تنافس الشركات العالمية الاستثمارات العربية في صناعة الأسمنت

الاستثمارات الأجنبية تفضل المشروعات الجاهزة تجنباً للمخاطرة وسعياً وراء الأرباح السريعة

TT

بات أكثر من 80 مصنعاً عربياً للأسمنت طاقتها الانتاجية تبلغ 120 مليون طن واستثماراتها تتجاوز 19 مليار دولار منها 28 مصنعاً في دول مجلس التعاون الخليجي باستثمارات 9.4 مليار دولار وطاقة توازي 25 في المائة من اجمالي الانتاج العربي هدفاً تتنافس عليه شركات عالمية متخصصة في انتاج وتسويق الأسمنت تنتمي لجنسيات عديدة فرنسية وبرتغالية ومكسيكية وانجليزية والمانية ودنماركية ويونانية، ففي العام الماضي ـ حسبما كشفت المنظمة العربية للتنمية الصناعية ـ استطاعت 4 شركات هي «لافارج»الفرنسية و«سيمكس» المكسيكية و«سيمبور» البرتغالية و«بلوسيركل» الانجليزية حسم صفقات تتجاوز قيمتها 4 مليارات دولار في قطاع الأسمنت العربي خاصة في مصر والاردن والمغرب والسودان وبعض دول مجلس التعاون الخليجي.

وأشارت منظمة التنمية الصناعية العربية في تقرير لها الى ان شركة «لافارج» الفرنسية جاءت في الصدارة حيث حسمت صفقة شراء شركة بني سويف المصرية التي تبلغ طاقتها 1.4 مليون طن مقابل 1.4 مليار جنيه وتخطط حالياً لضخ استثمارات جديدة في الشركة لزيادة طاقتها الانتاجية، كما تمكنت لافارج من ابرام اتفاق شراكة مع الشركة الرئيسية لانتاج الاسمنت في المغرب، بالاضافة الى مساهمتها بنحو 45 في المائة في رأسمال شركة الاسمنت الاردنية، وكذا مساهمتها في ادارة وتسويق انتاج مصنع شركة اسمنت الاتحاد في امارة رأس الخيمة بدولة الامارات.

وعلل التقرير تدفق الاستثمارات الأجنبية نحو سوق الاسمنت العربي بالارباح التي يتيحها الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والتي تقدر بحوالي 63 في المائة، وكذلك لان برامج الخصخصة في معظم الدول العربية تطرح مصانع جاهزة ورابحة وتمتلك قدرات تؤهلها للتوسع في المستقبل الأمر الذي يوفر على الشركات الأجنبية ضخ استثمارات في مشروعات جديدة والانتظار لمدة لا تقل عن 3 سنوات لبدء التشغيل والانتاج، فضلا عن ان تدفق الاستثمارات الأجنبية على قطاع الأسمنت العربي جاء بعد إكتمال مقومات البنية الأساسية في أوروبا وعدم الحاجة لاستثمارات ضخمة في هذا القطاع، بالاضافة الى ان عمليات التنمية المضطردة في المنطقة العربية والمؤشرات التي تثبت الحاجة لكميات ضخمة من مواد البناء شجعت الشركات العالمية على غزو الأسواق العربية والسعي لاستغلال هذا المناخ الملائم لتسويق صناعة الاسمنت وجني الأرباح الجاهزة عبر المصانع القائمة.

ترشيد خصخصة شركات الأسمنت وشدد التقرير على ضرورة ترشيد برامج الخصخصة العربية المتعلقة بصناعة الأسمنت باعتبارها سلعة استراتيجية، والسعي لقصر صفقات شركات الاسمنت المطروحة للبيع على المستثمرين العرب للحيلولة دون احتكار الاستثمارات الأجنبية لهذا القطاع الحيوي، خاصة ان سيطرة الأجانب على قطاع الأسمنت العربي ربما تؤدي الى مخاطر اقتصادية واجتماعية أبرزها ارتفاع أسعار الأسمنت وتفاقم مشكلة الاسكان التي تعاني منها دول عربية كثيرة، مؤكداً عدم حاجة قطاع الأسمنت العربي لاستثمارات أجنبية في المرحلة المقبلة حيث تجاوزت الاستثمارات العربية في هذا القطاع نحو 19 مليار دولار موزعة على 80 مصنعاً تبلغ طاقاتها الانتاجية حوالي 120 مليون طن سنوياً، موضحاً ان نسبة استغلال الطاقات الانتاجية العربية المتاحة تقدر بنحو 76 في المائة بالرغم من معدل الزيادة السنوية في الانتاج البالغ 4 في المائة، وانه بمقارنة انتاج الدول العربية بحجم استهلاكها يلاحظ وجود عجز ظاهر في الانتاج حيث زادت الواردات العربية من الأسمنت الى 13 مليون طن العام الماضي مقابل 5.9 مليون طن عام 1991.

ووصف التقرير حجم تجارة الدول العربية الخارجية في قطاع الأسمنت مع الأسواق الأجنبية بأنها أفضل من نظيرتها مع الدول والأسواق العربية التي تشكو في ذات الوقت من وجود فائض تبحث عن أسواق لتصديره، وأضاف ان مدخلات انتاج الأسمنت وأهمها الكلينكر متوافرة في دول عربية كثيرة في مقدمتها مصر والسعودية والاردن وتونس، معتبراً ان الأسمنت من الصناعات الاستراتيجية والسلع الحيوية المرشحة بقوة لزيادة حصيلة الصادرات العربية والوجود بفاعلية في الأسواق الخارجية شريطة التمهل في الاتجاه لزيادة الانتاج والافراط في ضخ استثمارات جديدة بالاضافة الى مضاعفة الاهتمام بايجاد وسائل تسويق الانتاج في الأسواق الخارجية للحيلولة دون تعرض هذه السلعة للكساد والركود وافتقاد ما تتمتع به حالياً من قدرة تنافسية عالية، موضحاً انه من الأفضل حالياً توظيف أية استثمارات جديدة في ترشيد الطاقة وخفض التكلفة وتحسين الانتاج طبقاً للمعايير والمواصفات القياسية العالمية المعمول بها في صناعة الأسمنت بهدف الوصول الى منتج سهل التسويق عالمياً.

94مليار دولار استثمارات خليجية وتناول التقرير واقع صناعة الأسمنت خليجياً مشيراً الى ارتفاع عدد مصانع الأسمنت العاملة بدول مجلس التعاون الخليجي الى 28 مصنعاً مقابل 22 مصنعاً عام 1995، مقدراً طاقة تلك المصانع الانتاجية بنحو 28.2 مليون طن من الكلينكر متوقعاً ارتفاعها الى 30.5 مليون طن بنهاية العام الحالي، كما اوضح ان طاقة مطاحن الأسمنت الخليجية ستزداد الى 39.4 مليون طن العام الحالي مقارنة بنحو 27.4 مليون طن عام 1995. وتابع ان الاستثمارات الخليجية في صناعة الأسمنت استحوذت على 11.2 في المائة من اجمالي رؤوس الأموال المستثمرة في قطاع الصناعات التحويلية.

وأضاف ان هناك أربعة مشاريع جديدة ستنضم الى قائمة المصانع العاملة بنهاية العام الحالي، وانه باكتمالها ستتمكن دول مجلس التعاون من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسمنت الأبيض مع وجود فائض للتصدير، فضلا عن تغطية معظم الاحتياجات من الكلينكر اللازمة لمطاحن الأسمنت حال بقاء معدلات الانتاج عند 79 في المائة من الطاقة التصميمية للمصانع، أما في حالة زيادتها الى 90 في المائة فإن ذلك سيحقق نقصاً يقدر بنحو 5 ملايين طن في امدادات الكلينكر، كما قدر التقرير صادرات دول مجلس التعاون الخليجي من الأسمنت عام 2000 بنحو 2.2 مليون طن مقابل 120 ألف طن عام 1997.