كل عام وأنتم بخير

TT

كنا وما زلنا نُبشر بالخير مع صدور كل موازنة عامة، ونسميها ميزانية خير. ومع كل مناسبة عيد نتحدث عن أبرز الملامح الإيجابية لواقعنا الاقتصادي. وبمناسبة عيد الأضحى المبارك الذي عشنا تباشيره هذه الأيام، أشعر بأننا معنيون ومدعوون كمجتمع سعودي لمواكبة الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

فمما لا شك فيه أن الاقتصاد السعودي يمر خلال الفترة الحالية بمرحلة انتقالية هامة. وبهذا الصدد... أتذكر وأُذكر بما سبق نشره من أخبار سارة عن المشاريع الاقتصادية، التي ينتظر لها أن تغير من وجه البنية الاقتصادية السعودية. بل ينتظر لها أن تؤثر إيجابياً على دول مجلس التعاون والمنطقة بشكل عام، وجميع المنظمات المهنية والتجارية التي تشارك في عضويتها المملكة... كمنظمة الأوبك وغيرها. وأخص من هذه الأحداث التي يجب مواكبتها ومعايشتها، المدن الاقتصادية التي سبق أن بشرت بها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ أكثر من عام.

وعليه فإن السؤال الذي يحسن طرحه هنا: أليس من المناسب الحديث عن أهمية خلق البيئة المناسبة لبناء وتطوير المجتمع الصناعي؟ أين هي البرامج التأهيلية والندوات التعريفية التي يفترض أن تواكب هذه المشاريع لتتحدث للعامة عما توصلت إليه خطوات العمل في هذه المدن الصناعية الست. هذه المشاريع ليست من الأسرار التي يحرم الكشف عنها. بل إن أخبارها من الأمور التي تعني للمجتمع الكثير. ولذلك فمن الطبيعي أن ننتظر من المسؤولين عن تنفيذها أن يبينوا للعامة ماذا وصلت إليه مراحل البناء.. وما هي برامج التنفيذ المتفق عليها مع الشركات الأجنبية المنفذة؟ وما هي آثار هذه المشاريع على مختلف شرائح المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية؟ وما هي معوقات التنفيذ؟ وما توصلت له خطوات التنفيذ؟ وماذا بقي منها؟ فالغالب أن رجال الأعمال يحتاجون لمعرفة المزيد عما يحدث بشأن خطوات بناء المدن الاقتصادية. والمجتمع السعودي يريد من رجال الأعمال (كبارا وصغارا) أن يتحدثوا عبر وسائل الإعلام عن ماذا يحدث.. وماذا يتطلعون إليه؟ فمثل ذلك سيحفز المستثمر المحلي على توطين أمواله في الداخل، ويجذب المستثمر الخارجي للتحول إلى البيئة الاستثمارية السعودية. وينبه الجهات الحكومية للتفاعل مع الأحداث لتطوير اللوائح والتنظيمات بما يلائم المرحلة. والأهم من ذلك تحفيز الطاقات البشرية الشابة لدراسة التخصصات التي تجد فيها مستقبلها المشرق، من خلال ما يُعلن من مجالات تخصصية تتيح فرصا وظيفية لهذه الموارد البشرية التي تبحث عن حاجة السوق الوظيفية. من أجل خلق بيئة وظيفية وطنية مؤهلة للقيام بالدور المأمول، لسد حاجة هذه المشاريع بالطاقات الوظيفية المناسبة. وحتى لا نضطر للحاجة عند تشغيل هذه المدن إلى استيراد أيدي عاملة من الخارج برواتب خيالية ونترك لأبنائنا الوظائف الكتابية. أو نجعل منهم رؤساء إداريين غير مدربين ولا مؤهلين للمناصب. فبالإعلان عن تطور هذه المدن الاقتصادية وواقعها الذي وصلت إليه وما ينتظر لها أن تكون عليه، فذلك مدعاة لتنبيه المؤسسات التعليمية، وفي مقدمتها الجامعات والمعاهد المتخصصة لتجهز البرامج التعليمية والمهنية لتخريج الطاقات المطلوبة... ومن ذلك الإعداد والتجهيز في تخصصات الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية والعلوم الأخرى.

ومن جانب آخر... علينا ألا ننسى الدور الإعلامي، وأنه أداة وسيلة يمكن توظيفها لتحقيق المصلحة العامة. بأن يجعل من مثل هذه المشاريع العملاقة فرصة لتسويق اقتصادنا عالمياً. ونوضح للجميع المكانة الاقتصادية للسعودية والمكتسبات التي وهبها الله إياها، ونركز على أنها صاحبة الاقتصاد المحوري الأبرز بين دول منطقة تمتلك 64 في المائة من احتياطي العالم من الذهب الأسود.

وللإيجاز... علينا أن ننظر بعناية فائقة لأهمية دور المواطن وتفاعله الإيجابي مع التطورات الاقتصادية ومشاركته المفترضة في إنجاحها. من منطلق أهمية دور المواطن وتفاعله الإيجابي مع التطورات الاقتصادية ومشاركته المفترضة في إنجاحها. وأن نسعى لتصل الرسالة واضحة وبليغة للمواطن، ليدرك أهمية المرحلة التي يعيشها وطنه... وأنها بالفعل مرحلة انتقالية استثنائية بكل المقاييس.

* محلل مالي سعودي [email protected]