خالد عليوة لـ «الشرق الأوسط»: قطاع العقار ينمو بنسبة 10% سنويا.. والاقتصاد 6%

رئيس «العقاري السياحي» المغربي: حدوث فقاعة عقارية في المغرب مستبعد

توقعات باستمرار نمو القطاع العقارى المغربي بوتيرة قوية خلال السنوات المقبلة («الشرق الاوسط»)
TT

استبعد خالد عليوة، الرئيس المدير العام لمصرف القرض العقاري والسياحي المغربي، حدوث فقاعة عقارية في المغرب. وقال في حديث لـ «الشرق الأوسط»، بالدار البيضاء، انه لا يتوقع حدوث انقلاب في القطاع العقاري على المدى المتوسط، متوقعا استمرار نموه بوتيرة قوية خلال السنوات المقبلة.

وأوضح عليوة أن سوق العقار في المغرب، مثل باقي الدول النامية في اتساع وتصاعد مستمر، وبإيقاع أعلى من إيقاع النمو الاقتصادي العام، مشيرا إلى أن قطاع العقار ينمو بنسبة تتراوح بين 9 و10 فى المائة سنويا، فيما ينمو الاقتصاد المغربي بمتوسط 6 في المائة في السنة، وهو الشيء الذي يجعل من قطاع العقار إحدى القاطرات الأساسية للنمو الاقتصادي في البلاد.

وأضاف عليوة أن أهمية القطاع العقاري تكمن في كونه قطاعا مندمجا، لشغله قطاعات صناعية كبيرة مثل صناعات الاسمنت والحديد ومواد البناء ومنتجات التأثيث، كما يشغل قطاع الخدمات لأنه، من جهة يستعمل الخبرة والهندسة واليد العاملة الكفؤة، ومن جهة ثانية يوفر الرواج لقطاعات المصارف والتأمين، ويلعب دورا اجتماعيا ايضا لشغله الفئات الأولية من العمالة، التي تكون أحيانا من دون خبرة أو من دون كفاءة فنية. وتحدث عليوة عن آفاق تطور القطاع العقاري المغربي، وتوجهاته المستقبلية، ووزن وآثار دخول المستثمرين الأجانب، وبروز الطلب الاجنبي على السكن في المغرب.. وفي مايلي نص الحوار:

* بعد النمو القوي الذي عرفه القطاع العقاري في المغرب في السنوات الأخيرة، ألا ترى أن القطاع مقبل على انقلاب؟ وأننا أمام فقاعة عقارية؟

ـ لا أظن أننا مقبلون على انقلاب في الظرفية الحالية حتى على المدى المتوسط، لأن هناك طلبا كبيرا ولدينا في المغرب نقص كبير في مجال السكن. فالكساد يقع إذا توفرت اسبابه التي أحصرها في عنصرين، إما ان هناك انتكاسة مالية للمواطنين والأسر، التي لم تعد لديها القدرة على تسديد ديونها، وبالتالي يكون لدينا اتجاه نحو الإفلاس يؤدي إلى خلخلة القطاع المالي والمصرفي بصفة عامة. وإما أن غلاء العقار وصل إلى مستوى ينعدم معه الطلب بحيث يفضل الانسان الاستمرار في العيش في موقعه بدل الانتقال لسكن جديد، لأنه ليست لديه القدرة على اقتنائه، وبالتالي يبدأ فائض للوحدات السكنية في التشكل في غياب الطلب. فواقع الحال لدينا في المغرب هو أن هناك نقصا مهما يقدر بمليونين وحدة سكنية، يتولد عنه طلب قوي على الوحدات السكنية. وفي مقابل هذا النقص، فإن الإنتاج بصفة عامة في المغرب، سواء الانتاج الذي يكون عن طريق المؤسسات العمومية أو عن طريق القطاع الخاص، يبقى ضعيفا في مواجهة حجم الطلب، فمثلا خلال سنة 2006، التي تعتبر أحسن السنوات من حيث الانتاج وصلنا إلى 250 ألف وحدة سكنية.

* لكن ما الذي يؤشر على أن الطلب سوف يستمر بنفس الوتيرة؟

ـ هذا الطلب القوي مرشح للاستمرار لأن هناك حركية اقتصادية تنتج إعادة هيكلة الفضاء الاقتصادي والفضاء الاجتماعي والفضاء الترابي، أي أن تطور تركيبة السكان في المغرب، يتجه أكثر فأكثر إلى توسع التجمعات السكنية ذات الطابع العمراني الحضري، وتقلص حجم السكان في الأرياف، وهذا التوجه يجد تبريره، ليس فقط في التوجه الطبيعي، إنما كذلك إلى كون الاستثمارات في البنيات التحتية (طرق، موانئ، مطارات)، أو في التجهيزات الأساسية مثل الصيانة والتطهير والماء والكهرباء، كل هذه العوامل تدفع إلى التجمع السكني الذي يعطي ديناميكية على مستوى المجال الحضري، وبالتالي فإن ذلك يبقى ضغطا مستمرا، يمكن القول اليوم إنه مورفولوجي، من ناحية توجه تشكيلة السكان في المغرب وطبيعة الإقامة على التراب، التي تعطي هذا الأفق باستمرار ارتفاع وتيرة الانتاج العقاري ونمو القطاع العقاري في المغرب بشكل قوي. وحتى على سبيل المقارنة، إذا أخذنا مثلا التجربة الإسبانية، وهي بلد مجاور، ورأينا مثلا كيف أنه منذ عقد السبعينات من القرن الماضي، أي منذ تغيير النظام الفرانكاوي في اسبانيا، نجد أن السياسة العمرانية، المتمثلة في إنتاج الوحدات السكنية بكل أنواعها، الاجتماعية والمتوسطة والعالية، ما زالت مستمرة بعد 30 سنة من انطلاقتها، وحتى الآن ما زال هناك طلب ضاغط وكبير من أجل الحصول على سكن، سواء سكن رئيسي أو سكن ثانوي في إسبانيا. وما زال القطاع العقاري يعتبر من القاطرات الأساسية للاقتصاد الاسباني.

* لكن الارتفاع المهول لسعر الارض ألا يمكن أن يشكل كابحا لهذا النمو؟

ـ بالطبع، فالكساد يقع عندما تصبح الأرض غالية بشكل يجعل ربح المنعش العقاري غير مضمون، هنا يمكن أن يكون هناك انقلاب في الظرفية. لكننا في المغرب لسنا في هذا الاتجاه لأسباب كثيرة. أولا، لأن كبار المنعشين العقاريين اتبعوا سياسة تكوين مدخر عقاري بثمن مضبوط. ثانيا، لأن أكبر مالك للعقار والأراضي في المغرب هم السلطات العمومية والأحباس (الاوقاف)، وهؤلاء طبعا يتحكمون في السعر. فالدولة والجماعات المحلية (البلديات) والمؤسسات العمومية والأوقاف يملكون الأرض التي يجهزونها ويبيعونها للمنعشين العقاريين، وهذا ينعكس على مستوى سعر السكن. فالدولة ما زالت لديها القدرة على التحكم في السوق عبر الزيادة في وفرة الأراضي. لذلك أرى أنه ما دامت الدولة والمؤسسات العمومية أو البلديات أو الأوقاف من أكبر مالكي الأرض في المغرب، فستبقى دائما لهذه السلطات العمومية القدرة على التحكم في معطيات السوق. فعندما يتم إطلاق برامج عمرانية كبيرة مثلا، فإنها تكون في إطار اتفاقيات موقعة بين الدولة والمنعشين أو المستثمرين الذين تحول إليهم ملكية الاراضي لإقامة المشاريع. ويتم نقل الملكية من الدولة للمستثمرين وفق مقاييس وشروط مضبوطة، بما في ذلك الشروط التي تضبط سعر البيع. ولا يجب أن ننسى أن أكبر مكون للطلب من حيث الحجم هو الطلب الاجتماعي، لأن تراتبية الدخل في المغرب يجعل من الفئة الاجتماعية ذات الدخل المحدود هي أكبر فئة حجما وعددا. وهذه هي الفئة التي تتحكم الدولة في مقاييس أسعار ولوجها للسكن، من خلال تحديد سقف سعر هذا السكن في 200 ألف درهم. ولتسهيل ولوج هذه الفئات للتمويل الضروري لاقتناء السكن، وضعت الدولة آلية لضمان القروض المرتبطقة بشراء سكن اجتماعي عبر تدخل «صندوق الضمان المركزي».

* غير أن السلطات العمومية لا تملك كل الأراضي، ورأينا كيف اندلعت المضاربة على الأراضي الزراعية المرشحة للتحول إلى المجال الحضري؟

ـ هذا صحيح، هناك أشخاص يملكون أراضي زراعية في أفق دخولها إلى المجال الحضري وارتفاع سعرها نتيجة ذلك. لكن هذا الارتفاع يكون محدودا إذ لا يصل السعر إلى مستوى شراء أرض تكون بادئ ذي بدء متوفرة على كل مكونات العقار الحضري، مثل الربط بشبكات الماء والكهرباء والطرق وجمع النفايات. فعندما تقتني أرضا، دخلت للتو المجال الحضري، فهي تتطلب التهيئة والتصاميم وإيصال الماء والتجهيزات، وهذا يترتب عنه كلفة إضافية التي تنعكس على السعر لأن الأرض لم تعد أرضا خاما، إنما مجهزة.

* هناك أيضا الطلب الأجنبي الذي بدأ يبرز كمكون جديد للسوق المغربية.. كيف ترى وزنها وتأثيرها؟

ـ لا يزال الطلب الأجنبي من أجل السكن في مستوى الارهاصات الأولية، وهو يهم بعض المدن، خاصة المدن العتيقة. ففي مراكش نلاحظ أن الظاهرة شملت المدينة ككل بأحيائها العصرية أو العتيقة أو الضواحي، ولاحظنا بداية الطلب الأجنبي على فاس وأيضا على الرباط. وهذا الطلب ناتج عن بعض الغربيين الذين يتجهون عند بلوغ سن التقاعد إلى الإقامة خارج المناطق التي كانوا يعيشون فيها باعتبارها مناطق باردة، ويفضلون قضاء نصف السنة في مناطق معتدلة والنصف الآخر في مناطقهم الاصلية. ويأتي هذا الطلب في سياق انفتاح المغرب على المحيط الخارجي، وفي إطار سياسة السياحة التي ينهجها، التي تسعى ليس فقط للترويج لسياحة قصيرة المدى تنحصر في زيارة المغرب من طرف السياح الأجانب، إنما تتجه أيضا إلى تشجيع سياحة الإقامة، التي تختزن قدرات كبيرة حسب الدراسات التي أنجزت على مستوى الدول الغربية. فمثلا تشير دراسة بريطانية إلى أن 40% من البريطانيين لديهم رغبة للحصول على سكن خارج بريطانيا. ومن ضمن المواقع المستهدفة من طرفهم هناك اسبانيا وفرنسا والبرتغال. لنفترض أن 1% من هؤلاء البريطانيين الراغبين في امتلاك سكن بالخارج اجتذبهم المغرب، فسيكون لدينا 240 ألف بريطاني يرغبون في امتلاك سكن في بلادنا، هذا في الوضع الحالي الذي لا يعرف فيه البريطانيون المغرب بشكل كاف كما يعرفه الفرنسيون.

* بدأنا نسمع باهتمام شركات عقارية أجنبية بالاستثمار في المغرب، فما هو موقعها اليوم في السوق؟

ـ حتى الآن ليس هناك تأثير كبير للانعاش العقاري في السوق المغربية، الذي لا يزال ضعيفا في ما عدا بعض المؤسسات الاستثمارية العربية والغربية، التي لا تتعدى حصتها من الإنتاج نسبة 6%، رغم أن فرص وقدرات السوق كبيرة. المشكلة في الاستثمار والمستثمر العقاري الأجنبي أنه يطالب بامتيازات كبيرة، يريد الأرض من دون مقابل، وتوفر الماء والكهرباء، وإعفاءات ضريبية، أضف إلى ذلك المطالبة بمؤسسات مالية ترافقه في التمويل، لذلك يبقى المطورون المغاربة هم وحدهم الواجهة وفي مقدمة المقطورة.

* استبعدتم انقلابا في السوق على المدى المتوسط والقصير، فماذا تتوقعون بالنسبة للأمد البعيد؟ وكيف تستشرفون مستقبل القطاع؟

ـ اشكالية العقار في المدى البعيد تكمن في الضغط على الأرض، وبالتالي تكون هناك ندرة أكثر فأكثر للأرض المجهزة القابلة لاستقبال البنايات التي تتوفر فيها شروط السكن اللائق. فلا يمكن أن يتواصل توسيع رقعة المدن إلى ما لا نهائية. لهذا نحن الآن في مرحلة بداية الارهاصات الأولية للضغط على سعر العقار، أي سعر الأرض بالخصوص، وتنامي هذا السعر وربما حتى الارهاصات الأولية للمضاربة في هذا الاتجاه، على الخصوص بالنسبة للسكن المتوسط والعالي المستوى، لأن هذا النوع من السكن يكون في وسط المدن وفي المناطق التي تكون فيها تجهيزات كاملة، التي تتجه لتصبح نادرة أكثر فأكثر. ومستقبلا، سيفرض هذا التوجه علينا إعادة النظر في التصاميم المعمارية، وإعادة النظر في التهيئة العمرانية. إذا كانت هناك ندرة في الأرض فبطبيعة الحال سيكون التوجه للبحث عن الكيفية التي تمكن من استغلال الأرض بشكل أكبر وأكثر فعالية. وفي عدد من المدن سيتم الاتجاه إلى دخول مجال جديد في العقار، هو ألا يكون هناك اتساع أفقي، انما اتساع عمودي لأن الأرض قليلة. لا يجب أخذ الجانب المتمثل في الضغط على ندرة الأرض القابلة لاستقبال المنشآت السكنية على أنه سيوقف أو سيحد من المد الاقتصادي، بالعكس المد الاقتصادي لديه مجالات لإعادة الانتشار بشكل آخر، أي بدل أن يستمر في التوسع على مستوى أفقي سيكون مطلوبا إعادة الانتشار للتوسع على مستوى عمودي. وهذا هو ما حصل في كبريات المدن، وسيتم الوصول إلى ذلك في وقت من الأوقات. لذلك أستبعد خطر الكساد، فإذا انعدمت الأرض وأصبحت غالية يجب الارتفاع والزيادة في العلو لتخفيض الكلفة على مستوى المتر المربع المبني. لهذا أقول إن الآفاق واعدة بالنسبة للقطاع العقاري، والمستثمرين سواء المغاربة أو الأجانب يشعرون بهذا الأمر. فنحن الآن في بداية مرحلة وليس في نهايتها. بعض الأشخاص يختلط عليهم الأمر عندما ينظرون لتصاعد الإنتاج، فيتساءلون هل ستستوعبه السوق؟. السوق دائما تعد أساليب للملاءمة. ويمكن التمويل عبر أساليب جديدة إذا ما واصلت الاسعار الارتفاع، وأصبحت الأقساط الشهرية عالية بالنسبة لمتوسط دخل المغاربة. هناك آليات من الناحية الفنية المالية معمول بها في بلدان أخرى في العالم، التي ما زالت لم تدخل عندنا، والتي تمكن من إيجاد فرص لكل المواطنين للحصول على سكن، وحتى على سكن ثانوي.

* هل من أمثلة عن هذه الآليات المالية الجديدة؟

ـ لنبدأ أولا من الأشياء التي لا نقوم بها، مثلا السكن من أجل الإيجار. الإيجار الطويل المدى لا يزال غاليا عندنا، وضعيف العرض. في الخارج تتكون صناديق تستقطب ادخار المواطنين من أجل إعادة استثماره في العقار ليس من أجل السكن، لكن بهدف الحصول على دخل عبر الإيجار. هذا مجال لا يوجد عندنا ويجب الاشتغال فيه. المجال الثاني، هو اعتماد سياسة لتمويل المباني بدل تمويل الاشخاص. فالسلف المقدم للشخص محدود نظرا لمحدودية متوسط أمل العيش عند الاشخاص، فيما تمويل المبنى يكون على أمد طويل قد يصل الى 50 سنة، شريطة أن تكون هناك إمكانية توارث القرض. فالقرض الذي يسترد في 50 سنة تكون أقساطه أصغر بكثير من القرض الذي يسترد في 20 سنة. وهكذا بدل أن تمثل الأقساط 45% من دخل الشخص، فإنها لن تمثل سوى 20%، وسيكون بإمكانه توجيه 25% الأخرى لاستهلاكات من نوع آخر تدعم نمو قطاعات اقتصادية أخرى.

* هل مثل هذه الآليات المالية الجديدة مطروحة الآن في المغرب؟

ـ نعم هذه الاقتراحات مطروحة. على مستوى «القرض العقاري والسياحي» طرحناها مع الحكومة، لكنها تتطلب توفير العديد من الشروط. فالقروض الطويلة المدى التي تتراوح بين 40 و50 سنة تطرح إشكالية التأمين. حاليا التأمين على الحياة لا يغطي سوى 15 إلى 20 سنة. كما يجب إذا حدث شيء، لا قدر الله، للشخص المقترض، مثل الوفاة، ضمان أن الورثة سيأخذون القرض، وأن يصبح التأمين على حسب متوسط عمرهم إلى غير ذلك من المتطلبات التي لا تتوفر اليوم والتي تستوجب تغييرا في القوانين من أجل ملاءمتها. هناك جانب آخر يجب الاشتغال عليه على مستوى السياسة المالية وسياسة الاقتراض بصفة عامة، ويتمثل في إمكانية إعادة تعبئة القروض السكنية. فالشخص الذي أخذ قرضا لشراء سكن وسدده إلى النصف مثلا، يجب أن نتمكن من إعادة تعبئة القرض إلى مستواه الأول لتمكينه من شراء سكن جديد يستطيع أن يستغله عن طريق الإيجار ويدر عليه مدخولا. هذه من الآليات الفنية التي لم ندخلها بعد وسوف نصل إليها مع التطور.

* لنعد لمسألة الغلاء، ألا تعتقد أن الأسعار بلغت مستويات جد عالية في مناطق معينة مثل مراكش، كذلك وسط المدن الكبرى؟ ـ بالنسبة للحديث عن الغلاء، يجب معرفة أن كل الأشياء نسبية. في ما يخص مراكش، فنحن نتكلم عن السوق الشمولية. فلا بد أن نقول ما الذي أصبح غاليا، فإذا أخذنا السكن الاجتماعي، فهو له مقاييسه لأنه مؤطر من طرف السلطات العمومية. وإذا أخدنا السكن المتوسط، فهناك نوع من التراتبية بحسب الأحياء والمجالات ونوعيتها وجودتها. فالغلاء يأتي دائما من الندرة. عندما تكون الوفرة فطبعا لا يكون هناك غلاء. لنفرض لو لم يكن هناك طلب، هل سيكون هناك غلاء؟. فالذي يقوم بالبناء إذا لم يصادف طلبا على ما ينتجه سيضطر الى تخفيض ثمنه، إذن الحقيقة تكمن في أن الغلاء ناتج عن ضغط الطلب، هناك طلب حقيقي.

إذا ذهبت إلى مراكش لن تجد دورا فارغة، نفس الشيء بالنسبة للدار البيضاء أو الرباط. بحيث ان كل ما يتم انتاجه يتم استيعابه من طرف السوق. وما دامت السوق لديها قدرة على استيعاب الإنتاج، فإنها ستبقى في تصاعد. بطبيعة الحال لا بد أن نضع برامج خاصة بالنسبة للطبقات الوسطى. فعندما نرى موظفين أو مأجورين من ذوي الدخل المتوسط، الذين لديهم قابلية للسكن في وسط المدينة، يضطرون الى الذهاب خارج المدينة، والسكن في الضواحي نظرا لغلاء السكن في وسط المدينة، فهذا يدعونا إلى نوع من التفكير الخاص من أجل تأطير هذا التصاعد الواقع على مستوى السكن ذي الجودة المتوسطة والخاص بالطبقة الوسطى. فهناك تخوف حقيقي من أن يؤدي هذا الارتفاع في أسعار السكن المتوسط إلى الدفع بالطبقة الوسطى إلى منافسة ذوي الدخل المحدود على مشاريع السكن الاجتماعي البسيط.