كبريات شركات الاتصالات الأوروبية تتنافس على سوق الهاتف النقال المغاربية

الخبراء يقدرون أن يصل حجمها الى 10 ملايين مستهلك في أفق سنة 2003

TT

كشفت مصادر مطلعة بسوق الاتصالات في دول المغرب العربي لـ«الشرق الأوسط» أن خمسا من كبريات الشركات الأوروبية وشركة عربية واحدة، تتنافس بقوة على سوق الهاتف النقال المغاربية حيث تشير بعض التوقعات إلى أن عدد المستهلكين بها سيناهز 10 ملايين مشترك في حدود سنة 2003، تشكل حصة السوق المغربية ضمنها نسبة 50 في المائة من المستهلكين.

وتضم لائحة المتنافسين في عمليات تخصيص الهاتف النقال بالجزائر وتونس المفتوحة حاليا: كلا من شركة «تيليفونيكا» الإسبانية و«فرانس ـ تيليكوم» و«برتغال ـ تيليكوم» و«تيليكوم ـ ايطاليا» إضافة لشركة «اوراسكوم» التي تملكها مجموعة سويريس المصرية، ويذكر أن سوق الهاتف النقال المغربية كانت قد شهدت أول عملية تخصيص ببيع الرخصة الثانية لكونسرتيوم «ميدي تيليكوم» التي تضم تحالفا لمجموعات «تيليفونيكا» الإسبانية و«برتغال ـ تيليكوم» إضافة لمجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية، وكانت قيمة الرخصة الثانية التي اشترتها سنة 1999 بـ1.1 مليار دولار. ويرصد المتتبعون للسوق المغاربية للهاتف النقال أن منافسة الشركات المذكورة تجري في شكل تقاطعات وأشبه ما يكون برقعة الشطرنج، فبينما وضعت الشركات الأربع الإسبانية والبرتغالية والفرنسية والمجموعة العربية «اوراسكوم» بيضها في سلة السوق الجزائرية في انتظار حسم العطاء المفتوح يوم 23 يوليو (تموز) المقبل أي عشرة أيام بعد طرح العروض، تتنافس نفس الشركات إضافة لشركة «ايطاليا ـ تيليكوم» على صفقة بيع الرخصة الثانية للهاتف النقال بتونس الذي يظل موعد حسمه غير معلن لحد الآن، ويحيطها تكتم شديد.

وفي غضون ذلك يرصد المراقبون أن مجموعة «فيفاندي» العالمية الفرنسية التي اشترت حصة 35 في المائة من رأسمال شركة «اتصالات» المغرب، ما تزال تراقب السوق المغاربية وتحتفظ لحد الآن بالدور الاستراتيجي الذي حصلت عليه في السوق المغربية بداية العام الحالي بعد فوزها بأكبر صفقة في سوق الاتصالات بالمنطقة وبلغت قيمتها 2.2 مليار دولار أميركي. ويتوقع أن تكون الأسابيع القليلة المقبلة حاسمة لتحديد سقف الفرص المتاحة للسوقين الجزائرية والتونسية، بيد أن معطيات ومؤشرات عديدة تشير إلى وجود اختلاف في المعايير وأوضاع السوق العالمية والظروف المحلية الخاصة بكل بلد، بين السوقين الجزائرية والتونسية من جهة وبينهما وبين السوق المغربية من جهة ثانية.

فبالنسبة للسوق التونسية التي تستفيد من مناخ الاستقرار ومعدلات النمو الجيدة التي حققها الاقتصاد التونسي، يحكمه عاملان أساسيان، وسيكونان برأي الخبراء حاسمين كمعايير لتحديد قيمة صفقة الرخصة الثانية، أولهما عامل تقييم العروض الذي يخضع لتقييم الشركات المتنافسة لحصيلة تجارب السوق بالمنطقة ومناطق أخرى من العالم بايجابياتها وسلبياتها، ومن هنا سيكون، برأي الخبراء، عنصرا المردودية والزمن (المدى القصير) حاسمين في تحديد قيمة الصفقة.

أما العامل الثاني المحدد فيتعلق بكيفية حصول الشركات المتنافسة على الموارد في ظل وضعية المديونية الكبرى التي تشهدها الشركات العالمية للاتصالات، وتردد البنوك في المجازفة بقروض كبيرة وعلى مدى طويل، ويقول خبراء ماليون إن المصارف باتت تتعامل مع مبادرات شركات الاتصالات بالاقتراض ليس فقط من زاوية أهمية المشروع المقترح بل أيضا من زاوية المديونية والوضعية المالية لتلك الشركات، يرصد الخبراء في هذا الصدد حدوث تحول وتغيير منذ منتصف سنة 2000 في المعايير المالية المعتمدة من قبل كبريات شركات الاتصالات ومن ورائها البنوك، كنتيجة للأزمات التي واجهتها سوق الاتصالات العالمية، والإتجاه حاليا لتجاوز «موجة الجنون» التي أحاطت بقطاع «ام تي اس» في أوروبا على الخصوص.

أما السوق الجزائرية التي قطعت صفقة بيع الرخصة الثانية شوطها الأول من خلال عملية توخاها صانع القرار الجزائري وتتمثل في فرز أولي للفاعلين الذين يتوفرون على أفضل المؤهلات، وهي عملية تمت من خلال الملفات والدراسات التمهيدية التي قدمت للحكومة الجزائرية. وتم فرز أربع شركات متنافسة حاليا على صفقة الرخصة الثانية للهاتف النقال الجزائري، ويرى الخبراء أن المنافسة ستكون على معايير مالية صرفة لأن الاعتبارات العامة للسوق الجزائرية وظروفها العامة، تكون قد أخذت بعين الاعتبار إلى حد ما في عملية الفرز الأولية، وسيكون فتح الملفات يوم 23 يوليو المقبل علنيا.

ويرى الخبراء أن سقف قيمة الصفقات المتنافس عليها في السوقين الجزائرية والتونسية ستكون محكومة بالمعايير والشروط التي تتسم بها سوق الاتصالات العالمية ووضعية أسواق البلدان المغاربية كلا على حدة، وهي معطيات تختلف مؤشراتها عن مؤشرات الظروف التي تمت فيها صفقة بيع الرخصة الثانية للهاتف النقال المغربية سنة .1999 ويبقى المتغير الذي يمكن أن يحدث مفاجآت هو عنصر التحالفات بين المتنافسين أنفسهم، لكن الملاحظ أن رهانات المتنافسين متفاوتة ولا تتوفر أغلب الشركات المتنافسة على استراتيجية شاملة للسوق المغاربية، باستثناء الحضور الشامل المسجل لشركتي الاتصالات الإسبانية والبرتغالية في عروض السوقين الجزائرية والتونسية إضافة لحضورها بالمغرب في شكل تحالف اسباني ـ برتغالي ـ مغربي (كونسرتيوم «ميدي تيليكوم»)، بينما يقتصر حضور شركة الاتصالات الإيطالية على المنافسة على السوق التونسية، ونفس الوضع بالنسبة للمجموعة المصرية «اوراسكوم» التي تقدمت في عروض السوقين الجزائرية والتونسية وهي غير حاضرة بالسوق المغربية. بينما ينتظر شركة «فرنسا ـ تيليكوم» رهان كبير لاعتبارات تقليدية ولأنها تنافس الآن على السوقين التونسية والجزائرية، في ظل غيابها عن السوق المغربية للهاتف النقال.