خبير اقتصادي: غياب الأرقام الحقيقية لنسب البطالة في الخليج يهدد بارتفاع معدلاتها

رمادي لـ«الشرق الأوسط» : بعض العاطلين عن العمل من حملة الماجستير والدكتوراه

TT

دعا أكاديمي وخبير اقتصادي دول الخليج إلى الاستفادة من تجربة الدول المتقدمة في حل مشكلة البطالة، وتوفير فرص عمل لمواطني الدول، تبدأ من توفير أرقام صحيحة للمشكلة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» البروفيسور الدكتور محمد رمادي الزائر في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن والمحلل والاقتصادي، إنه يلاحظ على المستوى الرسمي أن بيانات رصد البطالة في دول الخليج غير مكتملة وغير محدثة، وأن الصورة العامة للمشكلة تعطي انطباعا عن ارتفاع معدلاتها، مشيرا إلى كثرة إصدارات القرارات الوزارية التي تحفز على التوظيف الوطني من جهة وتهدد الشركات التي ترفض توظيف الكادر الوطني من جهة أخرى. وأضاف رمادي أنه لا يوجد أي مؤشر يؤكد نجاح البرامج والخطط التي وجهت لتدريب الخليجيين في تقليل حجم البطالة، وأنه آن الأوان لمناقشة المشكلة بالأرقام عبر نقاش هادف لمعرفة أسباب البطالة ومن ثم تحديد سبل العلاج الناجع لهذه المشكلة. واستطرد البروفيسور رمادي حديثه بالتأكيد على أن الوقت لم يفت وأن دول الخليج العربي زاخرة بموارد البترول ويمكن الاستفادة منها في وضع خطط بعيدة المدى لحل مشكلة البطالة ووضع معيار وظيفي قبل أن تقل وتنتهي ثروة البترول.

ويرى الدكتور رمادي أنه من الواجب تحديد من هم الذين يعانون البطالة الحقيقة، وليس فقط من تم تسجيلهم في سجلات البطالة، مشيرا إلى إحصائية عام 2005 الخاصة بصندوق النقد السعودي والتي أظهرت أن 470 ألف سعودي تم تسجيلهم على أنهم لا توجد لديهم وظائف، وأن التساؤلات تطرح هل هؤلاء فقط الباحثين عن وظائف؟ أم أن هناك فئات أخرى لم يتم رصدها بعد؟ مع ملاحظة صعوبة حصر العاطلين عن العمل في معظم المجتمعات في شريحة الأغنياء لعدم لجوئهم لتسجيل أسمائهم كباحثين للتوظيف.

كما أوضح المحلل الاقتصادي أن الأكثر إثارة أن المعلومات الصادرة من القنوات الحكومية في الفترة ما بين 1992 وحتى 2005 سجلت تزايدا ملحوظا للمسجلين كباحثين عن عمل من حملة الدرجات العليا، مشيرا إلى أنه في عام 1995 لوحظ أن حملة شهادات البكالوريوس والدبلوم العالي وما فوق ذلك يمثلون ما نسبته 1.65 في المائة من مجموع 24.232 رصدهم كعاطلين عن العمل، وأن هذا الرقم ارتفع إلى 4.69 في المائة من جملة 155.579 من المسجلين في عام 1995، بعد تسجيل 29 من حملة شهادة الماجستير والدكتوراه ضمن الباحثين عن العمل. وقال رمادي إنه يلاحظ بعض الأخطاء في النظام الاقتصادي، حيث إن السوق يطلب الكثير من العمالة المتخصصة لتوزيعهم في المدن الكبيرة، في حين أن حوالي 5 في المائة من المسجلين للتوظيف من حملة الشهادات العليا لا يجدون وظيفة، وأنه ليس من الإنصاف رمي كل اللوم على السعوديين الذين يحملون تخصصات لا تتواءم وحاجة السوق السعودي.

وأشار الدكتور رمادي إلى أن هذه المشكلة بدأت معالجتها بظهور عدد من الجامعات الخاصة من الدرجة الأولى في السعودية وفي دول الخليج والتي تبدو أقرب إلى حل مشكلة سوق الوظائف بالقطاع الخاص، إلى جانب الابتعاث الخارجي الذي بدأته وزارة التعليم العالي السعودي، على اعتبار أن الحكومة السعودي ماضية في محاربة البطالة وإعداد جيل أكثر انتاجية وفاعلية من قبل.

واستعرض رمادي جهود السعودية في توفير الفرص، مثل إعداد برامج تدريبية طويلة المدى يقوم بتنفيذها عدد من الشركات السعودية، والحوارات والتنسيق بين القطاع الخاص وعدد من الجامعات لإعداد خطط وبرامج للتدريب سترى النور، ولكن ربما تأخذ بعضاً من الوقت، إلى جانب أهمية التقليل من اعتماد الشركات والمؤسسات على العمالة الأجنبية والتي يمكن حرمانها من حصصها إذا لم تستوف شروط السعودة، وأن ذلك يقلل من عدد البطالة على المدى القريب. ويرى الدكتور محمد رمادي ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتلاعبين في توظيف السعوديين كالشركات التي تستفيد من دعم الحكومة في مجال تدريب الموظفين السعوديين فيما هي في الواقع تسجل أسماء السعوديين في سجلاتها دون توظيف حقيقي، وذلك بهدف الاستفادة من شهادات. وحول دعم العاطلين عن العمل، يعتقد الدكتور رمادي أن المجتمع السعودي ودول الخليج تكون الأسرة هي الداعم الرئيس للعاطل عن العمل؛ وذلك لغياب نظام الدعم من قبل الدولة، وأن الأسرة بذلك تمتص أثر البطالة على الشباب الخليجي، لكن ذلك ـ والحديث لرمادي ـ قد لا يستمر طويلا. وكان تقرير اقتصادي صدر أخيرا عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي قد أشار الى أن نسبة البطالة تقدر في السعودية بأنها ارتفعت لتصل إلى أكثر من 14%، إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم لتصل إلى 6.5% كأعلى مستوي له خلال 12 عاما. وكانت وزارة العمل قبل عدة أشهر، بالتنسيق مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، قد كشفت في دراسة لمعرفة مستوى البطالة في المملكة، أن هناك 37% من العاطلين عن العمل من حملة شهادة الثانوية العامة، فيما بلغت بين أوساط الجامعيين 36%، ونزلت النسبة بين المتعلمين للمرحلة المتوسطة إلى 26%، إضافة إلى وجود 15% من المتزوجين عاطلين عن العمل.