آفاق إيجابية تنتظر الاقتصاد الألماني خلال العام الحالي رغم مؤشرات تباطؤ النمو

مع تراجع البطالة وتوقعات بزيادة صادرات أكبر اقتصاد في أوروبا

TT

رغم مؤشرات تباطؤ نمو الاقتصاد الألماني خلال العام الحالي يشعر خبراء الاقتصاد وكبار رجال الأعمال بالتفاؤل الحذر بشأن مستقبل أكبر اقتصاد أوروبي مع بداية العام الجديد.

يقول كلاوس تسيمرمان، رئيس المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (دي.آي.دبليو) الذي يتوقع نمو الاقتصاد الألماني بمعدل 2.1% خلال العام الحالي، إنه في الوقت الذي سيتباطأ فيه معدل نمو الاقتصاد الألماني خلال العام الحالي مقارنة بالعام الماضي فإن الموقف الاقتصادي بشكل عام لم يكن مواتيا بهذا القدر منذ أمد طويل.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية جاءت توقعات معهد «دي.آي.دبليو» في الوقت الذي أظهرت فيه تعليقات القطاعات الصناعية الكبرى الثقة القوية في الاقتصاد الألماني في ظل توقع نمو الصادرات الألمانية لتواصل قيادة قاطرة الاقتصاد في ألمانيا خلال الأشهر 12 المقبلة.

ويتضمن هذا ازدهار قطاع صناعة الآلات الهندسية الألمانية وكذلك قطاع تكنولوجيا المعلومات وصناعة السيارات. وتشير التوقعات إلى نمو عائدات صناعة الكيماويات الألمانية المهمة بنسبة 4.5% خلال العام الحالي.

يقول لودفيج براون، رئيس غرفة الصناعة والتجارة الألمانية (دي.آي.إتش.كيه)، في تصريحات لصحيفة «برلينر تسايتونج» الألمانية أول من أمس (الأربعاء) في إطار مسح يستهدف رصد المزاج العام في قطاع الصناعة بألمانيا «النشاط الاقتصادي سيكون ضعيفا عام 2008 ولكن هناك حالات أمام الشركات تدفعها إلى تبني توقعات جيدة».

وتجدر الإشارة بصفة خاصة إلى أنه رغم التوقعات الواسعة بتراجع وتيرة نمو الصادرات في مختلف أنحاء العالم خلال الشهور القليلة المقبلة فإن الصناعات الرئيسية في ألمانيا تتوقع ازدهار الطلب على منتجاتها من جانب الأسواق الناشئة مثل البرازيل والصين والهند وروسيا ودول الشرق الأوسط.

ولذلك فإن الزيادة في صادرات ألمانيا يمكن أن تساعد الاقتصاد في تعويض أي تراجع في الطلب على المنتجات الألمانية في السوق الأميركية التي تعاني أزمة سيولة شديدة على خلفية خسائر القروض عالية المخاطر في قطاع التمويل العقاري.

في الوقت نفسه فإن قطاع التشييد الألماني يواجه شبح الركود خلال العام الحالي. في حين أن قطاع مبيعات التجزئة يتوقع عاما مزدهرا في ظل تراجع معدل البطالة وتحسن الأجور حيث تشير التوقعات إلى نمو مبيعات التجزئة خلال العام الحالي بنسبة 2%.

يقول مكتب العمل الاتحادي الألماني في توقعاته بشأن سوق العمل خلال العام الحالي إن الشركات الألمانية ستواصل توظيف عمال جدد خلال 2008 بمعدلات عالية وهو الأمر الذي يدعم الانفاق الاستهلاكي المحلي.

يذكر أن إجمالي عدد العاملين في ألمانيا بلغ بنهاية العام الماضي 39.7 مليون عامل وهو أعلى مستوى له منذ إعادة توحيد ألمانيا عام 1990.

كما أن معدل البطالة بنهاية العام الماضي أقل منه في نهاية 2006 بنسبة 1.7 نقطة مئوية.

وتتوقع غرفة التجارة والصناعة الألمانية نمو اقتصاد ألمانيا وهو أكبر اقتصاد في أوروبا خلال العام الحالي بمعدل 2% من إجمالي الناتج المحلي. في حين يتوقع براون رئيس الغرفة توفير 300 ألف وظيفة جديدة في الشركات التابعة للغرفة.

في الوقت نفسه انضم تسيمرمان إلى عدد متزايد من خبراء الاقتصاد ورجال الصناعة الألمان الذين ينتقدون الأداء الحكومي في التعامل مع ملف الإصلاح الاقتصادي في ألمانيا.

وقال تسيمرمان إن «أسوأ شيء هو أن الحكومة لم تستغل الموقف الاقتصادي المواتي الحالي لضمان قوة الاقتصاد على المدى الطويل خلال الاوقات الصعبة».

تأتي مشاعر التفاؤل لدى العديد من الخبراء ورجال الاقتصاد في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الألماني مخاطر عديدة في مقدمتها الأسعار المرتفعة للنفط في الأسواق العالمية والتي تقترب من 100 دولار للبرميل وكذلك ارتفاع قيمة اليورو أمام الدولار وما يمثله ذلك من تهديد لفرص الصادرات الألمانية في الخارج.

من جهة أخرى قال وزير العمل الالماني أولاف شولتز إن بلاده «يمكن أن تبدأ العام الجديد بكل ثقة» وذلك في أعقاب الاعلان عن نتائج سوق العمل الايجابية وتراجع أعداد العاطلين في ديسمبر (كانون أول) الماضي.

وقال شولتز أمس في برلين إن من الواضح أن حالة الانتعاش في سوق العمل مستمرة، وأضاف أنه على الرغم من بداية فصل الشتاء إلا أن أعداد العاطلين عن العمل في ديسمبر لم تزد تقريبا عن أعداد شهر نوفمبر (تشرين الثاني).

وأضاف: «إذا استمر الامر هكذا فسيحدث تراجع ملحوظ في معدلات البطالة» وأكد زيادة أعداد الاشخاص الذين يستفيدون بشكل مباشر من حالة الانتعاش في سوق العمل في الوقت الحالي.

وشدد الوزير على أهمية اتخاذ إجراءات لدعم المجموعات التي لا تحظى بفرص متساوية في سوق العمل.

وكانت البيانات الصادرة أمس قد أظهرت تراجع عدد العاطلين في ألمانيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بشدة في ظل استمرار الشركات في ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا في توظيف عمال جدد.

وذكر مكتب العمل الاتحادي الألماني ومقره مدينة نورنبرغ أن عدد العاطلين عن العمل في البلاد الشهر الماضي انخفض بمقدار 78 ألف عاطل إلى 3.513 مليون عاطل بعد وضع المتغيرات الموسمية في الحساب.

وكان الخبراء يتوقعون انخفاض عدد العاطلين الشهر الماضي بأقل من نصف هذا العدد بعد وضع المتغيرات الموسمية في الحساب بمقدار 35 ألف عاطل فقط.

في الوقت نفسه ارتفع عدد العاطلين بدون وضع المتغيرات الموسمية في الحساب بمقدار 28 ألف عاطل مقارنة بأرقام نوفمبر الماضي إلى 3.406 مليون عاطل ليستقر معدل البطالة عند مستوى 8.1% بدون تغيير.

ورغم ذلك يقل عدد العاطلين المسجل في ديسمبر الماضي بدون وضع المتغيرات الموسمية في الحساب بمقدار 602 ألف عاطل مقارنة بالشهر نفسه من 2006.

وكان معدل البطالة في ألمانيا في ديسمبر 2006 قد سجل 9.6%. وقد توقع رئيس مكتب العمل الاتحادي في ألمانيا استمرار حالة الانتعاش في سوق العمل بألمانيا خلال عام 2008 .

وقال فرانك يورغن فايسه إنه يتوقع أن يبلغ متوسط عدد العاطلين عن العمل خلال العام الجاري نحو 3.5 مليون شخص وهو ما يقل عن عام 2007 بمقدار 280 ألف شخص.