إصرار سعودي على ملكية الأنبوب العراقي و25 مليار دولار مستحقات للرياض على العراق

TT

اعتبرت مصادر نفطية سعودية رفيعة المستوى ان الاتهامات العراقية الموجهة للسعودية وادعائها بحقها في امتلاك مشروع الانبوب الذي كان ينقل النفط من جنوب العراق عبر الاراضي السعودية الى البحر الاحمر والذي انجز في نهاية الثمانينات باطلة ولا تستند الى ادلة مشروعة، مشددة على ان عدم تسديد بغداد لديونها العائدة الى الرياض والتي تجاوزت الـ 25 مليار دولار اضافة الى التعويضات الاخرى الناتجة عن حرب تحرير الكويت، هو اكبر دليل يثبت صحة ملكية الحكومة السعودية لهذا الانبوب.

واوضحت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» ان السعودية رفعت مطلع شهر يونيو (حزيران) الحالي الى الامم المتحدة عبر سفيرها هناك توضيحاً حول حقيقة الاتهامات العراقية كشفت من خلاله معلومات حول تصدير العراق لنحو 879 مليون برميل عبر انبوب النفط الذي انشأته السعودية .

وبينت المصادر ان الخطاب ذاته الذي ارسله السفير السعودي لدى الامم المتحدة فوزي شبكشي اكد توجيهات حكومة السعودية بقطع طرفي الانبوب الذي كان العراق يستخدمه تم نظراً للمخاطر الامنية المترتبة على استمرارية عمله بالشكل الطبيعي خاصة ان الاحتياجات المالية والبشرية لتوفير الضمانات الوقائية مكلفة جداً كونه يمتد على مساحات واسعة من الاراضي السعودية، ذاكراً ان قرار الامم المتحدة 687 الصادر عام 1991 اكد ان القانون الدولي يعطي للدول المتضررة من حيث مصادر الدخل الطبيعية والخسائر والاضرار الحق في ان تطالب بتعويضات عما لحق بها نتيجة الاجتياح العراقي لدولة الكويت، لذا فان السعودية تستعيد حقها الطعبيعي في امتلاك الانبوب بغض النظر عن الاتفاقيات التي انشئ على اساسها كونه ممتلكات سعودية.

واشارت المصادر ذاتها الى ان هذا التوضيح السعودي جاء رداً على شكوى كانت الحكومة العراقية قد رفعتها الى الامم المتحدة في 19 سبتمبر (ايلول) الماضي تطالب فيه باستعادة حقوقها في التصدير عبر الانبوب الذي تم انشاؤه حسب الشكوى العراقية بناء على اتفاقية تمت بين حكومتي بغداد والرياض ليتم تنفيذ الانبوب عبر عقود مع شركات ايطالية بتكلفة اولية بلغت 1.7 مليار دولار وقدرة تصديرية تبلغ 1.6 مليون برميل يومياً، مبيناً ان التكلفة الاجمالية تجاوزت مبلغ 2.2 مليار دولار تم استثمارها من قبل بغداد داخل الاراضي السعودية، معترضاً على الاجراء السعودي في اغلاق الانبوب في 13 من اغسطس (آب) 1990 الذي صدر العراق من خلاله 876 مليون برميل من النفط الخام اضافة الى 11 مليون برميل تم تخزينها في مستودعات المجيز (ميناء التصدير على البحر الاحمر)، ومطالباً باستعادة الانبوب.

وكشفت هذه المصادر ان السعودية سخرت دخلها البترولي من انتاج شركتي الزيت العربية وتكساكو في المنطقة المحايدة والخفجي ليعطى للعراق ليتصرف فيه بشكل كامل ذلك الوقت نظراً لتوقف انتاج العراق النفطي بسبب اغلاق الخط العراقي المار في سورية بقرار سياسي من دمشق، وعدم قدرته على التصدير عبر الخليج بسبب ضرب ميناء البكر وخطورة تعريض ناقلات النفط للالغام البحرية او القصف، اضافة الى محدودية الكميات التي يمكن تصديرها عبر الاراضي التركية والتي كانت تقدر ما بين 600 الى 800 الف برميل يومياً.

وبينت هذه المصادر انه تم توقيع اتفاقية بين العراق والسعودية على انشاء هذا الخط من اموال النفط السعودي لتوفير مصادر تصدير للانتاج العراقي البترولي عبر ايجاد منفذ له على البحر الاحمر (ينبع) وهو ما انتهت الحاجة العملية العراقية له بغض النظر عن عدم التزامه بتسديد القروض او التعويضات الناتجة عن اضرار حرب الخليج الثانية وهذا دليل على امتلاك السعودية لهذا الخط البترولي من الناحية المالية.

واوضحت هذه المصادر انه من الجانب الفني فان شركة «ارامكو السعودية» هي التي تولت عملية الاشراف على كافة الامور المتعلقة بتنفيذ مشروع الخط النفطي بتكليف من الحكومة، واكدت ان مشاهدة الخط الذي كان العراق يستخدمه ومقارنته مع الخطوط والتجهيزات السعودية الاخرى في المنطقة ستوضح حقيقة تنفيذه سعودياً كونها من ذات نوعية واحدة ومن المصادر ذاتها وباسلوب وتنفيذ موحد بمواصفات سعودية وهو دليل آخر على ان تنفيذ هذا المشروع من الألف الى الياء كان سعودياً.

وبينت ان السعودية لم تتطرق حتى الساعة الى رسوم مرور النفط العراقي وتصديره عبر اراضيها وتكاليف الصيانة والامن واجراءات السلامة للخط الذي استخدم من قبل الحكومة العراقية وهي مادة صريحة في الاتفاقية التي تم بموجبها انشاء الخط النفطي الذي بدأ تشغيله عام 1989 حتى اجتاح الكويت وبتكلفة تقريبية تصل الى ملياري دولار.

وحول الاجراءات التي من المتوقع ان يقوم الجانب العراقي بالسعي من خلالها الى اثبات احقيته للانبوب، الذي يبلغ طوله 1.575 كيلومتراً يعتبر اطول انبوب لنقل النفط الخام في منطقة الشرق الاوسط والذي يحتوي على 6 محطات للضخ واحد منها في الاراضي العراقية والخمسة الاخرى في السعودية، اوضحت المصادر ذاتها انه من المنتظر ان تقوم الحكومة العراقية برفع شكوى للمنظمات الدولية مستندة الى الاتفاقية لتقوم السعودية بالتالي بتقديم ما لديها من ادلة واثباتات على صحة موقفها وملكيتها بالكامل للانبوب دون وجود اية حقوق للحكومة العراقية فيه.

واضافت ان هذا الخط الذي بني من اموال سعودية في ظل الظروف الاقتصادية العراقية التي يعجز من خلالها على تسديد ما عليه اساساً من التزامات وتعويضات وديون فانه عاجز عن دفع تكاليف تأسيسه، مشيراً الى ان السعودية لديها خطط متنوعة لاستخدام هذا الخط لكنها لم تحدد بشكل نهائي حتى الآن، والتي منها استخدامه في نقل النفط الخام من بعض مناطق الانتاج كالسفانية ليكون لديها خطان منفصلان كل منهما يغطي منطقة انتاج مختلفة.

وكانت السعودية قد اوقفت بعد دخول القوات العراقية الكويت في 12 اغسطس (آب) 1990 تشغيل الانبوب الذي يربط منشآت النفط العراقية في الجنوب بمصب قريب من ميناء ينبع السعودي على البحر الاحمر ولم يستخدم الانبوب منذ ذلك الحين.