د. بسمة العمير لـ «الشرق الأوسط»: أموال السعوديات تهاجر خارج الوطن لغياب التسهيلات والدعم

مديرة مركز السيدة خديجة بنت خويلد: 2.7 مليار دولار حجم رؤوس الأموال النسائية المجمدة في بنوك المملكة

د. بسمة العمير
TT

على الرغم من أن الطفرة الاقتصادية التي تشهدها السعودية أخيراً إلا أن التقديرات تشير إلى أن حجم الأرصدة النسائية المجمدة في البنوك يقارب الـ15 مليار ريال (2.7 مليار دولار)، بسبب إحجام سيدات الأعمال والمستثمرات السعوديات عن انتهاز الفرص الاستثمارية الواعدة التي تتيحها الطفرة الحالية بسبب عدم وجود تسهيلات كافية لهن في بعض القطاعات. الدكتورة بسمة العمير، مديرة مركز السيدة خديجة بنت خويلد التابع للغرفة التجارية بجدة، تحدثت إلى «الشرق الأوسط» حول أهم المشكلات التي تعترض زيادة مشاركة المرأة في التنمية، وجهود المركز في القضاء على المشكلات التي تعترض مشاركة سيدات الأعمال والمستثمرات السعوديات في التنمية الاقتصادية في هذا السياق، وفيما يلي نص الحوار:

> بدأتم منذ فترة طويلة في المركز بمحاولة دعم سيدات الأعمال والمستثمرات السعوديات عن طريق محاولة تصحيح بعض القوانين التي تحد من دور المرأة لماذا لم تثمر جهودكم لحد الآن؟

ـ أي مجهود لتغيير الأنظمة والقوانين يتطلب الكثير من الوقت، لأنك لا تتخذ القرار بنفسك ولكن تحاول الوصول إليه عن طريق تراتبية معقدة تتضمن إرسال مرئياتك للمختصين في الوزارات، ومناقشتها معهم، وانتظار ردودهم بعد الدراسة المعمقة، وفي الوقت نفسه فإن هناك أشياء لا يزال المسؤولون غير متقبلين لها، فمثلا مسألة بيع المستلزمات النسائية، هناك تياران مختلفان يتجاذبانها في المجتمع، فالقوانين الموضوعة من قبل وزارة العمل متشددة جدا ولا يستطيع القطاع الخاص تنفيذها، وهناك الكثير من الأمور العالقة المشابهة، كموضوع الوكيل، وتعيين المرأة عضواً في مجلس إدارة الشركات أو ترؤسها لهذه المجالس، وهناك بيروقراطية تعوق تقدم المرأة فعلا في كافة المجالات.

> تتمتعون في المركز بدعم كامل من مجلس إدارة الغرفة التجارية الحالي، هل سيسعفكم الوقت لإتمام ما تطمحون إليه، وما وعدتم به سيدات الأعمال قبل أن تنتهي مدة هذا المجلس؟

ـ لا نتوقع أن تحل كل هذه القضايا خلال العامين المتبقيين لمجلس إدارة الغرفة الحالي الذي نحظى بدعمه، لأن الكثير من الموضوعات التي نبحثها مهملة منذ أكثر من 40 عاماً، لكننا ألقينا الضوء عليها، ووضعنا مرئيات ومقترحات لحلها، وفي نهاية المطاف نحن لسنا جهة تنفيذية، ولكننا جهة استشارية تتابع وتقترح، ومع هذا أتوقع حل بعض المشكلات مثل مشكلة المشاغل النسائية، ومشكلة الوكيل، وتسهيلات إقامة سيدات الأعمال في الفنادق، وتراخيص مؤسسة التدريب الفني والمهني.

> كيف ترين تطور الاستثمارات النسائية خلال العامين الماضيين، وهل باتت سيدة الأعمال والمستثمرة السعودية أكثر جرأة؟

ـ ما أخشاه، هو أن تتجه سيدات الأعمال خلال الفترة المقبلة إلى الاستثمار في الخارج بشكل مكثف، ولا أستطيع لومهن في الحقيقة، لأن هناك أكثر من 15 مليار ريال (2.7 مليار دولار) مجمدة في البنوك، هي حجم أموال سيدات الأعمال والمستثمرات السعوديات، وتسعى الجهات الأجنبية والبنوك الأجنبية لاستقطابهن، إلا أن المستثمرة السعودية حينما تجد بأن القوانين لا تسمح لها بالاستثمار بشكل آمن، تتجه إلى الاستثمار في الخارج، وإن لم تحل الأمور بشكل جذري وتمنح سيدات الأعمال السعوديات تسهيلات للاستثمار في الداخل، فأتوقع هجرة رؤوس الأموال النسائية للخارج خلال عامين.

> ماذا عن خدماتكم الأخرى التي تقدمونها للسيدات العاملات؟

ـ نسعى إلى فتح مجالات أوسع أمام المرأة العاملة وتذليل الطريق أمامها لتصل إلى مناصب عليا في الجهات التي تعمل فيها، ونناقش القطاع الخاص في هذا الجانب، ونقيم الدورات التوعوية بحقوق المرأة العاملة، والحقيقة أن هذه المشكلة أكبر وأكثر عمقاً في سوق العمل السعودية وهي للأسف مرشحة للاستمرار أكثر بسبب ندرة الكفاءات المدربة والمؤهلة، وبعض العادات والتقاليد والفهم غير المكتمل من قبل المجتمع لمشاركة المرأة، ولذلك فإن هناك الكثير من المجالات التي لم تفتح أمام المرأة حالياً ويلزمها سنوات لتختبر كفاءتها وأدائها في هذه القطاعات.

> هل تواجهكم صعوبات في مرحلة جمعكم للمعلومات والبيانات الخاصة بمشاكل المرأة في سوق العمل، وهل صحيح أنه طلب منكم عدم نشر إحصاءات دون اعتمادها رسمياً؟

ـ في الحقيقة لا، والسبب أننا تعودنا على جمع المعلومات وتحليلها، أحياناً كنا نصادف مشاكل في التأكد من مصداقية المعلومات بسبب تضاربها من جهة إلى جهة أخرى، أما بالنسبة إلى التوجيه بعدم النشر فلم يوجه لنا بشكل خاص، ولكن كان هناك توجيه عام بأن الإحصائيات المعتمدة هي تلك المعتمدة فقط من وزارة التخطيط، وعادة عندما ننشر إحصائياتنا ننسبها لأنفسنا وأي بحث في العالم يمكن أن يشكك في مصداقيته، والمسألة رهن باقتناع القارئ بالجهة التي تجري البحوث وطريقتها العلمية.

> ما الجهات التي تعملون بالشراكة معها في سبيل تحقيق أهدافكم التنموية؟

ـ نتعامل مع البنك الدولي وأمانة جدة في إجراء بحث حول دور الأسر التي ترعاها النساء في المجتمع، ونعمل مع هيئة الاستثمار، كما نتعامل مع جامعة الملك عبد العزيز لتزويدها بخبراتنا حول المجالات العلمية المطلوبة في سوق العمل.

> ما رأيك في الخدمات البنكية والتمويلية المقدمة لسيدات الأعمال؟

ـ إحدى المشكلات التي تمنع مشاركة المرأة بشكل أقوى في الاقتصاد الوطني، هو عدم وجود تمويل للمرأة من قبل البنوك، أصلا هناك مشكلة في دعم وتمويل المشروعات المتوسطة، فكل برامج الدعم الموجودة تتعلق بالمشروعات الصغيرة وهي نافعة للأسر الفقيرة ومبادرات التنمية الاجتماعية لهذه الفئات، في حين أن الشريحة الأكبر من المجتمع والتي تبحث عن فرص وظيفية وتمويل خاص لمشروعاتها في الغالب من الطبقات المتوسطة ومشروعاتها متوسطة الحجم، كذلك المرأة تعاني من كثير من المعوقات عندما تحاول الحصول على التمويل من البنوك، تحتاج إلى كفيل وإلى الكثير من الإجراءات الصعبة.

> تحتجين كثيراً على طبيعة الخدمات البنكية المقدمة في السوق السعودية، لماذا؟

ـ أسلوب التمويل في السعودية بصفة عامة يحتاج إلى مراجعة، فتمويل تملك المنازل والسيارات إجراءاتها صعبة وغير منطقية، حتى في قطاعات التأمين الصحي فمفهومه في السعودية مختلف عن بقية العالم، لأنه ينبغي أن يقوم التأمين على أساس الوقاية، وما يحدث هنا هو أنه علاج في حالة المرض فقط، أضف إلى ذلك أن المرأة لا تستطيع أن تقوم بفتح حسابات لأبنائها، ولا تستطيع أن تبتاع لهم أسهماً على سبيل المثال بغير موافقة ولي أمرهم، هناك الكثير من التعقيدات التي تواجهها المرأة في قطاع البنوك.

> برأيك ما هي القطاعات المرشحة للنمو والتي تستقطب سيدات الأعمال والمستثمرات السعوديات في الفترة المقبلة؟

ـ القطاعات ذات الميزة، هي الاستثمارات العقارية والمطورون العقاريون هم الأكثر استفادة، لكن مع الأسف فإن المرأة ليس لها وجود في هذا القطاع، ونحن ما زلنا نسعى لأن تفتح قطاعات مثل العقارات والمقاولات والخدمات والتي لا تزال موصدة أمامها على اعتبار أنها لا تناسب طبيعة المرأة مع أن المرأة لن تقوم بكل هذه الأعمال بنفسها على أرض الواقع.