ميريل لينش: الدولار سيزداد ضعفا خلال العام الحالي

توقع أن تنخفض معدلات الفائدة الأميركية إلى 1% في الربع الأخير من 2008

احد المتعاملين في بورصة وول ستريت بنيويورك حيث يتوقع المتعاملون مزيدا من التخفيض لمعدلات الفائدة الاميركية (ا.ب)
TT

أفاد تقرير اقتصادي أنّ التخفيضات الاندفاعية لمعدلات الفائدة (الذي عزّزها بيان حمائم لجنة السوق المفتوحة التابعة لمجلس الاحتياط الاتحادي الاميركي) يؤيد وجهة النظر القائلة ان الدولار الاميركي سيزداد ضعفاً قبل ان يبلغ «القعر» في الفصل الثاني من 2008. وقال التقرير الذي أصدره بنك «ميريل لينش» ان مجلس الاحتياط الاتحادي قد خفض معدلات الفائدة 125 نقطة مئوية في خطوتين في الأسبوعين الفائتين. ان الخطوتين كليهما هما خروج عمّا كان مألوفاً في العقدين الماضيين، إذ أن التخفيضين معاً يشيران الى تحول مهم في مسلك الاحتياط الاتحادي.

وأشار التقرير الى ان «تقلبات السوق وتجنّب المخاطرة في ارتفاع. فالسوق يستبق مزيداً من التيسير النقدي المندفع يقرره المركزي الأميركي (منها 66 نقطة مئوية استوعبها السوق حتى نهاية 2008) ويفترض ان يفكر المستثمر في طلب الأمان بالسندات الحكومية الاميركية وطلب الدولار». وقال «ميريل لينش» ان رأيه يختلف عن الاجماع لأن هذا أمر غير ثابت للأسباب الآتي ذكرها: إنّ ما يدفع التباطؤ في الاقتصاد الاميركي هو قطاع السكن.

هذا القطاع هو ضعيف على نحو غير عادي. ويرجّح ان يكون له تأثير سلبي على المستهلك الاميركي. وهذا أبرزته بصورة خاصة بيانات المركزي الأميركي التي تعبّر عن القلق المسيطر على اقتصاد الولايات المتحدة الناجم عن القطاع السكني.

فالمعلومات التي نشرت في الشهر الماضي أظهرت ان التدهور في قطاع المساكن راح يتسارع في اواخر 2007. ولا يستبعد ان يزداد طلب المستهلكين تدهوراً بفعل عاملين: الاول، سوء أحوال الائتمان وانخفاض أسعار المساكن التي ستوقف التسليف. والثاني، احتمال ان يشعر المستثمر إحباطاً بفعل تأثير اسعار المنازل المنخفضة التي يمكن ان ترفع معدل التوفير.

وتابع بالقول: «هناك أدلة على ان التصدير الى الولايات المتحدة قد ابتدأ مؤخراً بالانخفاض من آسيا خارج اليابان ومن اليابان وأوروبا. فلم تعد هذه مدعاة للقلق كما كانت في السابق. ان نسبة مجموع الصادرات الى الولايات المتحدة هي في انحدار بمرور الوقت. فأوروبا تصدر الآن اكثر الى آسيا منها الى الولايات المتحدة بينما آسيا تصدر الى اوروبا بقدر ما تصدر الى الولايات المتحدة. اما الصين فتصدر نحو 15% الى الجهتين بالتساوي».

ويعتقد خبراء ميريل لينش الاقتصاديون الاوروبيون ان الاقتصاد الاوروبي سيصمد في وجه التباطؤ الاميركي. ففي الوقت الحاضر، يتوقع ان ينخفض النمو الى 2.1% في 2008 من 2.6% في 2007. فالمصرف المركزي الأوروبي لا يزال من الصقور مع انه خفف من لهجته في الأسابيع الأخيرة. ويستبعد ان يخفض معدلات الفائدة طالما التضخم في مؤشر الأسعار باقٍ فوق 3%.

في حين، كما قال التقرير، لا يزال النمو في آسيا متيناً مع بعض الاستثناءات. فالصين تستمر في إصدار إشارات إفراط بالحماوة الاقتصادية. فالتضخم لا يزال مرتفعاً والاحتياط يتراكم بسرعة وتبقى الفوائض من خلال سياسة التشدد، بما فيها رفع سعر العملة، يمكن ان تسمح لمستويات اكثر ثباتاً في النمو الاقتصادي.

وأكد «ميريل لينش» ان هناك «ثمة تباطؤا في اقتصاد الولايات المتحدة إنما هذا لا يعني بالضرورة أنه سيحدث انخفاض اقتصادي مهم في بقية العالم. فتدابير المركزي الاميركي التيسيرية تشير الى زيادة في السيولة العالمية. ان الفوارق العالية بالمردود خارج الولايات المتحدة يجدّد شهية تطويل الآجال، الأمر الذي يعيد الى الأذهان ظواهر البحث عن عائدات مرتفعة. اننا قلقون من التضخم في البلدان الناشئة لأن تدني الفوائد قد ترفع الطلب الداخلي بطريقة غير مبررة».

ان نظرة في السوابق التاريخية تشير الى ان التيسير من قبل مجلس الاحتياط الاتحادي كان في الماضي ايجابياً وأصبح تقريباً من الحِكَم المتعارف عليها في السوق. لكننا نعتقد ان الأمر سيكون مختلفاً هذه المرة. ويتوقع التقرير، ان عدداً من البلدان الناشئة والمصارف المركزية لبعض العشرة الكبار سترفع دولارات الفائدة لا ان تخفضها. هنا يمكن المقارنة مع دورة التخفيض الحاضرة ودورة 1989، عندما كان الاحتياط الاتحادي يخفض معدلات الفائدة والبنك المركزي الالماني يرفعها انخفض الدولار إثر ذلك بحدة في السنتين التاليتين. ان دوافع الاقتصاد الاميركي المتدهور سيستمر في إرخاء ثقله على الدولار. فالولايات المتحدة تنافس على الرساميل من أجل تمويل العجز في الحساب الجاري. وإذ يرتقب ان تضعف الأصول الأميركية أكثر من تلك التي لدى العشرة الكبار، سيصبح تمويل العجز أكثر صعوبة. ان دولاراً ضعيفاً هو آلية لتصحيح العجز في الميزان الجاري.

ان تخفيضات مجلس الاحتياط الاتحادي يبرز الضعف في الأسواق المالية. وتجدر الملاحظة ان ميريل لينش تتوقع الآن ان تنخفض معدلات الفائدة الى 1% في الفصل الرابع من 2008. وهذا يحصل في الوقت الذي يبقي فيه المركزي الأوروبي معدل الفائدة دون تغيير. ان السوق يفترض سعراً للأموال الفيدرالية بمعدل 2.34%، في آخر العام أي 134 نقطة أعلى مما تتوقع ميريل لينش. في المقابل، يقدّر السوق ان يستقر المركزي الأوروبي على معدل فائدة بمقدار 3.4 اي 60 نقطة اساس أعلى من ميريل لينش.

ان إنجاز الاقتصاد الاميركي الضعيف وإعادة توازن العجوز في الولايات المتحدة سيستمران بإبقاء الدولار تحت الضغط. ان تخفيضات الاحتياط الاتحادي المندفعة تضعه في تناقض بارز مع انداده في العشرة الكبار.