موظفو طيران الشرق الأوسط يقضون أيامهم بلا عمل

خسائرالشركة بلغت نحو 750 مليون دولار خلال العقدين الأخيرين وأزماتها تتفاقم

TT

بيروت ـ رويترز: يوم العمل لبعض موظفي شركة طيران الشرق الاوسط اللبنانية لا يعدو تبادل الحديث حول أقداح القهوة، بل ان البعض الاخر يكلف زملاء بالتوقيع في سجل الحضور ليكون يوما مدفوع الاجر.قال رجا ابراهيم الموظف القديم بالشركة والذي تم الاستغناء عنه في الاسبوع الماضي «منذ أن باعوا كل الطائرات وبدأوا الغاء رحلات ليس لدى كثير من الموظفين أي عمل». ويمضي موظفون متمرسون اليوم يقرأون الصحف ويتنقلون من مكتب الى اخر يينما ينقل سعاة كبار السن أوراقا من مكتب الى اخر ويسترخي رؤساء أصابهم الملل خلف مكاتبهم يراقبون المارة. قليلون يشتغلون، وعند الساعة الثالثة بعد الظهر ينصرف الجميع.

تأسست شركة طيران الشرق الاوسط في 1945 وكانت من أول شركات الطيران العربية التي دخلت عصر الطائرات النفاثة وجعلت من بيروت مركزا مهما لاصلاح وصيانة الطائرات. وبحلول عام 1974 كانت تفوز بجوائز عالمية. والان تواجه الشركة الوطنية صعوبات. قررت هذا الشهر الاستغناء عن 1180 عاملا في خطوة تحولت الى مواجهة سياسية بين حكومة رفيق الحريري والموظفين المفصولين وأغلبهم كوادر سياسية في جماعتي حزب الله وحركة أمل الشيعيتين.

والعمالة الزائدة من الاسباب الرئيسية للخسائر. وانضم كثير من العاملين الزائدين عن الحاجة الى الشركة في أواخر الحرب الاهلية التي استمرت بين 1975 و1990 عندما خضع المطار في ضواحي بيروت الجنوبية لسيطرة ميليشيات مختلفة وخاصة أمل وحزب الله. قال محمد رعد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الله ان الحزب يؤيد عمال الشركة حتى النهاية. وأضاف في حديث مع اذاعة صوت الشعب الشيوعية «حتى الان لم يستخدم حزب الله ورقة الخروج الى الشارع. لدينا هناك رصيد قوي وسيكون اسلوبا فعالا جدا في التعامل مع الحكومة».

تكبدت طيران الشرق الاوسط التي كانت تباهى بأنها الشركة الوطنية القوية خسائر بلغت نحو 750 مليون دولار خلال العقدين الاخيرين منها حوالي 450 مليون دولار منذ 1996 عندما أجبرت الحكومة البنك المركزي على امتلاك 99 في المائة من الشركة حتى لا تنهار.باعت الشركة اسطولها القديم من طائرات بوينج ومنها ثلاث من طراز جامبو واستأجرت بدلا منها تسع طائرات ايرباص ولكنها لا تزال تضم 4500 موظف متوسط اعمارهم فوق الخمسين. ونظرا لان استئجار الطائرات يتطلب صيانتها فان مئات الفنيين المهرة لا يزالون يعملون بالشركة ولكن العمل قليل. كما يوجد نحو 450 موظفا تجاوزوا الستين وعدد كبير فقدوا اللياقة الصحية.وأصبح اخرون أشبه بعمالة زائدة في تعديلات بدأت في 1998 في عملية اعادة هيكلة تمهيدا لتخصيص الشركة.

قال نقولا حوا الذي كان رئيسا للقسم الفني وقتئذ وعمل بالشركة مدة 30 عاما «أعطوني اجازة وعندما عدت اكتشفت اختفاء وظيفتي ومكتبي. ولكنهم لم يفصلوني ولذلك أحضر واتسكع وأتبادل الحديث». واذا غاب تخصم المدة من مرتبه ولكن اذا استقال لن يحصل على مكافأة. في أغلب ماضيها قبل الحرب الاهلية كانت الشركة تحقق أرباحا رغم انهيار بنك انترا أكبر المساهمين فيها عام 1966 وتدمير ثلثي اسطولها في الهجوم الاسرائيلي على مطار بيروت الدولي عام .1968 واستمرت رحلات طيران الشرق الاوسط أثناء الحرب الاهلية اللبنانية من 1975 الى 1990 والتي أغلقت مطار بيروت 800 يوم وكانت أحيانا تنقل مركز عملياتها الى باريس. والان تقول الحكومة ان امام الشركة خيارين.. تقليص حجمها أو اشهار افلاسها. ويحرم الموظفون الباقون من المزايا الاضافية لوظائفهم.

في الاسبوع الماضي حاصر موظفون مبنى المطار الذي سبق أن حوصروا هم انفسهم بداخله مرات أثناء الحرب الاهلية وأعلنوا اضرابا مفتوحا. واذا رفضت حتى نهاية يونيو نقاباتهم التي يساندها السياسيون عرضا لتقليل عدد الموظفين يتضمن مكافأة بين 22 ألفا و100 ألف دولار للموظف اضافة الى مرتب ثلاثة أشهر فان العرض يسقط.ويعترف جميع السياسيين بأنه يجب خفض المرتبات.

قال مسؤول بالشركة انه يعمل فيها عدد من الموظفين التابعين لسياسيين شيعة دخلوا المطار أثناء الحرب وأن وجودهم بالمطار كان يعني تنقلهم بأمان بين المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات. وكان طريق المطار نقطة ملتهبة خطرة لاختطاف المسيحيين والغربيين المسافرين من شرق المدينة المقسمة مما عزل الشركة عن قطاع مهم من قاعدة زبائنها. وقال المسؤول «ولكن بالتأكيد كان وجودهم مشكلة أمنية للشركة. يوجد أناس تريد الشركة التخلص منهم الان لانهم يخيفون المستثمرين. لا يزال الناس يتذكرون حادث الخطوط الجوية العالمية». وكان يشير الى قيام ميليشيات شيعية باختطاف طائرة تابعة للشركة الامريكية في 1985.