خبراء أميركيون يرون نذرا تقليدية للكساد

TT

نيويورك ـ رويترز: يقول خبراء دورات الاعمال الاميركيون ان كساد الاقتصاد الحديث سيحمل على الارجح سمات كساد الاقتصاد التقليدي القديم وهم يرون العديد من النذر التقليدية لمثل هذا الركود الاقتصادي.

يقول المحللون ان التراجع الطويل الامد في الانتاج الصناعي والارتفاع المطرد في معدلات البطالة وانحسار ازدهار استثمارات الاعمال تضاف كلها الى النوع نفسه من الضعف الذي ميز كل كساد منذ الحرب العالمية الثانية، لكن هناك املا ان يكون رد الفعل القوي والسريع على غير العادة من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الاميركي) قادرا على تغيير اتجاه الاقتصاد المحلي مما يجعل اي كساد قصير الامد.

فقد خفض مجلس الاحتياطي بالفعل سعر الاقتراض الاساسي خمس مرات هذا العام بمقدار اجمالي بلغ 2.5 في المائة ومن المتوقع ان يخفض سعر الفائدة مرة اخرى.

وقال انريفان بانيرجي مدير الابحاث في معهد بحوث الدورات الاقتصادية «اما اننا دخلنا مرحلة كساد او ان هذه اسوأ مرحلة على الاطلاق خارج الكساد...الامر لم يختلف هذه المرة. انه يتبع النمط التقليدي مع اختلاف ضئيل». وابدى البنك المركزي والبيت الابيض وبورصة وول ستريت تفاؤلا بان الاقتصاد الاميركي اكبر اقتصاد في العالم سينجو من الكساد بمساعدة اجراءات مجلس الاحتياطي الحاسمة لتسهيل الائتمان واقرار الكونجرس لخفض كبير في الضرائب.

ويشير المتفائلون الى تماسك انفاق المستهلكين والطلب القوي على المساكن المرتبط على الارجح بالخفض الكبير في اسعار الفائدة.

لكن العاملين الرئيسيين للكساد وهما الانتاج الصناعي ومستوى التوظيف لا يدعمان مثل هذا التفاؤل. فكلاهما يهبطان بالاسلوب نفسه الذي حدث في كل حالة كساد سابقة.

وقال فيكتور زارنوفيتس خبير دورات الاعمال «السؤال الان هو ما اذا كان ذلك كسادا ام تباطؤا... ومن الصعب جدا معرفة ذلك». وحذر المكتب القومي للبحوث الاقتصادية في مذكرة الاسبوع الماضي من تنامي مخاطر الكساد. وتزايد الحديث عن الكساد بعد هذه المذكرة التي تحتوي على أول تحذير من نوعه منذ بدأت مرحلة التباطؤ الراهنة.

وقالت المذكرة «البيانات التي تدرسها اللجنة عادة تشير الى احتمال ان يكون الكساد قد بدأ في الفترة الاخيرة». وفي حين يعرف العديد من الاقتصاديين الكساد بانه انخفاض اجمالي الناتج المحلي على مدى ربعين متتاليين من العام فان المكتب يعرف الكساد بانه انخفاض حاد في الانتاج والتوظيف والدخل وتجارة التجزئة يستمر عدة اشهر.

وفي الوقت نفسه تقريبا الذي صدرت فيه المذكرة كان الاقتصاديون في وول ستريت يتحدثون عن تزايد احتمالات انكماش اجمالي الناتج المحلي في الفترة من ابريل (نيسان) الى يونيو (حزيران) بعد ان نما بمعدل سنوي بلغ 1.3 في المائة في الربع الاول من العام. لكن مدى التباطؤ لم يتضح بعد.

فبعد ارتفاع معدل النمو الاميركي في اواخر التسعينات مدفوعا باستثمارات الاعمال في التكنولوجيا الحديثة تباطأ الاقتصاد بحدة في النصف الثاني من العام الماضي.

وتضافر الارتفاع الحاد في اسعار الطاقة وارتفاع اسعار الفائدة وانفجار فقاعات اسهم التكنولوجيا التي كانت تباع بقيم مبالغ فيها لتدفع قطاع الصناعات التحويلية الى الانخفاض وتبددت ارباح الشركات وفرص العمل.

وانخفض الانتاج الصناعي على مدى ثمانية اشهر متصلة بنسبة اربعة في المائة عن ذروته التي بلغها في سبتمبر (ايلول) عام 2000 مقتربا من الانخفاض الذي شهده بنسبة 6ر4 في المائة في مرحلة الكساد الاميركي السابقة بين عامي 1990 و.1991 وقال بانرجي «لم نشهد ذلك ابدا خارج مراحل الكساد». وأضاف «بافتراض اننا دخلنا فعلا مرحلة كساد واعتقد ان هذا افتراض منطقي فان الانتاج الصناعي انخفض بالفعل على مدى ثمانية اشهر وهذه فترة اطول من نصف الكساد الذي شهدناه بعد الحرب العالمية الثانية». وهبطت اعداد العمال في القطاعات غير الزراعية 182 الفا في ابريل (نيسان) و19 الفا في مايو (ايار) وتوقع استطلاع اجرته رويترز ان تنخفض النسبة الى 51 الفا في يونيو (حزيران). ويتوقع صدور بيانات شهر يونيو الاسبوع المقبل.

وقال بانرجي انه حدث مرة واحدة فقط منذ الحرب العالمية الثانية ان انخفضت العمالة على مدى ثلاثة اشهر متتالية في خارج حالة كساد.

ويرصد خبراء الدورات الاقتصادية كذلك مستوى الدخل والمبيعات، لكنهم يقولون انها عوامل اقل اهمية. فالدخل الشخصي الذي ارتفع خلال مرحلة التباطؤ هذه لم ينخفض بدرجة كبيرة في نحو نصف حالات الكساد بعد الحرب العالمية الثانية.

ومن الاختلافات التي تميز هذا التباطؤ عما قبله في التاريخ الحديث هو اثر الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا الحديثة على النمو والهبوط الاقتصادي.

وقال زارنوفيتس « يمكنني القول ان في هذا الكساد كانت المبالغة في الاستثمارات والاستثمارات السيئة اوضح من اي كساد سابق منذ الحرب العالمية الثانية». فقد ادى انهيار الانفاق الرأسمالي واسهم التكنولوجيا الى تراكم المخزونات وزيادة الطاقة الانتاجية غير المستغلة في الصناعة. وخفض الفائدة كان له تأثير محدود على حفز الانفاق الرأسمالي.

ويرى بانرجي وجه اختلاف اخر قد يكون اكثر خطورة وهو ان هناك خطرا حقيقيا ان جميع الاقتصاديات الكبرى في العالم باتت على وشك السقوط في وهدة كساد مماثل لاول مرة منذ ربع قرن.