بندر آل فهيد لـ «الشرق الأوسط»: 90% من السياحة في الدول العربية آمنة

رئيس المنظمة العربية للسياحة: نقص التمويل والخدمات المصرفية يؤثر سلبا على السياحة العربية

رئيس المنظمة العربية للسياحة بندر بن فهد آل فهيد («الشرق الأوسط»)
TT

احتل قطاع السياحة وتنميته كرافد من الروافد الأساسية للاقتصاد الوطني مساحة كبيرة في معظم اقتصاديات الدول العربية في الفترة الأخيرة، كونه قطاعا واعدا له حسنات كثيرة، أبرزها قدرته على توفير فرص عمل وظيفية لآلاف العاطلين عن العمل واجتذابه لرؤوس الأموال الأجنبية. «الشرق الأوسط» التقت في جدة بندر بن فهد آل فهيد، رئيس المنظمة العربية للسياحة؛ وهي منظمة منبثقة عن جامعة الدول العربية تعنى بتنشيط قطاع السياحة في الدول العربية، وحاورته حول أهم مشاكل هذا القطاع والحلول التي لجأت إليها المنظمة، وفيما يلي نص الحوار:

> هل تعتقد بأن هناك مشكلة فيما يتعلق بخدمات القطاع المصرفي للاستثمارات السياحية في الدول العربية؟

ـ أعتقد أن التمويل بالنسبة للاستثمارات السياحية لا يزال ضعيفاً بشكل واضح ليس فقط في المملكة، ولكن في كافة الدول العربية والإسلامية، والمستثمر في القطاع السياحي بالذات عانى الأمرين في عملية التمويل؛ فالبنوك لديها نظرة بأن قطاع الخدمات يعتبر قطاع مخاطرة؛ ولذلك كان لديها عزوف شديد عن تمويل مشروعاته، رغم كونه قطاعاً واعداً وناجحاً، وهو من وجهة نظرنا يوازي القطاعات البترولية في الأهمية؛ فهو أكثر القطاعات التي توفر فرصا وظيفية وله محاسن كثيرة.

> كيف تصديتم لمشكلة نقص التمويل والخدمات المصرفية لمشروعات القطاع السياحي كجهة معنية بتطويره؟

ـ أسند مجلس وزراء السياحة العرب إلى المنظمة العربية للسياحة مهمة إيجاد حل جذري وسريع لعملية التمويل، نظراً للشكاوى والتذمر من غالبية المستثمرين، وقمنا على الفور بالترتيب والتنسيق وإنشاء صناديق للتنمية السياحية، بواقع صندوق لكل دولة عربية، وإجمالي الصناديق حوالي الـ 4 مليارات دولار، وقسمنا الدول إلى عدة أقسام بحسب احتياجاتها، حيث يبدأ الصندوق بـ 100 مليون وينتهي إلى 500 مليون، وسنغطي في المرحلة الأولى جزءا من الدول العربية المحتاجة، ومن ثم ندرس تمويل مرحلة ثانية يمكن أن يتم فيها استحداث صناديق أخرى، وستكون بالمناسبة مساهمة مفتوحة للمشاركة من قبل المواطنين والمستثمرين، إلى جانب إنشاء بنك خاص للتنمية السياحية في الدول العربية وتمويل المشروعات فيها تم توقيع اتفاقية إنشائه في شهر يوليو (تموز) وسيبدأ خدماته منتصف العام المقبل.

> هناك توجه من قبل المنظمة العربية للسياحة بالتركيز على مشروعات سياحية تتكامل مع خطط التنمية في الدول العربية بحسب تصريحاتكم السابقة، ما الذي تم تحقيقه في هذا السياق؟

ـ أطلقنا برنامجا متميزا هو برنامج الحد من الفقر والبطالة، في العالم العربي من خلال تنمية المجتمعات المحلية، وإيجاد مشروعات سياحية مستدامة، وبالفعل نحن نحاول من خلال السياحة الحد من الفقر والبطالة وسيطلق على هذا الصندوق اسم الراحل رفيق الحريري، حيث قام الشيخ سعد الحريري بتبني هذا الصندوق مع المنظمة، ونحن في المراحل النهائية لتكوين مجلس إدارة الصندوق وإطلاقه، ونتوقع أن يقوم بدور متميز في خدمة الدول العربية في هذا السياق.

> هل الدعم الحكومي الذي تقدمه حكومات الدول العربية حالياً كافٍ لتحفيز نشاط السياحة داخل الدول العربية برأيك؟

ـ القطاع السياحي يحتاج بشكل كبير للدعم الحكومي، وخاصة من ناحية التكاليف والخدمات والدعم اللوجستي وتوفير بنية تحتية تتضمن الكهرباء والمياه والصرف الصحي، والنقل، وتسهيلات التأشيرات، وغيرها، ونحن نتابع من خلال المنظمة مع الحكومات العربية ونناقش معهم بعض التشريعات والأنظمة والقوانين، ووصلنا إلى مراحل متقدمة، ووقعنا اتفاقية مع مجلس وزراء الداخلية العرب لإقامة أكبر منتدى للأمن السياحي سيجمع وزراء الداخلية العرب بوزراء السياحة، والميزة فيه هي أن نضع المسؤولين في مواجهة بعضهم وسيشارك فيه القطاع الخاص، ونعتقد بأن الكثير من إشكالات الدعم الحكومي ستحل من خلال هذا الاجتماع.

> ما هي خططكم الآن، وما الدول التي تحظى بعناية أكبر في مجال التطوير السياحي؟

ـ نركز حالياً على الدول التي لديها الامكانات السياحية، ولكن ليس لديها البنية التحتية، أو الترويج، أو التمويل، وخطتنا القادمة التركيز على جزر القمر، ومن خلال لقائنا مع رئيس جمهورية جزر القمر قمنا بوضع مجموعة من الخطط الاستراتيجية لتنشيط السياحة في هذا البلد، وسيتم البدء بتنفيذها خلال الفترة القريبة القادمة، ومن بينها إنشاء مطار، وصندوق للتنمية السياحية بقيمة 300 مليون دولار، والإسهام في تطوير بنية البلد التحتية واستكمالها، إنشاء مركز متقدم للتدريب والتأهيل في مجال الخدمات السياحية بالتعاون مع جامعة الحريري الكندية، كذلك قمنا بعمل مسح كامل للسودان بالتعاون مع عدد من المنظمات والجهات الدولية المعنية لتحديد المواقع المهيأة للاستثمار والجذب السياحي فيه تمهيداً لترويج الاستثمارات فيها.

> ما هو حظ الاستثمارات المعنية بالهوية العربية والثقافة الشعبية في الدول العربية من خطط الترويج الاستثماري التي تتبناها المنظمة العربية للسياحة، وهل هناك تعاون مع منظمات متخصصة كاليونسكو مثلا في هذا السياق؟

ـ لا تنسِ أن المنظمة العربية هي عضو في منظمة السياحة العالمية لهيئة الأمم المتحدة والتي تعد المظلة الكبرى لكافة الجمعيات والمنظمات العاملة في قطاع السياحة، وقد قمنا بتوقيع اتفاقيات مع كافة المنظمات العالمية لتفعيل خططنا بالشكل الذي نريده، أما فيما يتعلق بالهوية العربية فخطتنا القادمة هي إنشاء شركة تعتني بإقامة القرى العربية التراثية بين الدول العربية، وأولى هذه القرى ستنطلق من جدة؛ وهي استثمار سعودي كويتي بتكلفة 200 مليون، وستكون على طريق مكة جدة، وستجمع تراث كل الدول العربية، وسنقوم بتعميم هذه التجربة على مستوى الدول العربية مستقبلا، وطرحها كشركة للاستثمار السياحي.

> ما هو تأثير المشكلات الأمنية في الشرق الأوسط على خطط التنشيط السياحي التي تتبناها المنظمة العربية للسياحة؟

ـ أولا، أوافقك الرأي بأن القطاع السياحي يتأثر سريعاً بأي أحداث أمنية، ولكنه في الوقت نفسه سرعان ما يعود إلى طبيعته ونشاطه، ومن وجهة نظري فإن الدول العربية كوجهة سياحية هي آمنة بنسبة 90 في المائة، صحيح أن هناك بعض المشاكل في السودان وفي العراق، ولبنان وفي فلسطين، ولها حلولها داخل الأطر الدبلوماسية، لكننا في المنظمة وقعنا اتفاقية مهمة جدا مع المؤسسة العربية لضمان الاستثمار عن طريق إعطاء المستثمر تأمين ضد المخاطر السياسية، والعسكرية، والتأميم والخ.. وهذا يشجع تدفق رؤوس الأموال في قطاعات السياحة بكافة الدول العربية، وأود أن ألفت إلى أن الأمن ليس فقط في انعدام الحروب، فهناك دول كبرى لو خرج السائح بمفرده آخر الليل لتعرض للسلب والسرقة، فالأمن السياحي لا يقتصر على الاستقرار السياسي للمنطقة لكنه أعم وأشمل من ذلك بكثير.