رسملة: حاجة أسواق المنطقة للتصحيح كانت وراء الأداء السلبي لها في يناير

خبير: الأداء الأخير للأسواق يعد تحديا لمقولة عدم ارتباط أسواق المنطقة بالأسواق العالمية

انخفض المؤشر العام لأسهم الإمارات بنسبة 5% خلال الشهر الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

أرجع تقرير للبنك الاستثماري رسملة أمس انهيار اسواق المال الاقليمية الشهر الماضي الى ما وصفه بحاجة هذه الاسواق بالدرجة الاولى للتصحيح بعد الأداء المتميز في الربع الأخير من 2007. وقال التقرير انه بعد نهاية مذهلة لعام 2007 في شهر ديسمبر (كانون الاول)، استهل المتعاملون العام الجديد بانتظار نتائج الربع الرابع للحصول على إشارات حول توجه السوق على المدى القصير. بينما بدأت أسواق الأسهم العالمية تعاملاتها للعام الجديد بنتائج سلبية، مما أثر سلباً على الأسواق الناشئة في آسيا وأميركا اللاتينية وسط مخاوف من أن يعوق تباطؤ الاقتصاد الأميركي واستمرار أزمة أسواق الائتمان من نمو الاقتصادي العالمي. ورغم هذه التداعيات قال التقرير إن أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجلت ارتفاعاً بنسبة 6.5% في الأسبوعين الأولين من الشهر لتؤكد على ارتباطها الضعيف بأسواق المال العالمية. إلا أن هذا الارتفاع انتهى بشكل مفاجئ مع صدور نتائج ضعيفة لبعض أهم الشركات السعودية، مما أدى مع التوتر العام الذي تشهده أسواق الأسهم العالمية إلى انهيار أسواق المنطقة مع تخفيض العديد من المستثمرين الأجانب لاستثماراتهم في بعض من أكبر وأكثر الأسهم سيولة للتقليل من استثماراتهم في الأسواق الناشئة بصورة عامة. ولفت التقرير الى انه مع اعتبار الاستثمارات الأجنبية عاملا مهما في تحقيق أداء قوي في أسواق المنطقة في الأشهر القليلة الماضية، فقد حذا المستثمرون المحليون حذو المستثمرين الأجانب وعملوا على تقليص حجم استثماراتهم الذي انعكس موجة عارمة من البيع استمرت لثلاثة أيام وأدت إلى خسائر بنسبة 16% خلال الفترة من 20-23 يناير (كانون الثاني).

وبسبب موجة البيع الهستيرية هذه، خسرت بعض الشركات حوالي 10% أو أكثر من قيمتها على الرغم من الإعلان عن ارتفاع أرباحها للربع الأخير من العام وأرباح العام الكلية بنسبة جيدة. وأغلق المؤشر العام لسوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على انخفاض بأكثر من 7% بفارق بسيط عن مؤشر الأسواق العالمية الذي خسر 8%. وأرجع خالد المصري مؤلف التقرير انخفاض أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى تراجع السوق السعودي بنسبة 13% والسوق المصري بنسبة 3% بينما حقق السوق الكويتي ارتفاعاً قوياً بنسبة 7.5% خلال الشهر. وقال ان الأداء الأخير للأسواق يعد تحدياً لمقولة عدم ارتباط أسواق المنطقة بالأسواق العالمية خاصة مع تراجع السوق السعودي، الذي يعد أقل أسواق المنطقة انفتاحاً على الاستثمارات الأجنبية. وقال «إلا أننا ما نزال على اعتقادنا بمزايا التنويع الذي تتيحه أسواق المنطقة، إذ أن المؤشرات الأساسية لاقتصاديات هذه الأسواق يختلف بشكل جذري عن اقتصاديات أميركا وأوروبا».

وذكر التقرير أن أداء الأسواق في يناير جاء بالدرجة الأولى نتيجة لحاجة هذه الأسواق للتصحيح بعد الأداء المتميز في الربع الأخير من 2007، مشيرا مع ذلك الى ان تنامي اهتمام المستثمرين الأجانب واستثماراتهم في الأسواق الإقليمية سيؤدي إلى تزايد نسبي في ارتباط هذه الأسواق بنظيراتها العالمية عن مستواها الحالي المتدني جداً. وقامت البنوك المركزية لدول مجلس التعاون الخليجي، كما هو متوقع، بخفض أسعار الفائدة تماشياً مع الخفض الكبير لأسعار الفائدة التي اتخذه البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة. وقال التقرير «مع ما تحمله من تداعيات حول ارتباط العملات المحلية بالدولار الأميركي، شكلت هذه الخطوة عاملا داعما لأسواق الأسهم ومؤثراً في تعافي هذه الأسواق وتقليص خسائرها في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي». وبعد ارتفاعها لأكثر من 60% من أدنى مستوياتها في صيف عام 2007، شهدت الأسهم السعودية موجة تصحيح قوية الشهر الماضي؛ حيث دفعت النتائج السلبية لإيرادات البنوك السعودية والشركة القيادية سابك إلى موجة بيع ضخمة مصحوبة برغبة في تصحيح الأسعار عن مستوياتها الحالية. وقال معد التقرير إنه من الصعب الربط بين خسائر أسواق الأسهم العالمية وانخفاض السوق السعودي، حيث أنه مغلق أمام الاستثمارات المباشرة من المستثمرين غير الخليجيين. وقال «لذلك نرجع تراجع الأسعار في شهر يناير (كانون الثاني) إلى موجة من جني الأرباح ومؤشراً على درجة التذبذب العالية في هذا السوق الذي يتأثر مباشرة بالتوجه غير المستقر للمستثمرين المحليين».

كما انخفض المؤشر العام لأسهم الإمارات العربية المتحدة بنسبة 5% خلال الشهر نفسه نتيجة لانخفاض الأسهم في سوق دبي المالي، حيث بقيت الأسهم المدرجة في سوق أبوظبي عند مستوياتها بشكل عام خلال الشهر. وجاء التباين وفقا للتقرير في أداء السوقين إلى الوجود الكبير للاستثمارات الأجنبية في سوق دبي المالي التي تأثرت بانهيار أسواق الأسهم العالمية. كذلك يتم تداول أسهم سوق أبوظبي بتقييمات أدنى من نظيراتها في سوق دبي مما يحد من نسبة انخفاض أسعار السوق خلال ظروف السوق الصعبة. وواصل سوق دبي المالي أداءه المتميز في ديسمبر (كانون الثاني) محققاً ارتفاعاً طفيفاً في الأسبوعين الأولين من يناير (كانون الثاني) في فترة انتظار المستثمرين لنتائج الشركات للربع الأخير من 2007. وعلى الرغم من النتائج القوية لأهم الشركات، تعرض السوق إلى موجة بيع حادة في النصف الثاني من الشهر مدفوعاً بالمخاوف حول تأثير الارتفاع الكبير الذي شهده السوق في الربع الأخير من 2007 على التقييمات الحالية والموجة السلبية المسيطرة على الأسواق الناشئة الأخرى. وكانت موجة التصحيح هذه قياسية حيث خسر المؤشر أكثر من 17% من قيمته في أسبوع واحد من التداول قبل أن يتعافي مع نهاية الشهر ليغلق على تراجع بنسبة 5%. وبعد الأداء الإيجابي لسوق ابوظبي في شهر ديسمبر (كانون الثاني)، افتتح المستثمرون العام الجديد بأرباح وصلت إلى 8.4% في الأسبوعين الأولين من الشهر قبل أن يتعرض السوق إلى موجة حادة من عمليات البيع لينهي الشهر مستقراً عند مستويات الشهر الاسبق.

من ناحيته، شكل السوق الكويتي طوق نجاة للمستثمرين في الشهر الماضي حيث كان السوق المهم الوحيد الذي حقق ارتفاعاً بأكثر من 7%. وقال التقرير انه بسبب تخلف هذا السوق عن الأسواق الخليجية الأخرى في فترة ارتفاعها مع نهاية العام الماضي، تعد التقييمات الحالية للسوق الكويتي أكثر تشجيعاً من نظيراتها في الأسواق الخليجية. ومع التوقع بنمو قوي في إيرادات الشركات في عام 2008، اعتبر التقرير المستويات الحالية لمكررات الأرباح عن 14 مرة مغرية للغاية. ولاحظ التقرير ان السوق لم يتأثر بالموجة السلبية التي تجتاح أسواق الأسهم العالمية بسبب عدم وجود استثمارات أجنبية فيه. ويتوقع حسب التقرير أن يتواصل نمو الاقتصاد الكويتي في عام 2008 بنمو بنسبة 6% في إجمالي الناتج المحلي الاسمي إلى 116 مليار دولار أميركي، حيث من المتوقع أن يسهم القطاع غير النفطي في نسبة أكبر من النمو الاقتصادي مع توقعات بنمو القطاع النفطي بنسبة 2.4% فقط. كذلك سيتأثر السوق إيجابياً بالتغييرات الهيكلية في الاقتصاد ومنها إلغاء ضريبة أرباح رأس المال على استثمارات سوق الأسهم وتخفيض الضريبة من 55% إلى 15% للشركات المملوكة من قبل الاجانب، حيث ساهمت هذه التغييرات بشكل كبير في الأداء القوي في الفترة الماضية.