أميركا: الجدل حول الصناديق السيادية يتصاعد.. وسيناتور يقول «لا يمكننا أن نستمر في بيع بلادنا»

مع إقرار الكونغرس خطة الإنعاش الاقتصادي.. وتوقعات بأن يوقعها بوش الأسبوع المقبل

TT

من جانب آخر بدأ الجدل حول موضوع الصناديق السيادية يتصاعد داخل أروقة السلطات التشريعية الاميركية، حيث دعا أعضاء بالكونغرس الاميركي الى تشديد اجراءات فحص استثمارات الصناديق المملوكة لحكومات أجنبية في الولايات المتحدة، لكن البيت الابيض وبعض الخبراء حذروا من أن المغالاة في فرض القواعد التنظيمية قد يفزع المستثمرين الذين تحتاج الولايات المتحدة الى أموالهم بشدة.

واشتدت حدة النقاش حول صناديق الثروات السياسية، في أعقاب ضخ مليارات الدولار من صناديق في الصين والكويت وسنغافورة لانقاذ بنوك غربية رئيسية هزتها أزمة الرهون العقارية عالية المخاطر.

وزاد من المخاوف ظهور صناديق سيادية مملوكة لدول مثل الصين وروسيا، يقول البعض انها تستثمر بدوافع سياسية واستراتيجية تجعلها مختلفة عن صناديق معاشات التقاعد وغيرها من الدول مثل النرويج وكندا.

وقالت النائبة الديمقراطية مارسي كابتور أمام لجنة اميركا والصين للاقتصاد والأمن: «بدلا من تأمين اقتصادنا فان هذه الاستثمارات لا تفعل شيئا سوى تعميق عدم الأمن لاميركا، وترغم الولايات المتحدة على تحمل مزيد من الدين لحساب أطراف أجنبية».

وأضافت لرويترز، في أغلب الحالات يتم تقيم الصفقات على أنها مالية صرفة، في حين أنها في الواقع سياسية واستراتيجية. وكان الكونغرس قد كون هذه اللجنة لبحث انعكاسات العلاقات الاقتصادية المتنامية بين أميركا والصين على الأمن الوطني.

وقال السناتور الديمقراطي جيم ويب للجنة «لا يمكننا أن نستمر في بيع بلادنا. ليس بوسعنا الاستمرار في تجاوزاتنا في الانفاق والاقتراض». وأضاف، نحن بحاجة لضمان أن تفرق قوانيننا وسياساتنا بين الاستثمارات السيادية ذات الدوافع السيادية والاستثمارات السيادية ذات الدوافع التجارية.

وقال توني فراتو المتحدث باسم البيت الابيض، ان صناديق الثروات السيادية، التي تتسم بالشفافية وتخلو من النفود السياسي، يمكنها أن تدعم النمو الاقتصادي.

وقال للصحافيين، «أعتقد أن علينا أن نكون في غاية الحرص عند النظر في تشريع قد يؤثر على الاستثمارات الداخلة الى هذا البلد، وأن نكون في غاية الحرص في الاشارات التي نبعث بها للمستثمرين الاجانب الذين يتطلعون لاستثمار أموالهم في هذا البلد».

ولا تتضمن التشريعات المطروحة على الكونغرس حاليا شيئا يتعلق بالصناديق السيادية، لكن بعض أعضاء الكونغرس يطالبون بتشديد القيود على الاستثمارات الاجنبية لدواعي الأمن الوطني.

وقالت ليندا تشاتمان تومسن المديرة بلجنة الاوراق المالية والبورصات الاميركية، ان الصناديق السيادية ربما تكون عرضة لاساءة استغلال صلاتها الرسمية للحصول على معلومات غير متاحة للجمهور أو مقاومة التعاون في قضايا الاوراق المالية التي تكون استثماراتها طرفا فيها. وأضافت أن مؤسسة الصين للاستثمار التي أطلقتها بكين في سبتمبر (ايلول) الماضي باستثمارات تبلغ نحو 200 مليار دولار تتبنى منهجا محسوبا وأنها تتصرف كمستثمر سلبي.

وشارك باراك أوباما، الذي يسعى للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الاميركية هذا العام، في الجدل الدائر قائلا ان مثل هذه الصناديق تمثل مصدر قلق.

وحتى الان اشترت مؤسسة الصين للاستثمار حصة قدرها ثلاثة مليارات دولار في مجموعة بلاكستون الخاصة للاستثمار وحصة قيمتها خمسة مليارات دولار في بنك مورغان ستانلي الاميركي. ويقدر أن الصناديق السيادية المملوكة في الاساس لدول مصدرة للنفط في الشرق الاوسط ودول اسيوية تملك فوائض تجارية ضخمة لديها أصول قيمتها 2.5 تريليون دولار، ومن المتوقع أن تنمو الى 12 تريليون دولار في السنوات الثماني المقبلة.

وقال البروفيسور بيتر نافارو من جامعة كاليفورنيا ايرفن لرويترز «الصناديق السيادية ليست خيرة أو شريرة، لكن الحكومات تجعل منها هذا أو ذاك». الا أنه أشار الى أن الصناديق الصينية والروسية قد تحمل في طياتها مشكلات.

من جهته أشار البروفيسور بيتر موريسي من جامعة ماريلاند الى ان المشكلة تتمثل في احداث التوازن المطلوب في اللوائح التنظيمية.

كما أقر الكونغرس الاميركي نهائيا خطة الانعاش الاقتصادي المعروضة من البيت الابيض، التي تتيح ضخ 150 مليار دولار في الاقتصاد الاميركي للحيلولة دون حصول ركود في اكبر اقتصاد في العالم.

واقر مجلس النواب بغالبية كبيرة خطة الانعاش التي اقرها مجلس الشيوخ في وقت سابق من مساء الخميس. واقر مجلس النواب في جلسة أول من أمس الخطة بتأييد غالبية 380 صوتا ومعارضة 34. وكان مجلس الشيوخ قد اقرها بغالبية 81 صوتا في مقابل 16.

وفي السياق ذاته قال الرئيس الاميركي جورج بوش أمس انه سيوقع مشروع قانون خطة لتحفيز الاقتصاد بتكلفة الاسبوع المقبل. وأقر مجلس الشيوخ ومجلس النواب أول من أمس الخميس الخطة التي تشمل سلسلة من التخفيضات الضريبية والحوافز للشركات بهدف تجنب دخول اقتصاد البلاد في حالة ركود في عام الانتخابات.

وقال بوش في مؤتمر في واشنطن «نحن في مرحلة من التوترات الاقتصادية واتخذنا اجراءات مرة أخرى». وأضاف أريد أن أشكر الاعضاء في الكونغرس لاقرارهم تشريعا جيدا سأوقعه ليصبح قانونا الاسبوع المقبل. وتابع «ان مشروع القانون هذا يعكس مبادئنا. انه محفز ويساعد على النمو ومشجع للاستثمار ويضع الاموال في أيدي المستهلكين الاميركيين».

ويشمل مشروع القانون رد مدفوعات ضريبية لمرة واحدة تصل الى 600 دولار للفرد و1200 دولار للزوجين و300 دولار لكل طفل. ويحصل اصحاب المعاشات والمعاقين الذين لا يدفعون ضريبة دخل على 300 دولار.

والخطة النهائية جاءت أكبر من الخطة الاصلية التي اقترحها بوش. فقد أضاف مجلس الشيوخ مزايا لكبار السن والمعاقين الذين كان مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب قد تجاهلهم.

ولكسب تأييد أكبر من الجمهوريين في مجلس الشيوخ المقسم بالتساوي بفارق ضئيل، اضطر الديمقراطيون الى اسقاط مزايا مقترحة للعاطلين منذ فترات طويلة ومخصصات أخرى كان من شأنها مساعدة محدودي الدخل.