دبي: 15 ألف عامل آسيوي يضربون عن العمل.. ومخاوف من أعمال شغب

قائد شرطة دبي: سأجرجر كل من يخالف أنظمة وتعليمات حقوق العمال

TT

في واحدة من أضخم الاضرابات العمالية بمنطقة الخليج، أضرب الآلاف من العمال الآسيويين عن العمل أمس الخميس بإمارة دبي، ورفض العاملون، الذي قدرت مصادر بأن عددهم بلغ أكثر من خمسة عشر ألف عامل، الخروج من مساكنهم والتوجه لمواقع العمل صباحا، وبرر العمال إضرابهم هذا برغبتهم في «زيادة بالرواتب» و«تحسين ظروف العمل».

وشهدت المنطقة التي أضرب بها العاملون الذين ينتمون لأكثر من شركة مقاولات، تواجدا أمنيا مكثفا خوفا من اندلاع أعمال شغب، كتلك التي شهدتها دبي في مطلع الأسبوع الجاري.

وطالب المضربون عن العمل الجهات المختصة بالنظر في مطالبهم ضد الشركات التي يعملون بها. وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن العمال كانوا قد أبلغوا الجهات المختصة بمطالبهم سابقا، كما تم إبلاغ شرطة دبي منذ مساء أمس بإضرابهم عن العمل اليوم، وتواجد أفراد الشرطة منذ مساء أمس وطوقوا مكان الاضراب، كما تواجد مسؤولو وزارة العمل.

لكن الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي، تفاعل سريعا مع القضية وفضل أن يكون في صف العمال، مهددا بأنه سيلجأ إلى تقديم بعض مديري شركات البناء إلى القضاء بتهمة «سوء معاملة العمال اللاإنسانية»، وأضاف «أنني سأترك اللجان العمالية وراء ظهري ولن ألتفت إليها أبداً».

وبحسب المسؤول الأمني الاماراتي، فقد فتحت شرطة دبي التحقيق مع أحد مديري شركات البناء الذي أقر أمام مدير إدارة حقوق الإنسان بأنه يعترف بخطئه. وفي لهجة حازمة قوية، قال الفريق خلفان «لن أتوانى في جرجرة كل من يخالف النظم والأوامر والتعليمات التي أصدرها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خصوصاً فيما يتعلق بصون حقوق العمال».

ولفت خلفان إلى أن حكومة دبي لم تقصر في منح تلك الشركات أراض وفرصا، «ولكن بعض مديريها لا يقدرون أبداً لدولتنا جهودها في مساندتهم المادية، ولا يعملون على تنفيذ ما ينبغي أن ينفذوه، على أرض الواقع»، مؤكداً بأنه سوف يلجأ إلى إيجاد ضباط تفتيش عمالي من شرطة دبي، لسد العجز الواضح في ملاحقة هذه الشركات «التي لا تؤمن مكانا لائقاً للعمال».

وأضاف «ما أريد أن أؤكده بأن خريطة مواقع الشركات التي يسكن بها العمال ستكون موجودة لدى ضباط معينين سيقومون بالتفتيش المفاجئ للتأكد من أن السكن والمكان اللذين ينام فيهما العمال تتطابق ومعايير جودة الإسكان العمالي».

وتعني تصريحات المسؤول الأمني الاماراتي، أن شرطة دبي ستتخذ إجراءات خاصة بها لمنع تجاوزات الشركات والمؤسسات الجالبة للعمالة، وهو الأمر الذي كان في يد وزارة العمل بالدرجة الأولى.

ومطلع هذا الأسبوع حدثت مواجهة وشغب من قبل أكثر من أربعة آلاف عامل في دبي، مما تسبب في تكسير عدد من السيارات، ورمي السيارات المارة على طريق الامارات الرئيسي في الإمارة بالحجارة.

وتضاربت الأنباء الرسمية حول كيفية التعامل مع تمرد أول الأسبوع، ففيما أكد وكيل وزارة العمل أنه سيتم تسفير المتمردين من العمالة، نفى الفريق ضاحي خلفان تميم قائد شرطة دبي صحة هذه المعلومات.

ومؤخرا بدأت قضية الإضراب عن العمل تأخذ منحى تصاعديا في دبي على وجه الخصوص، خاصة مع تحول الموضوع من إضراب سلمي إلى شغب عمالي، بالإضافة إلى كثرة أعداد العمال المضربين الذين يصل عددهم بالآلاف، مقابل أعداد لا تتراوح المئات في السابق.

وعم الاستياء الشارع الإماراتي، وضجت الصحف المحلية منذ يوم الأحد الماضي بتقارير ومقالات ترفض وتندد بأعمال شغب العمالة الآسيوية. ويأتي الغضب الاماراتي بعد الشغب الأخير الذي شهدته الإمارة، ويسجل حالة غير مسبوقة على مستوى الامارات بأكملها.

وقال عبدالله رشيد مدير تحرير صحيفة الاتحاد الاماراتية «من حقهم الاضراب عن العمل، فهذا كفله لهم القانون، لكن أن تصل المسألة للتخريب، فهذا أمر خطير ولا ينبغي السكوت عنه». ويقول مراقبون إن ظاهرة الاضراب عن العمل بهذا العدد الكبير والضخم، تهدد أمن الإمارة ومشاريعها الاقتصادية، وذلك بسبب سهولة القيام بأعمال شغب من قبل أفراد يخرجون من بينهم، ثم صعوبة السيطرة على هذا الشغب.

ويتخوف الاماراتيون من دخول بعض التنظيمات السياسية على خط هذه العمالة، وتحريكهم تحت غطاء ملف العمالة الوافدة، خاصة مع تواجد مئات الألوف من العمالة هذه في مواقع مشتركة، مما يسهل عملية التنسيق بدون علم الجهات الأمنية، وهو الأمر الذي ترغب دبي في السيطرة عليه تماما عبر عدم السماح للشركات بانتهاك حقوق العمالة، وتحسين مستوى معيشتهم.