قانون التمويل العقاري المصري جرى تعديله 9 مرات وما زال يثير جدلا في الأوساط الاقتصادية

الحكومة تراه طوق نجاة لحوالي 120 مليار جنيه راكدة في سوق العقارات والخبراء يؤكدون فشله

TT

لم يتبق سوى ايام قليلة على صدور القرار الجمهوري بتفعيل قانون التمويل العقاري الذي اقره مجلس الشعب المصري قبل عدة اسابيع، ومع ذلك ورغم تعديل القانون تسع مرات فإنه ما زال مثار جدل وشكوك عديدة. فبينما ترى الحكومة أنه افضل وسيلة لانقاذ مخزون عقاري تتجاوز قيمته 120 مليار جنيه وتحريك حالة الكساد والركود التي تسيطر على الاسواق المرتبطه بالنشاط العقاري منذ اربع سنوات، يؤكد خبراء اقتصاد واسكان ان القانون بشكله الحالي سيفشل في القضاء على ازمة الركود في السوق العقاري وسيؤدي لتكريس ازمة الاسكان بالنسبة لمحدودي الدخل وسيضاعف من فوضى سوق العقارات المصرية.

ويضم القانون الجديد 56 مادة ويشمل تمويل شراء المساكن بجميع انواعها والوحدات الادارية والمحال المخصصة للنشاط التجاري. وبمقتضى القانون تستطيع البنوك بيع الوحدات السكنية بالتقسيط بدلا من اقراض المشتري بفائدة ثابتة للحيلولة دون التعارض مع احكام الشريعة الاسلامية، كما اجاز القانون للبنوك ان تحيل حقوقها الناشئة عن اتفاق التمويل الى احدى الجهات التي تباشر نشاط التوريق.

ويرى مستشار وزير الاقتصاد الدكتور محمود محيي الدين ان القانون يوفر جميع الضمانات لحماية كل من البائع والبنك والمشتري وسيساهم في حل أزمة الاسكان وتنشيط حركة السوق العقارية عبر انعاش حركة البناء وسوق المقاولات. كما يتضمن القانون تيسير اجراءات التسجيل العقاري ونقل الملكية مما يشجع الملاك وأصحاب العقارات على تسجيل جميع العقارات وبالتالي يتم تدريجيا تفادي البناء غير المرخص، فضلا عن أنه يسمح بتمويل تحديث وتطوير العقارات القديمة، كما ينص على تحمل الحكومة 50 في المائة ومن تكاليف امداد المساكن التي تقام على هذه الاراضي بالمرافق الاساسية، مؤكدا حاجة السوق العقاري المصري لمثل هذا القانون في الوقت الحالي لتحريك الركود الذي نتج عن عدم التوازن بين نمو الاستثمارات والطلب عليها الى جانب انتشار انشطة المضاربة على الوحدات العقارية للاستفادة من ارتفاع اسعارها بشكل مطرد في فترة سابقة، كما ان بعض صغار المستثمرين كانوا يتعاملون مع العقارات على انها مخزن للقيمة.

وحسبما يقول استاذ الاقتصاد بجامعة الازهر الدكتور رفعت العوضي فإن القانون مازال يتضمن مواد تتحدث عن الفائدة الثابتة المتعارضة مع الشريعة الاسلامية الامر الذي قد يعرض القانون للطعن بعدم الدستورية ومنها المادة رقم 12 التي تطرح مجددا مسألة التعامل بالفائدة الثابتة عندما تجيز للبنك ان يحيل حقوقه الناشئة عن اتفاق التمويل الى احدى الجهات التي تباشر نشاط التوريق، مما يعني تحويل الدين المستحق على المشتري الى سندات يتم بيعها في البورصة، الامر الذي قد يثير الشبهات خاصة في ظل المحاذير والتحفظات التي يضعها العلماء والفقهاء على التعامل في السندات باعتبار انها محددة العائد مقدما. كما اشار الى ان المادة الـ39 اتاحت للبنك ان يشترط على المشتري التأمين لصالحه بقيمة حقوقه، الامر الذي يضاعف الاعباء على المشتري وحده مما يتنافى مع الشريعة التي نصت على وجوب ان يكون التأمين في هذه الحالة تأمينا تعاونيا.

ورصد مدير الشؤون القانونية ببنك مصر عماد المنصوري تحفظات اخرى على القانون، في مقدمتها ان معظم العقارات التي تمثل السوق العقاري والمطلوب تمويل شرائها ما زالت عقارات غير مسجلة حيث انها مقامة على اراضي مخصصة من الاجهزة المعنية ولم تنتقل ملكيتها لاصحابها المستغلين لها حاليا حتى الآن، وكذا فإن القانون يفتقد الى التوازن بين الحقوق والالتزامات لاطراف العقد الثلاثة الواردة في القانون حيث يحصل البائع على حقه كاملا عقب توقيع العقد طبقا لاسعار السوق، كما خصص القانون نصف مواده (28مادة) للبنك الممول لضمان وتيسير حصوله على حقوقه، بينما حمل المشتري التزامات وتكاليف وقيودا عديدة، مشيرا الى ان القانون يتعارض مع عشرة قوانين اقتصادية في مقدمتها قوانين الشركات المساهمة والبنك المركزي والرقابة على التأمين وقانون البنوك والائتمان.

واكد رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الاعمال المصريين المهندس صلاح حجاب ان القانون يواجه عقبات عديدة، منها ان البنوك المصرية تعتمد على الودائع قصيرة الاجل مما يمثل صعوبات كبيرة في تدبير تمويلات طويلة الاجل يتطلبها قانون التمويل العقاري، مشيرا الى اهمية مواجهة تلك المشكلة من خلال توسع البنوك العقارية في اصدار سندات طويلة الاجل لتوفير مصادر تمويل جديدة وطويلة الاجل، فضلا عن تنقية القوانين المنظمة لقطاعي الاسكان والاستثمار العقاري بهدف عدم تعارضها مع القانون الجديد، كما اكد صعوبة دخول البنوك التجارية المصرية في مجال التمويل العقاري لاستحالة تطبيق معايير الاقراض بها على مشروعات الاسكان والعقارات لاختلاف نوعية القروض.