النعيمي: أرامكو ستلعب دورا هاما في استثمارات الغاز وسيستفاد من معلوماتها في عمليات الاستكشاف والاستغلال

استثمارات الـ20 مليارا في الغاز ستولد فرص عمل في كافة القطاعات وسترفع الطاقة الكهربائية والبتروكيماوية

TT

اعادت السعودية تشكيل قطاعها النفطي بطريقة ديناميكية متقدمة، حيث اقدمت على فتح حقول غاز ضخمة امام شركات النفط الاجنبية للاستثمار. وبعد تردد طويل تخلت السعودية عن اكثر جوانب قطاع النفط ربحا وهي عمليات التنقيب والبحث . وسمح للشركات الاجنبية بالدخول في مجال التنقيب والاستكشاف، شريطة تشكيل شبكات لاستخدام الغاز، وهو ما يتضمن استثمارات بمليارات الدولارات في عمليات الانتاج في مشاريع مثل معامل الطاقة ومجمعات البتروكيماويات ومجمعات تحلية المياه لخدمة المستهلك والصناعات السعودية.

وذكر علي النعيمي وزير النفط والموارد المعدنية في مقابلة «اولا سيدعم ذلك عملية التصنيع. وستكون لدينا طاقة كهربائية وبتروكيماويات اكثر، ومياه اكثر، وطاقة اكبر للصناعة، ولن تنفذ اية نشاطات بدون خلق فرص عمل تشمل الوظائف الفنية، بالاضافة الى الاعمال الادارية واليدوية».

وفي ثلاثة عقود مبدئية ضخمة تم توقعيها في اوائل شهر يونيو (حزيران)، تم تقسيم ثلاثة امتيازات عملاقة بين 8 شركات نفطية. ومن المقرر بدء المفاوضات الرسمية لتحديد التفاصيل ـ بما في ذلك ما ستحصل عليه الشركات ـ في شهر يوليو (تموز) القادم.

الا ان شركة «ارامكو»، ستحافظ على دور نشط كشريك في المشاريع الثلاثة، طبقا لما اعلنه النعيمي. وقال ان نصيب ارامكو سيكون «معقولا» وان النسب المحددة ستناقش في الشهر المقبل.

وأوضح النعيمي في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الاميركية ان «ارامكو ستلعب دورا هاما بسبب معلوماتها. فالكثير من هذه المناطق تم استكشافها بطريقة مبدئية لاختبار امكانياتها، والامكانيات موجودة. وسيستفاد من هذه الممعلومات في عمليات الاستكشاف والاستغلال».

والجدير بالذكر ان اكسون موبيل ستكون الشريك الرئيسي في مشروعين، بينما ستقود شركة رويال دتش/شل المشروع الثالث. وستحصل الشركات التالية على نصيب اقل هي: بي بي وكونوكو وفيلبس بتروليوم ومارثون اويل واوكسيدنتال بتروليوم وتوتال فينا إلف. وقدرت الاستثمارات المبدئية في المناطق الثلاث التي تعادل مساحتها الاجمالية مساحة السويد تقريبا، بحوالي 20 مليار دولار.

ومبادرة الغاز السعودية هي جزء من توجه عام. فمع الحاجة الى تكنولوجيا متقدمة ورأس مال لا يمكن توفيره محليا في السعودية، وتلجأ العديد من شركات النفط في كثير من الدول الى تسليم بعض المناطق الى شركات غربية بذلوا جهدا كبيرا في الماضي للحلول محلهم. ففي السعودية يقدر احتياطي الغاز بـ222 تريليون قدم مكعب، وتحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث احتياطات الغاز بعد روسيا وايران وقطر. وقد دعا ولي العهد الامير عبد الله بن عبد العزيز شركات النفط العالمية لتقييم مقترحاتها في شهر سبتمبر (ايلول) 1998.

ونفى المسؤولون في وزارة النفط وفي شركة ارامكو انهم لم يحبذوا فكرة مشاركة الاجانب. وقال بعض المسؤولين السعوديين والعاملين في قطاع النفط ان جهودا كبيرة بذلت لخفض مدى عمليات الاستكشاف والتنقيب المفتوحة امام الشركات الاجنبية.

الا ان مسؤولا سعوديا خارج قطاع النفط قال: «انه من الامور الطبيعية. بروز شيء من المقاومة عندما تجد انه يتعين عليك فجأة قبول المشاركة فيه».

وبالرغم من ذلك فإن ارامكو التي بلغ دخلها 80 مليار دولار في العام الماضي، لا يمكن ان تضاهي موارد شركة اكسون موبيل (210 مليارات دولار في عام 2000) ويشير المؤيدون الى ان ترك الاجانب يخاطرون بأموال في عمليات الاستكشاف هو الاجراء الامثل بدلا من تعريض الخزانة السعودية لمزيد من الضغوط.

وقد مال الميزان نحو الاستثمارات الاجنبية نتيجة الضغط على الخدمات العامة، حيث تعاني بعض المدن من ضعف التيار الكهربائي ونقص في مياه الشرب. كما يسود بعض التفاؤل الاوساط الحكومية ان قطاع الاعمال السعودي، الذي جذب للعمل في مشروعات مشتركة مع شركات النفط العملاقة، سيعيد الى البلاد بعضالاموال الاموال المستثمرة في الخارج التي تتراوح بين 400 و800 مليار دولار.

ويزعم البعض الى ان السعودية لجأت الى الشركات الاجنبية لمشاريع الغاز كنوع من الشراكة مع الدول الكبرى. ولكن العديد من المسؤولين السعوديين وغيرهم يرفضون ذلك، ويشيرون الى ان وجود ربع احتياطي العالم من النفط هو ضمان كاف لشراكة مستديمة.

ويثقل عاتق الحكومة الايقاع البطيء لعملية خلق الوظائف، فقد نجحت فقط في خلق نصف عدد الوظائف التي تتطلبها سنويا لاستيعاب العمالة الجديدة وهي مائة الف وظيفة. وتعلق امال كبيرة على قطاع النفط والاستثمارات الجانبية الناجمة عنه للمساهمة في خفض هذا النقص.

ولا يوجد ادنى شك في ان سكان السعودية في حاجة لمزيد من الغاز. فالسعودية تستهلك 4 مليارات قدم مكعب من الغاز يوميا، طبقا لماذ ذكره النعيمي، وتلبي بقية احتياجاتها النفطية من النفط الذي يمكن بيعه للخارج.

وبحلول عام 2003 ستتمكن السعودية من انتاج 7 مليارات قدم مكعب يوميا، ولكن ذلك لن يكون كافيا، لاسيما انه من المتوقع زيادة الطلب الى ما يتراوح بين 12 و14 مليار قدم مكعب يوميا من الغاز بحلول عام 2025، وهو الامر الذي يعني انه اذا لم تكتشف اكتشافات جديدة اساسية، فإن السعودية ستستخدم كل الغاز المتوفر لديها محليا. ويشير المحللون والمسؤولون السعوديون الى ان شركات النفط التزمت بعقود الغاز، بالرغم من عدم وجود فرص للتصدير، على امل السماح لها في المستقبل بالتنقيب عن النفط ايضا.

الا ان السعودية رفضت هذه الفكرة، واوضحت ان البلاد لديها القدرة على انتاج 10.5 مليون برميل من النفط يوميا وهي تضخ 8 ملايين برميل يوميا. واوضح النعيمي «لا يوجد حاجة لذلك. كما انه من المشكوك فيه ان تنشأ حاجة لذلك في المستقبل المنظور».

* خدمة «نيويورك تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»