شافيز «الطفل».. وبوتفليقة «العجوز»

قصة رواها الرئيس الفنزويلي ليذكًر بنضال نظيره الجزائري

TT

«لا أزال أذكر نضال الرئيس بوتفليقة من أجل تحرير بلاده من الاستعمار، وكنت وقتها في السادسة من عمري»، بهذه الكلمات بدأت اللغة الثورية في خطاب الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، والذي ألقاه أمام قادة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أول من أمس، تتصاعد شيئاً فشيئاً، إلى أن دعا دول المنظمة لـ«الثورة» ضد الفقر والبؤس في دول العالم النامية.

وطغت اللغة الثورية على خطاب الرئيس الفنزويلي، 53 عاما، واستخدم كثيرا كلمات تندرج ضمن أبجديات العمل الثوري كـ«النضال» و«الصحوة» وغيرهما.

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، 70 عاما، كان حاضرا بقوة في خطاب الرئيس شافيز، الذي تباينت وجهات نظر الحضور إزاء مضامين حديثه.

ويبلغ الفارق العمري بين الرجلين قرابة الـ17 عاما. وطبقا لما ذكره شافيز عن متابعته لنضال الرئيس بوتفليقة، فإن ذلك يكشف أن بوتفليقة بدأ حياته الثورية وهو في الـ23 من العمر. وسبقت ولادة بوتفليقة ولادة «أوبك» بـ3 سنوات، حيث أنشئت عام 1960. وقال شافيز إن ولادة المنظمة جاءت في إطار الكفاح المكثف الذي كان يجري في كل أنحاء العام.

وكرر الرئيس الفنزويلي اسم الرئيس بوتفليقة عدة مرات في خطابه «الحماسي»، حتى توجه له بالحديث قائلا «انظر يا بوتفليقة هذه الأيام»، في إشارته لأيام القطبية الثنائية وهجوم الدول الغنية على أوبك برئاسة الولايات المتحدة.

ويصر شافيز بأن «أوبك» منظمة قامت على الثورة. وقال «حينما كنت في الطائرة في طريقي إلى هنا، قرأت الإعلان الصادر عنها في 6 مارس (آذار) 1975، وكانت المنظمة سياسية وثورية حيث أشار رؤساء الدول والحكومات إلى أن سبب الأزمة الحالية إنما يأتي من الظلم وعدم المساواة بين البلدان..».

وجدد الرئيس الفنزويلي الذي انتهت فترة رئاسته لـ«أوبك» أول من أمس، حيث تسلمتها السعودية، «تأكيده أن الظروف السياسية هي التي وقفت خلف تأسيس أوبك».

وقال هوغو في بداية خطابه «أحضر من فنزويلا اليوم كتحية لكل الشعوب العربية التي نشاطرها هوية ثقافية مشتركة، وشاركناها النضالَ والكفاحَ لسنوات بحثاً عن عالم أفضل..». وعاد شافيز ليذكِّر بانتصار الثورة الكوبية، حيث حاربت الدول الثورية، ومنها بلاده، لـ«التحرر من الدول المستعمرة التي نهبت الثروات في فترة ماضية، لينتج عن ذلك ولادة حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ77 وبعدها أوبك، والتي قال إنها ولدت «ككائن سياسي واقتصادي، للتذكير بالسوق وأسعار النفط».

وحمل خطاب شافيز إشارات لنجاح الحركات الثورية في هدفها.

وقال إن تجميد الحركات الثورية في وقت من الأوقات كاد يحول أوبك إلى العالم الآخر، بهبوط مريع للأسعار، حيث زادت حدة الخلل بسبب الضعف الاقتصادي وعدم الاستقرار النقدي والتلاعب بالسياسات النقدية، مؤكدا في الوقت نفسه «ثورية» منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

واستعرض شافيز تاريخ أوبك لتأكيد نظريته حول دورها السياسي، داعيا إلى تذكّر الأيام التي أسست فيها، منوها بالإعلانات الصادرة عن القمتين الأولى في الجزائر ثم كركاس. وأكد تضامن المنظمة مع دول العالم الثالث. ثم استعرض فترة «اوبك» خلال رئاسة بلاده لقمتها منذ عام 2000، معتبرا أنها أعادت نهوض أوبك من جديد بعد مرحلة انتهاء القطبية الثنائية وارتفاع ما وصفه براية الليبرالية الجديدة لأميركا، وهي الفترة التي كادت تتحطم فيها «أوبك» وتخرج فنزويلا من عضويتها. واعتبر أن قمة كركاس أعادت الـ«صحوة» لـ«أوبك». وقال إنه يسلم رئاسة المنظمة وأسعار النفط عند 100 دولار، وانه يدعو اوبك الى العمل كفاعل سياسي واقتصادي، وان تطلب احتراما لبلدانها مثلما فعلت قمة الجزائر الاولى، وان تطالب الدول الاقوى بوقف تهديداتها، مشيرا الى الوضع الحالي في العراق والتهديدات ضد ايران، وان تطالب بحماية شعوبها اذا كانوا يريدون إمدادات نفط آمنة، مؤكدا ان النفط سيصل الى عدة مئات من الدولارات اذا حدث اعتداء على ايران او بلاده. وقال ان «اوبك» تريد الاستقرار والتعاون مع المستهلكين، ودعاها الى المجابهة بشكل اقوى ضد الفقر والبؤس، وان تكون في الطليعة بهيكلية اقتصادية جديدة، مقترحا مصرفاً لـ«أوبك» تضع فيه مواردها لمساعدة بلدانها والفقراء. واشار الى ان البرازيل هدف مقبل لعضوية «اوبك» بعد ان اعلن الرئيس البرازيلي اكتشاف احتياطات كبيرة من النفط في عمق البحر. كما قال ان سعر 100 دولار سعرٌ عادلٌ ويعادل 30 دولارا للبرميل في السبعينات.