تجاذبات قمة «أوبك» حول ضعف الدولار تتكسر على أعتاب حكمة «طمأنة السوق»

حضور متوقع لملف الدولار خلال اجتماعات «أوبك» المقبلة تعوض تجاهله في البيان الختامي للقمة

TT

خلاَ بيان توصيات قمة أوبك الثالثة التي انتهت فعالياتها أمس في العاصمة السعودية، من الإشارة لضعف الدولار أو تضمين موضوع القلق على اقتصادات الدول المصدرة نتيجة ما يعتري العملة الأميركية من اهتزازات وانعكاساتها مستقبلية، بينما يتوقع أن يكون حضور ملف ضعف الدولار حاضراً بقوة خلال اجتماعات أوبك بعد القمة.

ولم يتضمن البيان الختامي لقمة منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أمس أيَّ إشارة إلى المستوى الضعيف لسعر صرف الدولار الذي سيقلص عائدات الدول الأعضاء، وهو الأمر الذي يأتي على خلاف رغبة إيران، وبعكس اقتراح فنزويلا لإبراز القلق بشأن تأثير العملة على اقتصادات منتجي النفط.

وبحسب الدكتور راشد أبا نمي المهتم بالشأن النفطي، فإن عدم الإشارة إلى موضوع الدولار وإشكالاته الحالية، يأتي من حكمة إدارة هذه القمة، مؤكدا بقوة أن الإشارة إلى ضعف الدولار يأتي مخالفا بالكلية للهدف الرئيسي من عقد القمة الهادف إلى طمأنة الأسواق العالمية على سياسة الإمداد وضخ روح التفاؤل والهدوء لأسواق الطاقة دولياً.

ويشير أبا نمي أن استبعاد التطرق لضعف الدولار من تداولات قمة «أوبك» التي جاءت بزخم تجمع قادة الدول المصدرة للنفط، لا يخدم بأي حال من الأحوال عاملي الوقت والهدف الذي من أجله انعقدت القمة في وقت تشهد فيه أسواق العالم انكبابا ضخما على مستوى الطلب مقابل محدودية في المعروض، مبينا أن دول «أوبك» رسمت من خلال القمة طمأنة العالم وإمداد الأسواق.

ودارت خلال فعاليات قمة الرياض تجاذبات بين أعضاء المنظمة حول موضوع «ضعف الدولار»، إذ ترفض السعودية محاولة إيران وفنزويلا الإشارة إلى قلق أوبك بشأن ضعف الدولار الأميركي في بيان قمة زعماء دول المنظمة، حيث قال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إنه يفضل ترك هذه المسألة للأطراف المعنية وعدم إدراجها في مسودة البيان، في وقت أعرب فيه عن قلقه من أن أية إشارة إلى قيام أوبك ببحث مسألة الدولار قد تحدث أثرا في حد ذاتها.

في المقابل، وعلى لسان منوشهر متقي وزير الخارجية الإيراني، فإن الاقتراح الإيراني ـ الفنزويلي هو لفت الانتباه إلى ضعف الدولار في البيان الختامي، بينما كان وزير الخارجية السعودي يتوقع أن مجرد الإشارة إلى تكليف وزراء المالية دراسة ذلك الأمر يعني أن أيَّ قرار تتخذه «أوبك» سيكون له أثر عكسي ووسائل الإعلام ستتصيد هذه النقطة، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة قد ينهار الدولار بدلا من أن تكون أوبك قد فعلت شيئا يحمي مصالح دولها.

ولفت الخبير أبا نمي إلى أن دول لـ«أوبك» التزامات دولية مشددة جدا لضمان إمداد العالم بالنفط ومواصلة سياسة طمأنة السوق، موضحا أن الوقت الراهن «غير ملائم» على الإطلاق لبحث فكرة إعادة تسعير برميل النفط بغير عملة الدولار والتوجه نحو عملات أقوى حاليا؛ من أبرزها «اليورو»، خاصة مع الظروف العالمية وما يمر به من أزمات ومطالب.

وزاد أبانمي أن عملية تغيير ربط العملة أو التسعير بالدولار ربما لم تكن فكرة سيئة ولها إيجابيات ولكن ليس بالسهولة عمل ذلك بل يحتاج إلى سنوات ليتلاءم ويتواكب مع كافة اقتصادات الدول الأعضاء، حيث ليس بالضرورة أن يتلاءم قرار فك تسعير البرميل بالدولار مع دول مثلما يتلاءم مع الدول المطالبة كإيران وفنزويلا التي ربما كان الهدف سياسيا بالدرجة الأولى.

وعلى الرغم من هذه التفاعلات إلا أن مسألة إبداء القلق من ضعف الدولار مرشحة أن تكون حاضرة في اجتماعات «أوبك» بالفترة القليلة المقبلة حيث قال جوزيه بيدرو دي موريس وزير المالية الانغولي في تصريحات أطلقها أمس، إن «أوبك» ستبحث تأثير ضعف الدولار في سلسلة من الاجتماعات لوزراء المالية والخارجية والنفط بدول المنظمة، مشيرا إلى أن الاجتماع المقبل لـ«أوبك» في أبوظبي في ديسمبر (كانون الأول) سيحدد جدولا زمنيا للمناقشات شأن الدولار رغم أن الوزراء لن يتعاملوا مع مسألة تسعير النفط بأي عملات أخرى، بينما اقترحت إيران وفنزويلا والعراق تحويل سعر النفط إلى سلة عملات بدلا من الدولار.