الببغاء السوفييتي

TT

يقول الشاعر العربي:

أيقنت أن المستحيل ثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي وأود أن أضيف إلى هذه المستحيلات الثلاثة مستحيلا رابعا وهو التغيير الوزاري في العالم العربي.

من المحيط إلى الخليج، يفتخر العالم العربي (باستثناء الأردن)، بأنه يمتلك أكبر عدد من سجلات غينيس العالمية، عندما يأتي الأمر إلى مُدد بقاء الوزراء في وزاراتهم، وقد يقول قائل، ولماذا تحسد الوزراء؟ والدعاء الذي تربينا عليه هو: «الله لا يغيّر علينا»؟!! ولأنني أكتب في المجال الاقتصادي، فأود أن استدرك، وبأقصى سرعة، وأوضح، أنني لا أعني الوزراء السياسيين، أو الأمنيين، وإنما أعني الوزراء المسؤولين عن السياسة الاقتصادية فقط.

درسنا في علم الاقتصاد، أن أي اقتصاد يمر بدورات اقتصادية من النمو، والركود، ولذلك تتأرجح الحالة الاقتصادية، عادة بين مشكلة التضخم، ومشكلة البطالة. وكل ذلك يحدث في الاقتصادات ذات الإنتاجية العالية، وتكون الدورات الاقتصادية أشد حدّة، في الاقتصادات التي تعتمد على موارد طبيعية، كالبترول مثلا.

ولو أخذنا اقتصادنا السعودي، على سبيل المثال، وعلى مدى الثلاثين سنة الماضية، فإننا سنجد أننا شهدنا طفرة أولى (1975 – 1981)، ثم فترة ركود (1982 – 1989م)، ثم جلبت حرب الخليج الثانية، حالة من النشاط الاقتصادي المرتبط بعملية تحرير الكويت، وفي عام 1995م، شهدنا حالة ركود كبيرة، مرتبطة بانخفاض سعر برميل النفط إلى 9 دولارات، وقد ساهمت تلك المرحلة في رفع نسبة الدين الحكومي، إلى ما يقارب 100% من حجم الناتج المحلي. ومنذ عام 2004م، بدأنا نشهد بداية الطفرة الثانية للبترول، والتي رفعت السعر في عامنا الحالي، ليتخطى المائة دولار للبرميل. ولكن الاقتصاد السعودي يعاني من تحديات كبرى، لا تحلها الطفرة المالية بحد ذاتها، ولكنها يمكن أن تخفف من حجم المشكلة، ومن تلك التحديات وضع العمالة، والبطالة، والتضخم... إلخ، وكلها قضايا أصبحت معروفة للجميع. ولكن المؤكد أن لكل مرحلة ظروفها، وتتطلب معالجة خاصة بها، ولا يجوز استخدام ذات المعيار، أو ذات المسطرة، لقياس، أو معالجة كل الحالات.

الخلاصة أن للاقتصاد ديناميكية، تتطلب تأسيس غرفة عمليات، وإدارة أزمات، لمعالجة ما يستجد، وهو ما لا يتحقق إذا بقي اسلوب العلاج تقليديا ونمطيا، وهو ما يحدث تلقائياً، إذا بقي الوزير، المسؤول عن القرار الاقتصادي، غير مستجيب للتكيف مع المستجدات، والمتغيرات. أخيراً لا بد أن أوضح، أن استدراكي في صدر هذا المقال، حول من أعنيه من الوزراء، الذين يجب شمولهم في التغيير الوزاري (لا قدر الله)، ذكرني بنكتة رواها الرئيس الأميركي ريغان، لطلبة جامعة موسكو، خلال الحقبة السوفيتية، وتقول: إن مواطناً سوفيتياً فقد ببغاءه، فذهب، على عجل، إلى مركز الشرطة، وابلغ الضابط «إنني فقدت ببغائي، وللمعلومية، فإنني اختلف معه في كل آرائه السياسية»!! [email protected]