منتدى جدة الاقتصادي.. «اللبيب بالإشارة يفهم»

اختاروا فريقا شبابيا من «الصم» لتنظيم الحضور في الجلسات الرئيسية

واحد من فريق «الصم» يتخاطب مع الحضور بلغة الإشارة (تصوير: خضر الزهراني)
TT

اختارت اللجنة المنظمة لمنتدى جدة الاقتصادي التاسع، الحكمة العربية «اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب» عندما وضعت فريقا شبابيا يمثلون نادي الصم في جدة، ليتولوا التنظيم داخل القاعة الرئيسية لجلسات المنتدى، وكأنها رسالة لحالة الارتباك والفوضى التي كانت سادت افتتاحية المنتدى في عامه السابق بسبب خلل في التنظيم.

وبدا الحضور أمام خيار تعلم لغة الإشارة للتفاهم مع الشباب الذين كانوا يبدون مهارة عجيبة في توضيح ما يريدون التعبير عنه بأصابعهم العشر وملامح وجوههم، حتى أن هدوء الصالة قبل بدء الجلسات لم يكن يوحي باكتمال الاعداد من الحضور.

لغة الإشارة التي حضرت ميدانيا عبر لجنة التنظيم ومن خلال المتحدث المرافق للمتحدثين الرسميين، عكست مناخا من التقدير لهذه الفئة، وجاء دمجها متناغما مع دقة التنظيم، وتلك الابتسامات التي كان الشباب يوزعونها في كل مكان.

وبدت لغة التراسل بالإشارة بين الشباب في القاعة الرئيسية لغة موصلة من جهة ولافتة للحضور من جهة أخرى، والذين انشغل بعضهم بمتابعة تلك المهارة الجسدية في التعبير. يقول فيصل الغامدي، وهو رجل أعمال شاب «لا ينقصهم سوى أن نكتمل نحن.. هدوؤهم ودقتهم أثارتا إعجابي». أحد الصم، كان يشير بإصبعه الابهام في كل مرة لزملائه عندما ينفذون شيئا ما بينهم، وهي العبارة التي يفهمها العامة على أنها «أحسنت».

وجاء اختيار الشباب من فريق الصم، ليضع الصحافيين أمام اختبار صعب في محاولة جراء حوارات سريعة معهم، غير أن الشباب أنفسهم كانوا يتعاملون بمبدأ «اللبيب بالإشارة يفهم». وفي السعودية هناك جدل كبير في تعلم لغة الاشارة بين التربويين المختصين في الاعاقات السمعية، إذ يرى فريق بأن تعليمها يأتي على حساب القراءة والكتابة، فيما يرى الفريق الآخر أن ثنائية اللغة للصم بين لغة الاشارة والقراءة هي مسألة تساعدهم على التفوق أكثر، والاستفادة من ملكاتهم الفكرية في الإبداع. وكان مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة أصدر قبل أكثر من عامين ترجمة لمعاني القرآن الكريم مستخدما لغة الإشارة كخطوة غير مسبوقة، وتركزت على ثلاثة محاور هي شرح معاني كلمات السور وبيان المعنى الإجمالي للسورة وبيان بعض فوائد السورة وبعض الأحكام التي تتضمنها.

وتقول نوره الشهري، وهي مختصة في الإعاقة السمعية واضطرابات النطق، أن الصم يستخدمون أكثر من لغة، إشارة تتفاوت بين دولة ودولة، وأحيانا بين مدينة وأخرى، رغم وجود لغة اشارية دولية تسمى «الجستينو» تكاد تكون الاقرب للفهم العام.

وعلى طريقة «اللبيب بالإشارة يفهم» تفكر مجموعات من الصم بابتكار لغات إشارة خاصة بهم هي أقرب لشفرات يتفقون عليها ويستخدمونها داخل أوساطهم «الصامتة» حيث لهم أسرارهم الخاصة، وأمورهم التي يحرصون على ألا يعرف بها أحد.