أسعار الذهب العالمية .. بين حلم الثراء السريع وكابوس الإفلاس

بعد أن بلغت مستويات قياسية في الفترة الأخيرة

المحللون يحذرون من أن الارتفاع السريع لأسعار الذهب، ينطوي أيضا على خطر تراجعه السريع («الشرق الأوسط»)
TT

نيويورك ـ د.ب.أ: بعد ارتفاع أسعار الذهب في أسواق العالم إلى مستويات قياسية، خلال الأيام الأخيرة في ظل ارتفاع كبير في أسعار النفط، وتراجع أكبر في قيمة الدولار الأميركي أصبح السؤال الذي يلح على المستثمرين في أغلب دول العالم هو، إلى أين ستصل أسعار المعدن النفيس في المرحلة المقبلة.

فلأول مرة تكسر أسعار المعدن الأصفر حاجز 900 دولار للأوقية قبل أيام، مما فجر تكهنات بقرب وصول سعر الأوقية التي تزن 31.1 غرام إلى 1000 دولار قريبا جدا.

وبعيدا عن الأسباب المنطقية والعقلانية للارتفاع الأخير في أسعار النفط، هناك دافعان إنسانيان آخران وراء هذه الظاهرة هما الخوف والطمع.

ففي ظل الأزمة الحالية للاقتصاد العالمي، نتيجة خسائر القروض عالية المخاطر في قطاع التمويل العقاري الأميركي واحتمالات دخول الاقتصاد الأميركي دائرة الركود، يصبح الذهب «مستودع القيمة» والملاذ الآمن للكثير من المستثمرين.

في الوقت نفسه، فإن التذبذب الشديد في أسعار الأسهم في أسواق العالم، وتأثرها الشديد بأية تطورات سياسية أو اقتصادية، يجعل من الذهب وعاء استثماريا مستقرا نسبيا. وعندما تتراجع أسعار العقارات، كما يحدث حاليا في الولايات المتحدة وبريطانيا تصبح المعادن النفيسة الخيار المفضل أمام المستثمرين، لكي يضعوا فيها أموالهم ويحافظوا على قيمتها.

ويقول يوخين هيتزفيلد المحلل في بنك يوني كريديت: «نحن في منتصف موجة ارتفاع أسعار الذهب».

وكلما ارتفعت أسعار الذهب بسرعة، اندفع المستثمرون لشراء المزيد منه، لتعود الفكرة القديمة إلى الحياة التي تقول إن الذهب يعني الثروة.

ويشير هيتزفيلد إلى أن الأشخاص الذين اشتروا ذهبا قبل ثلاث سنوات، واحتفظوا به ضاعفوا ثرواتهم الآن. ويضيف أن الأسعار ستواصل الصعود لتصل إلى 1400 دولار للاوقية بحلول 2010.

ورغم ذلك فإن كل المحللين يحذرون من أن الارتفاع السريع لأسعار الذهب، ينطوي أيضا على خطر تراجعه السريع في ظل تزايد إقبال المغامرين والمضاربين على الاستفادة من موجة الصعود الحالية.

ويقول نيكولاس كايس المحلل في بنك يوني كريديت، إن أي حركة تصحيح لسوق الذهب يمكن أن تهبط بالأسعار إلى 825 دولارا للأوقية. ولذلك يوصي المستشارون الاقتصاديون بضرورة أن يظل الذهب يشكل نسبة صغيرة من محفظة استثمارات أو مدخرات أي شخص، وبضرورة التركيز أكثر على وضع الأموال في استثمارات طويلة المدى.

وبالطبع فإن تراجع قيمة الدولار أمام العملات الأخرى، شكل عاملا أساسيا من عوامل ارتفاع أسعار الذهب. فقد خسرت العملة الأميركية حوالي 10% من قيمتها أمام اليورو، ولذلك تخلى المستثمرون عن الدولار، واتجهوا إلى الذهب الذي ارتفع ليعوض التراجع في قيمة العملة الخضراء.

أيضا فإن الصعوبات التي تواجه عمليات استخراج الذهب، أدت إلى نقص في كميات المعروض مقابل اشتداد الطلب على المعدن الأصفر، فكانت النتيجة الطبيعية ارتفاع أسعاره.

ورغم السعر القياسي الذي سجله الذهب قبل أيام، فإن الخبراء يؤكدون أن السعر ما زال منخفضا مقارنة بسعره القياسي المسجل في 21 يناير(كانون الثاني) 1980 عندما سجل 850 دولارا للأوقية، إذا ما وضعنا معدلات التضخم في الحساب.

يقول أويجين فاينبرج المحلل في مصرف كوميرتس بنك الالماني، إن السعر المسجل عام 1980 يعادل حاليا بعد أخذ معدلات التضخم في الحاسب 2384 دولارا للاوقية، وهو ما يعني أن هناك فرصا كبيرة أمام المعدن النفيس لتحقيق المزيد من المكاسب، وإن كانت محفوفة بالمخاطر.