرق الاوسط «اوبك هي مجموعة الدول الوحيدة التي تملك مفاتيح هذه القضية ويمكنها أن تتحرك حقا لكي تؤكد للسوق أنه ما من داع للقلق بشأن الامدادات». لكنه قال ان ارتفاع الاسعار يمثل حافزا للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة التي لم تكن مغرية من الناحية الاقتصادية في السابق.