إجراءات تطويرية للذراع الاستثماري للحكومة السعودية لتفعيل قراراته على أسس تجارية

من بينها اقتراحات بتأسيس شركة مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة ونقل أصوله إليها وإدارة ثروات خارجية بـ 258 مليار دولار

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن السعودية تتجه إلى تفعيل دور صندوق الاستثمارات العامة الذراع الاستثماري للحكومة والتابع لوزارة المالية بحيث يدار الصندوق بأسلوب تجاري استثماري بحت يستطيع أن يتعامل مع مئات المليارات من الريالات وفقا للفرص المتاحة لتعظيم موارده لتكون مفيدة للوطن والمواطن وللأجيال المقبلة.

وبينت المصادر أن هناك أكثر من مقترح معروض حاليا على جهات عليا لتفعيل دور الصندوق ليكون ذراعا استثماريا قويا ومرنا يستطيع التكيف مع التغيرات التي يشهدها الاقتصاد بصفة عامة وليس قائما على قرارات اتخذت منذ نحو أربعة عقود قد تؤثر على أدائه. وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» وفضلت عدم الإشارة إليها، أن من بين المقترحات تأسيس شركة مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة على أن يتم نقل جميع أصول الصندوق لهذه الشركة.

يشار إلى أن أصول الصندوق تتوزع في مساهمات في شركات يتم تداول أسهمها في البورصة المحلية أو عبر شركات يمتلك نسبا كبيرة فيها ولا يتم تداول أسهمها في السوق المالية كالبنك الأهلي التجاري الذي يعد أكبر بنك في منطقة الشرق الأوسط من خلال رأس ماله الذي يبلغ 15 مليار ريال (4 مليارات دولار). كما يمتلك الصندوق شركات بالكامل ومنها شركة سار التي ستؤسس خط سكة الحديد من شمال السعودية إلى غربها مرورا بالمنطقة الوسطى، وشركة معادن التي ستطرح للاكتتاب في وقت لاحق يرجح بشكل كبير أن يكون في 2008.

وأبانت المصادر أن من بين الأهداف الرئيسية لتطوير الصندوق الذي تأسس عام 1971، هو تفعيل اتخاذ القرارات لتكون مبنية على أسس استثمارية تتصيد الفرص وتتخذ بشكل عاجل بدلا من الالتزام الحكومي الذي قد يقيدها كثيرا.

في المقابل لم تخف المصادر إمكانية أن يكون للشركة الجديدة ذراع للاستثمار الخارجي من خلال تأسيس شركة أخرى قد تكون تابعة للصندوق مباشرة أو للشركة التي يمتلكها الصندوق، ستوظف لإدارة الثروة السعودية في الخارج والتي تقوم مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» حاليا بإدارتها والتي تقدر بـ 258 مليار دولار (967.5 مليار ريال). ومما يعزز هذا الأمر ما أشار إليه حمد السياري محافظ «ساما»، البنك المركزي، إلى أن صندوق الاستثمارات العامة يمكنه استخدام أموال لشراء أصول أجنبية، نافيا في الوقت نفسه، أي السياري، من خلال تصريح له قبل أيام لصحيفة الفايننشال تايمز البريطانية التوجه لإنشاء صندوق سيادي لإدارة الثروة عكس دول الخليج التي لها صناديق سيادية سعت إلى شراء أسهم أو استحواذ على شركات عالمية لا سيما في دبي وقطر والكويت.

وتقدر الاستثمارات السعودية التي تديرها «ساما» في الخارج بـ 258 مليار دولار تتوزع في عدة أشكال استثمارية من بينها سندات وودائع بالدولار. وتسعى الحكومة السعودية من نقل هذه الثروات الخارجية إلى صندوق الاستثمارات العامة أو جهة تابعة له بهدف تفريغ البنك المركزي لإدارة السياسة النقدية ومراقبة القطاعين الماليين المكلفين الإشراف عليهما وهما (المصرفي والتأميني) بدلا من عبء عليه قد يؤثر على مهمته الأساسية.

يشار إلى أن الباعث على إنشاء صندوق الاستثمارات العامة منذ 36 عاما، هو أن الحكومة أنشأت مشروعات إنتاجية ذات طابع تجاري لاتصافها بالأهمية الكبيرة لتنمية الاقتصاد الوطني وتوفر المقومات الأساسية لقيامها عندما رأت أن القطاع الخاص لا يستطيع القيام بها منفرداً إما لقلة الخبرة أو رأس المال أو كليهما.

وتسعى الأفكار الجديدة لتطوير صندوق الاستثمارات العامة أيضا إلى استقطاب الكوادر المؤهلة بهدف مساعدته في أهدافه الاستثمارية والتي يحول حاليا حول استقطابها أنها تجد في القطاع الخاص فرصا قد لا تتوافر في القطاع العام لا سيما من الناحية المالية، إذ يعتمد الصندوق على سلم رواتب مقيد بمميزات بحسب المراتب التي يشغلها الموظف والتي لا تختلف كثيرا منها عن وظيفة مشابهة بذات المرتبة في دوائر أخرى غير استثمارية.

ويختص الصندوق بتمويل الاستثمار في المشاريع ذات الطابع التجاري سواء كانت تابعة للحكومة أو لمؤسسات الاقراض الصناعي المرتبطة بها أو المؤسسات العامة، كما يساهم الصندوق باسم الحكومة في عدة شركات عربية مشتركة.

وأبانت المصادر أن الصندوق سيستمر في تقديم قروضه للشركات السعودية ولن يتم حله. يذكر أن إجمالي القروض التي قدمها الصندوق منذ بداية نشاطه حتى نهاية العام الماضي بلغ نحو 69 مليار ريال (18.4 مليار دولار) وبلغت تسديدات القروض خلال الفترة نفسها نحو 51.2 مليار ريال.