مدير عام «سمة»: تأخر التمويل العقاري تسبب في قضية «الإسكان» في السعودية

نبيل المبارك لـ «الشرق الأوسط» : إجمالي القروض الممنوحة تجاوز الـ160 مليار دولار في 2007.. بزيادة 30%

نبيل المبارك («الشرق الأوسط»)
TT

بعد مرور أربع سنوات على تأسيس الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة» التي تعتبر مؤسسة وطنية مملوكة من قبل البنوك التجارية في السعودية، وتعمل تحت إشراف مباشر من قِبل مؤسسة النقد العربي السعودي. حاورت «الشرق الأوسط» في جدة نبيل بن عبد الله المبارك، مدير عام «سمة»، الذي كشف عن أن إجمالي القروض الممنوحة من قبل القطاع المصرفي في السعودية تجاوز حدود الـ600 مليار ريال (160 مليار دولار) مع نهاية عام 2007.

وبنسبة نمو تقدر بـ30 في المائة مقارنة بالعام السابق 2006، وموضحاً أن هذا الرقم يعادل 40 في المائة من حجم الناتج الوطني.

وأفاد المبارك بأن القروض التجارية والصناعية والخدمية تمثل أكثر من 65 في المائة من إجمالي القروض الممنوحة في السعودية، فيما ذهبت النسبة المتبقية للقروض الشخصية التي بلغت حوالي 198 مليار ريال (52.8 مليار دولار) بنهاية 2007، مشيرا إلى أن حجم سوق البطاقات الائتمانية في السعودية بلغ بنهاية العام المالي 2007 نحو 10.7 مليار ريال (2.85 مليار دولار) موزعة على حوالي مليوني عميل، فيما بلغ عدد البطاقات الصادرة خلال نفس الفترة نحو 2.5 مليون بطاقة.

من جهة أخرى، قال المبارك إن برامج التمويل العقاري بدأت مؤخراً في السعودية وبشكل بطيء جداً نتيجة عدم توفر البنية النظامية اللازمة والمتمثلة بنظام الرهن العقاري، مما جعله يرى أن هذا التأخر تسبب في تضخم قضية الإسكان في السعودية المشهودة مؤخراً.

فيما أوضح أن نسبة القروض العقارية إلى القروض الشخصية بلغت أقل من 2 في المائة، مرجعاً ذلك للنقص الكبير في التشريعات التي تساعد على التوسع في هذا المجال.

وأفصح المبارك عن أن شركة «سمة» تعمل الآن بشكل مكثف للانتهاء من مشروع تجميع البيانات المتعلقة بمتطلبات المنهج المعياري في قياس المخاطر الائتمانية «بازل2» الذي بدأت البنوك السعودية اتباعه في مطلع شهر يناير (كانون الثاني) الماضي وفقاً لتعليمات مؤسسة النقد العربي السعودي، حيث قال إن شركته تسعى الآن لتوفير البيانات المطلوبة للقطاعات المالية قبل نهاية العام الحالي 2008.. وإلى نص الحوار:

> بعد مرور أربع سنوات على تأسيس «سمة» لأي مدى ترون أنها ساهمت في توفير مستوى من الشفافية لسوق الائتمان السعودي؟

ـ قضية التمويل تحتاج إلى مزيد من الوضوح، ويكفي الإشارة إلى أن ما يحدث للاقتصاد الأميركي الآن هو بسبب هذه القضية وبسبب التوسع غير المدروس في التمويل، ليس فقط العقاري منه ولكن الاستهلاكي أيضاً. ويتوقع أن تكون الأزمة القادمة التي قد تكون قاصمة الظهر للاقتصادين الأميركي والبريطاني على حد سواء هي قضية البطاقات الائتمانية CreditCard)) ويجب أن ينظر لهذه المواضيع على أنها ذات أهمية استراتيجية لكل بلد حريص على الاستقرار الاقتصادي والمالي كما ذكرت. أما بخصوص السؤال فإن تجربة الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية في السعودية هي تجربة ثرية بكل المقاييس وقد تمت الاستعانة بالتجربة كتجربة ناجحة من قبل مؤسسات دولية بهدف إقناع عدد من الدول في العمل على إيجاد شركات معلومات ائتمانية في كل بلد.

وعلى سبيل المثال، تم التطرق لهذه التجربة في المؤتمر الأخير لقطاع المعلومات الائتمانية والذي يعقد كل سنتين، حيث عقد المؤتمر الأخير في جنوب أفريقيا كتجربة يشار إليها بالبنان، وكذلك تم عرض التجربة أمام القطاع المالي المغربي واللبناني والأردني والخليجي بهدف إقناع المسؤولين والمجتمع المالي بضرورة تبني مثل تلك الفكرة لتطوير آليات إدارة المخاطر وزيادة مستوى الشفافية، وحماية للاقتصاد وللمؤسسات المالية والتجارية من أية هزات غير متوقعة. > هل يعني ذلك أن «سمة» مكنت المؤسسات المالية في السعودية من تجاوز مخاطر عدم السداد؟

ـ بطبيعة الحال لا يمكن إلغاء المخاطر ولكن يمكن إدارة المخاطر والعمل على التحوط بشكل مسبق قبل وقع الكارثة وهو الأساس في جميع تجارب مثل هذا النشاط من خلال توفير المعلومات الدقيقة الإيجابية والسلبية.. نشاط الائتمان مهم ومطلوب في أي اقتصاد حديث ولا يمكن النظر إليه على أنه أمر سلبي. ولكن المشكلة تكمن في كيفية منح الائتمان ومعامل المخاطر المرغوب في الدخول فيه والتقييمات اللازمة قبل منح التسهيلات، وكذلك اتخاذ القرارات بناء على معلومات مسبقة عن الملاءة المالية للعملاء سواء كانوا أفرادا أو شركات ومؤسسات تجارية.. أتصور أن تقييم تجربة «سمة» يجب ألا يأتي من الشركة نفسها ولكن من القطاعات المستفيدة من التجربة، ولكن يمكن القول ومن خلال معرفتي بالكثير من وجهات النظر حول الموضوع من الأعضاء المعتمدين لدى الشركة من مؤسسات مالية وتجارية وخدمية، ولدينا العديد من طلبات الانضمام التي تنتظر الاعتماد وفق المعايير التي تعتمدها «سمة»، إنها أصبحت بالنسبة لتلك الشركات أكسجين لا يمكن العيش بدونها. > كم أصبح عدد المؤسسات المالية والتجارية المنضمة إلى عضوية الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية حتى الآن؟ ـ وصل عدد الأعضاء إلى أكثر من 55 عضوا مشاركا في أعمال الشركة، وهم الأعضاء الذين توافقت المعايير معهم التي تضعها «سمة» للحصول على عضويتها، والتي تشمل معايير إدارية وفنية وتقنية. > ما توقعاتكم بالنسبة لتزايد هذا العدد خلال الخمس سنوات القادمة؟

ـ حقيقة هناك رغبة لدى كثير من الشركات للانضمام إلى عضوية «سمة»، ونرحب بالجميع سواء كانت مؤسسات مالية أو تجارية أو خدمية وكذلك للجهات التمويلية الحكومية الرغبة في تطوير آليات منح التسهيلات، خصوصاً أننا نشاهد ضغطا عاما على ضرورة أن تكون جهات التمويل أكثر مرونة في منح التمويل وهي لديها أموال منحتها الدولة لتلك الصناديق للتوسع كل في مجاله لمساعدة المواطنين في تأمين احتياجاتهم المختلفة. ولكن المشكلة تكمن في العديد من الشركات وبالذات خارج القطاع المصرفي التي بحاجة إلى الاستثمار في البنية التحتية لها حتى يمكن لها التوافق مع معايير «سمة» وهي كما تلاحظون استثمارا وليس مصاريف، بمعنى أن تطوير الجوانب الإدارية والفنية وهي الخاصة بالسياسات الائتمانية الداخلية وطرق تقييم العملاء، وكذلك وجود الحدود الدنيا من التقنية للمساعدة في الموافقة على ربطهم بشركة «سمة». ونحن مستعدون لمساعدة أية شركة على إيجاد وتطوير مثل تلك المعايير الداخلية وقد قمنا بمساعدة العديد منها وفعلاً تمت الموافقة بعد ذلك على انضمامها للشركة. المشكلة الوحيدة هي أن هناك دائما حاجة إلى المزيد من الاستثمارات في تطوير العمل وهو ما يعتبر مكلفا بعض الشيء، ولكن فلسفة الشركة هي المزيد من الاستثمار يعني المزيد من التطوير لصالح المؤسسات والشركات للحد من مخاطر الائتمان، وبالتالي تكون لذلك تبعات اقتصادية كبيرة على الجميع. > فيما يتعلق بالعملاء.. كم يبلغ عدد المعترضين على البيانات التي تصدرها «سمة» ؟

ـ تتلقى «سمة» أكثر من 400 مكالمة هاتفية يومياً في المتوسط، وهو أمر متوقع نتيجة أن معظم هؤلاء يواجه مشكلة عدم قبول الأعضاء المنضمين لعضوية «سمة» لطلباتهم بسبب سجلاتهم الائتمانية. > وما هي أبرز الأسباب المؤدية لرفض الجهات الممولة منحهم للائتمان؟

ـ أبرز أسباب الرفض ترجع إلى وجود تعثر ائتماني في سجلات هؤلاء المتصلين مما يتطلب منهم سداد مديونياتهم من ثم يطالبون بتحدث التقرير الائتماني بأسرع وقت. ولكن في كثير من الأحيان تكون نتيجة أن التقييم العام لتاريخهم الائتماني لا يساعد على منحهم مزيد من القروض حيث أن الأنظمة المعمول بها تحد من قدرة القطاعات المالية على تجاوز حدود معينة في التوسع في القروض للأفراد بما لا يزيد عن دخولهم المادية. وقد تم التعامل مع أكثر من 82 ألف حالة في عام 2007.

> ما رأيكم فيما تناقلته التقارير الأجنبية مؤخراً من أن البنوك السعودية تواجه قضية التركيزات الائتمانية (أي تركز صرف القروض على جهات معينة)، وإلى أي مدى تلمسون حجم المشكلة؟ ـ بطبيعة الحال وهنا أتحدث كشخص مراقب للاقتصاد السعودي عن كثب وكذلك كمحلل مالي، قبل أن أكون مديرا عاما لـ«سمة» وأعمل على تطوير آليات اتخاذ القرار فيما يتعلق بالتمويل، أن التقارير الأجنبية بالنسبة لي بحاجة دائماً إلى إعادة القراءة وعدم أخذها كمسلمات، أقولها بصراحة إن مصادرها قد لا تكون المصادر السليمة. وثانياً، يجب أن نعترف بأن الجهات الأجنبية لا تخاطب الجهات ذات العلاقة وعندما يتم ذلك أعتقد أن الجميع سوف يتجاوب إذا كانت ذات مصداقية وترغب في إظهار الصورة الحقيقية. وفي هذا المقام لنا تجربة حقيقية في الشركة، وهي عندما بدأ نشاطنا الرسمي في 2004، كان هناك تقرير الأعمال يصدر عن مؤسسة التمويل الدولية الذراع المالي للبنك الدولي (IFC) وكان من ضمن التقرير الجزئية الخاصة ببند الحصول على الائتمان كمؤشر لقطاع الأعمال في السعودية. وعند قراءتي لذلك المؤشر وجدت تقييم السعودية 0.2 من أصل 6 نقاط وهو تقييم متدن جدا، ومباشرة ذهبت إلى مصادر المعلومات لمعرفة الجهات التي زودت مؤسسة التمويل الدولية بالمعلومات عن القطاع الائتماني بالمملكة وذلك لمعرفتي أن ذلك ليس دقيقاً أولاً، وثانياً لأني كأحد المسؤولين عن مثل هذا الموضوع لم اُسأل ولو لمرة واحدة. وكانت المفاجأة أن كل الأسماء الواردة ليس لها علاقة مباشرة بالموضوع وكانت وجهات نظر أشخاص. وعندما تم تزويد المؤسسة بالمعلومات الكاملة عن الائتمان في السعودية من قبل شركة «سمة» كان تقرير مؤسسة التمويل الدولية في عام 2005 قد أعطى المملكة في جزئية الحصول على الائتمان 4 نقاط من أصل 6 نقاط، وحصلنا الان على تقييم 6 نقاط من أصل 6 نقاط لعام 2007. > هل يعني ذلك عدم صحة ما أشيع من وجود أزمة مصرفية سعودية تتعلق بحجم التركيزات الائتمانية؟

ـ بخصوص قضية التركيز الائتماني قد يكون هناك شيء من الصحة ولكن علينا شرحها بعناية. المؤسسات المالية وخصوصا القطاع المصرفي هو المولد الرئيسي للائتمان في كل دول العالم المتقدم منه والمتأخر. وبالتالي هي مؤسسات تقع عليها مسؤولية توفير التمويل اللازم للقطاعات الاقتصادية التي تحتاج إلى التمويل بما في ذلك الأفراد، ولكن تلك الحقيقة قائمة على افتراضات أن العناصر المكملة للعملية التمويلية متوفرة للاقتصاد الذي تعمل فيه تلك المؤسسات. ومن هنا تعمل المؤسسات المالية ولديها الرغبة في التنويع والتوسع ولكن أيضا ضمن حدود ومخاطر واضحة، وذلك لأسباب خاصة بالسياسات الائتمانية التي تتبناها تلك المؤسسات وكذلك بسبب التشريعات التي تفرض عليها مستويات مخاطر معينة. وتلك العناصر المطلوب توفرها هي أولاً إيجاد بيئة تشريعية جيدة لحفظ الحقوق، وهو الأمر الذي منع المؤسسات المالية على سبيل المثال من التوسع في الرهن العقاري بسبب عدم وجود تشريع لذلك القطاع، والذي أعتقد أنه قريباً سوف يصدر وذلك حسب التوجيهات الأخيرة من مجلس الوزراء الموقر كأحد الحلول الرئيسية لحل مشكلة الاختناق السكني الذي تعيشه السعودية. وفي دراسة حديثة للشركة، وجدنا أن معظم دول العالم يشكل التمويل العقاري ما يزيد عن 75 في المائة من حجم التمويل الشخصي بينما لدينا لا يتجاوز حدود 1 في المائة فقط. ونتيجة لفقدان التشريع كان على المؤسسات المالية أن تركز على الفرص الأقل مخاطر وهي التمويل الاستهلاكي وعلى تمويل الشركات، مما افقد شرائح أخرى مثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذلك التمويل العقاري، وهي الفرصة للحصول على النسب المناسبة من التمويل المطلوب. > بدأت البنوك السعودية مطلع الشهر الماضي ووفقاً لتعليمات مؤسسة النقد العربي السعودي باتباع المنهج المعياري في قياس المخاطر الإئتمانية بموجب إطار «بازل 2» ، كيف تتصورون النتائج المتوقعة في هذا الشأن؟

ـ إن مما يحسب لمؤسسة النقد والقطاع المصرفي تطبيقه منذ عقود لسياسات واضحة في حماية القطاع المصرفي منذ البداية حيث أنه شريان أي اقتصاد. وقد تتذكرون أن أزمة الرهن العقاري التي حدثت في أغسطس 2007 كلفت الاحتياط الفيدرالي وبعض البنوك المركزية الأوروبية واليابانية أكثر من 300 مليار دولار بهدف حماية القطاع المالي من الإفلاس وبالذات لبعض المصارف العالمية. وما تزال تبعات تلك المشكلة تتفاقم ويتوقع أن تصل إلى أكثر من 500 مليار دولار. وكل ذلك كان بسبب أن انهيار القطاع المصرفي يعني انهيار الاقتصاد ـ أي اقتصاد ـ، ومشروع «بازل 2» هو امتداد لمشروع «بازل1» لكفاية رأس المال الذي طبق في عام 1988 من قبل لجنة بازل الدولية والتي تهتم بتطوير آليات العمل المالي العالمي وبالذات فيما يخص القطاع المصرفي. وكان المشروع الأول يعتمد على حساب المخاطر الائتمانية بنسب معينة حسب تصنيف معين ومن ثم استقطاع جزء كمعامل مخاطر يجب على المصرف الاحتفاظ به وهو 8 في المائة كحد أدنى من رأس المال. ولدينا في المملكة نحو 22 في المائة وهو مطبق منذ بداية التسعينات من القرن الماضي. ومع بداية الألفية الثانية رأت لجنة بازل ضرورة تطوير آليات احتساب المخاطر وكذلك توسيع معاملات المخاطر لتشمل مخاطر السوق ومخاطر أخرى متعددة. وقد اعتمد «بازل2» من قبل لجنة بازل في يونيو 2006 في نسخته الأخيرة ومباشرة قامت مؤسسة النقد السعودي بالتنسيق مع البنوك بالعمل على إيجاد البنية التحتية اللازمة لتطبيق المعيار الذي بحاجة إلى مزيد من العمل المشترك وكذلك تطوير العديد من الأنظمة الداخلية لكل البنوك حتى يمكن أن تتوأم مع تلك المتطلبات. وتعمل الآن «سمة» بشكل مكثف للانتهاء من مشروع تجميع البيانات المتعلقة بتلك المتطلبات وذلك بهدف توفيرها للقطاعات المالية قبل نهاية العام الحالي 2008. وبتطبيق المشروع أعتقد أن نتائجه سوف تكون ممتازة على مستوى التقييم الدولي للاقتصاد السعودي من قبل شركات التقييم الدولية، وكذلك على مستوى إدارة المخاطر وعلى توسيع وتنويع العمل المصرفي بشكل منهجي يحمي حقوق الجميع ويساعد الاقتصاد السعودي على التوسع والنمو بدون وجود معوقات كما هي الحال الآن. > كم بلغ حجم القروض في السعودية بنهاية عام 2007؟ ـ بطبيعة الحال عندما نقول حجم القروض فعلينا أن نكون أكثر تحديداً بما نقصده من كلمة قروض، هل نعني بها جميع أنواع القروض، وجميع الجهات الممولة سواء الصناديق الحكومية أو القطاع المصرفي أم شركات التقسيط أو وكلاء وموزعي السيارات أم شركات التمويل المالي الجديدة؟ أما إجمالي القروض الممنوحة من قبل القطاع المصرفي فقد تجاوزت 600 مليار ريال (160 مليار دولار) في نهاية العام الماضي 2007، وبنسبة نمو تجاوزت 30 في المائة مقارنة مع عام 2006. هذا يمثل إجمالي القروض الممنوحة من القطاع المصرفي بما في ذلك القروض الشخصية، وهو رقم يعادل 40 في المائة من الناتج الوطني، وبالتالي تعتبر مساهمة كبيرة من قبل القطاع المصرفي في النشاط الاقتصادي المحلي. وتمثل القروض التجارية والصناعية والخدمية أكثر من 65 في المائة من إجمالي القروض، فيما ذهبت النسبة المتبقية للقروض الشخصية التي تشمل عددا كبيرا من المنتجات ومنها القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان والقروض السكنية وتقسيط المعدات والسيارات وأخرى. وقد بلغ إجمالي القروض الشخصية نحو 198 مليار ريال بنهاية العام المالي 2007 وبنسبة نمو سنوية لم تتجاوز 8 في المائة مقارنة مع نهاية العام المالي 2006 والتي بلغت نحو 185 مليار ريال. > وما هي النسبة المسجلة للقروض الشخصية مقابل التمويل العقاري؟ ـ التمويل العقاري بدأ مؤخرا وبشكل بطيء جداً نتيجة عدم توفر البنية النظامية اللازمة والمتمثلة بنظام الرهن العقاري، وهو ما حد من التوسع في هذا المجال الحيوي للمملكة. وبسبب هذا التأخر تشكلت لدينا في المملكة حقيقة في قضية الإسكان بدأنا ندفع ثمنها الآن! وقد بلغت نسبة القروض العقارية إلى القروض الشخصية أقل من 2 في المائة نتيجة كما ذكرت النقص الكبير في التشريعات التي تساعد على التوسع في هذا المجال رغم أنه قطاع مربح كثيراً إذا ما نظم بشكل جيد وذو عائد كبير على الاقتصاد. > كيف تنظرون لحجم النمو في الطلب السنوي على البطاقات الإئتمانية في السعودية؟

ـ تتسم بطاقات الائتمان بتميز يختلف عن باقي مكونات القروض الشخصية لاعتبارات كثيرة لدينا فهي عمليا تعتبر حديثة وكذلك لم تكن ذات قبول واسع محلياً. وقد وصلت في نهاية العام المالي 2007 نحو 10.7 مليار ريال موزعة على ما يقرب من مليوني عميل، وقد بلغ عدد البطاقات الصادرة نحو 2.5 مليون بطاقة في المملكة حتى نهاية الفترة. وفي تصوري أن البطاقات الائتمانية بحاجة إلى أن يرافقها وعي حقيقي من قبل العملاء المستخدمين لها حيث أنها يمكن أن تكون أداة دفع أو وسيلة ائتمانية للحصول على النقد، وهذا موضوع بحاجة على مناقشة مستفيضة. > ما هو تصنيف السعودية العالمي في مؤشر الحصول على الائتمان، وكيف ستعملون على تحقيق قفزة في هذا التصنيف والوصول إلى مصاف الدول المتقدمة؟

ـ حسب آخر تقرير وكما تعلمون حصلت المملكة على الترتيب 23 عالميا في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال والمكون من عشر مؤشرات مختلفة منها مؤشر الحصول على الائتمان، وقد أعطيت المملكة الترتيب 48 عالمياً وهو ترتيب متقدم إلا أننا نعمل مع الآخرين ذوي العلاقة على أن يكون أفضل من ذلك. وكما ذكرت أننا في جزئية مدى توفر العمق في المعلومات الائتمانية وبسبب إنشاء شركة «سمة» بهذا المستوى من المهنية والتي حققت ناجحا واضحا خلال أربع سنوات فقط من عمرها فقد حصلت المملكة على 6 نقاط من أصل 6 نقاط. واعتقد أننا ما نزال بحاجة إلى المزيد من الجهود للوصول إلى المرتبة العاشرة كما هي خطة الهيئة العامة للاستثمار والتي وضعت مع باقي قطاعات الحكومة للوصول إلى هذا المركز الذي أعتقد أننا بحاجة إلى تضافر الجهود والإسراع بوتيرة العمل لتحقيق هذا الهدف.

> ما تقييمكم لمستوى المنافسة المصرفية بين البنوك السعودية فيما يتعلق بابتكار منتجات التمويل وتقديم تسهيلات تمويلية تلائم العملاء؟ ـ أعتقد أن المنافسة الحقيقية بدأت مع دخول المملكة منظمة التجارة العالمية في 2005، وسوف تحتدم في السنوات القادمة مما سوف يساعد على تقديم العديد من المنتجات، كذلك التوسع الملاحظ في القطاع المالي من خلال تأسيس شركات التمويل. وكذلك الشركات الاستثمارية وفتح قطاع التمويل كل ذلك سوف يؤدي إلى آفاق أوسع في تقديم منتجات جديدة على السوق السعودي، بحكم أننا بدأنا نشاهد بعض نتائج الإصلاحات الهيكلية، ونأمل أن تكتمل بصدور عدد من التنظيمات التي ما نزال ننتظرها وعلى رأسها نظام التمويل العقاري. ومن خلال نظرة عامة على عدد من المشاريع للشركات والمؤسسات المالية القائمة والجديدة سوف نجد أن المنتجات سوف تتعدد بحسب شرائح والحاجات التي يطلبها المواطن، صحيح كان هناك تأخر لكن أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي. > هل ستوظف «سمة» قواعد بياناتها في إعداد المعلومات الإحصائية والتقارير الاقتصادية المتخصصة في التمويل والائتمان؟

ـ بدأت «سمة» فعلياً ومنذ أكثر من عام في إنجاز مشروع أعتقد أنه سوف يخدم المملكة بشكل كبير في هذا المجال، وهو إنشاء مركز دراسات وأبحاث في مجال التمويل والائتمان، بالتنسيق مع جهات محلية ودولية. ويهدف هذا المركز إلى توفير المعلومات الكاملة والدقيقة عن أحجام التمويل وأنواعها والتطورات التي يشهدها وكذلك نشر الإحصائيات المهمة بشكل دوري بهدف مساعدة الإعلام على نشرها وتحليلها. وأعتقد أن حجم قاعدة المعلومات الكبير والمتنوع حيث تتلخص في البيانات العامة عن التمويل الفردي وكذلك التجاري والتمويل الخاص بالشركات، كل ذلك سوف يساعد على تحقيق الأهداف. > كيف تنظرون لحجم الخبراء السعوديين في التمويل والائتمان مقارنة بمعدل احتياج السوق السعودي، وهل تعتقدون أن هناك ندرة أم وفرة في الكفاءات الوطنية المختصة؟ ـ السوق بحاجة إلى مزيد من الكفاءات وبالذات في القطاع المالي وعلى وجه الخصوص التمويل والائتمان، نظرا للنقص الحاد في العاملين الكفء، رغم أن القطاع شهد خروج عدد كبير من الشباب الذين يتبوءون عددا من المناصب القيادية الآن سواء داخل القطاع المصرفي أو خارجه في الشركات المالية الجديدة، ولكن التوسع الكبير الحاصل في القطاع المالي أدى إلى زيادة الطلب على الكفاءات، وأعتقد انه خلال السنوات القليلة القادمة سوف يزيد أكثر إذا ما استمر الزخم في التوسع الاقتصادي في المملكة، وهو أمر متوقع نتيجة برامج الدولة وعلى رأسها الخصخصة.