بريطانيا تخفض توقعات النمو الاقتصادي خلال العام الحالي

ستفرض نحو 60 ألف دولار على الأجانب الذين يحملون صفة «غير مقيم» اعتبارا من أبريل المقبل

TT

خفضت الحكومة البريطانية أمس توقعاتها بشأن نمو اقتصاد بريطانيا خلال العام الحالي، رغم تأكيدها أن بريطانيا «في موقف أفضل» من الاقتصاديات الرئيسية الأخرى في العالم من حيث القدرة على مواجهة أزمة الاقتصاد العالمي الراهنة. وقال اليستير دارلينغ وزير الخزانة البريطاني، إن اقتصاد بريطانيا سيحقق خلال العام الحالي نموا يتراوح بين 1.75 و2.25% من إجمالي الناتج المحلي، في حين كانت التقديرات السابقة التي أعلنت في أكتوبر (تشرين الاول) الماضي تتراوح بين 2 و2.5% من إجمالي الناتج المحلي.

وهذا يجعل ارقام وزارة الخزانة البريطانية اكثر تفاؤلا قليلا من معظم التوقعات المستقلة. الا ان هذا التباطؤ أجبر الحكومة على اعادة النظر في خفض توقعاتها لعائدات الضرائب، وزيادة الضغط على المالية العامة. وكان لوزير الخزانة البريطاني مجال ضئيل لزيادة الضرائب، وبالنظر الى الخلاف حول مدى التغيرات الجارية لضريبة الأرباح الرأسمالية ومعاملة «غير المقيمين Non UK Domcile» التي اعلنت في العام الماضي، حيث اكد أمس انها ستدخل حيز التنفيذ، من دون مزيد من التنازلات «خلال هذا البرلمان والبرلمان المقبل».

وكان دارلينغ قد اقترح قبل عدة أشهر فرض ضريبة جديدة ثابتة على المستثمرين بالبلاد تقدر بنحو 30 ألف جنيه استرليني سنويا (نحو 60 ألف دولار). ووفقا للخطة التى أعلنت فى أكتوبر الماضي بدفع الضريبة بشكل ثابت، فان الاجانب المقيمين ببريطانيا المتمتعين بصفة «غير المقيمين» سيتم فرض ضريبة ثابتة عليهم قدرها 30 ألف جنيه استرليني سنويا بعد 7 سنوات من اقامتهم في البلاد.

وطبقا للاحصائيات الرسمية البريطانية فان عدد الاجانب والبريطانيين الذين يتمتعون بصفة (غير مقيم)، ارتفع في اخر احصاء رسمي في عام 2005 الى 112 الف شخص وصلت ايراداتهم المالية الى نحو 20 مليار دولار، من 65 الفا في عام 2002. وبحسب الارقام التي قدمها حزب المحافظين فان غير المقيمين يصل عددهم الى 150 الف شخص، لكن الحكومة البريطانية فندت هذه الارقام، حيث قال وزير الخزانة البريطاني اليستير دارلينغ بهذا الصدد في وقت سابق، ان حزب المحافظين لن يتمكن من جمع اكثر من 640 مليون دولار. واوضح دارلينغ في ذلك الوقت قائلا، ان هناك 165 الف شخص يملكون مداخيل تتجاوز 125 الف دولار خارج بريطانيا، واغلبهم من الاطباء والممرضات والمحامين، بالتالي فان فرض ضرائب عليهم بتلك الصيغة سيدفعهم اما لمغادرة البلاد او التحول الى وضعية مقيم ودفع ضرائب اقل. وتخشى الحكومة البريطانية من ان فرض الضرائب الباهظة ربما يؤثر على مكانة لندن وبريطانيا كمركز جاذب للاستثمارات. لكن مع شعبية الاقتراحات التي تقدم بها حزب المحافظين انذاك، اضطر دارلينغ الى القول انه سيدرس الموضوع من جميع جوانبه وان حكومة العمال تعتزم فرض ضريبة ثابتة على الاثرياء قدرها 30 الف جنيه استرليني (60 الف دولار)، الذين يقيمون في بريطانيا منذ اكثر من 7 سنوات. وهنا قال اندرو تيلبي فولكس خبير الضرائب في «ارنست اند يونغ» ان «هذه التغييرات ستكون لها مضاعفات خطيرة.. حيث ستؤثر بشكل كبير على مكانة لندن كمركز مالي عالمي، يجب التعامل مع هذه القضية حسب الاعتبارات الاقتصادية وليس السياسية». وفي الحقيقة فإن القوانين البريطانية لم تتغير منذ الفترة الكولونيالية، حيث أنها لا تشمل يومي الوصول والمغادرة، لذا فإن أي واحد من هؤلاء يمكنه مثلا أن يأتي إلى بريطانيا يوم الثلاثاء ويغادر يوم الخميس، إلا أنه يستطيع القول إنه أقام لمدة يوم واحد لأسباب ضريبية. وتعود قوانين غير المقيم، (non-domicile)، إلى أيام حروب نابليون، عندما تم إقرار ضريبة الدخل عام 1799 من أجل تمويل المجهود الحربي. والمواطنون البريطانيون الذين كانوا يعيشون آنذاك في المستعمرات كان لا يتم فرض ضرائب على مداخيلهم، بشرط ألا يحضروا عائداتهم المالية إلى بريطانيا.

وفي عام 1914 تم تعديل القانون بحيث يسمح للمواطنين البريطانيين الذين ولدوا في تلك المستعمرات لكنهم أصبحوا مقيمين في بريطانيا، بعدم دفع الضرائب على استثماراتهم في الخارج، وحتى بدون الإقامة في الخارج فإن الأثرياء الذين يسجلون ممتلكاتهم من خلال (Offshore Trust) يمكنهم التمتع بإعفاءات ضريبية كبيرة. وينقسم مصطلح غير المقيم الى 3 فئات، الاولى وهي المليارديرات واصحاب الملايين الذين تشملهم قائمة «الصنداي تايمز» لأغنى الف شخص في بريطانيا. اما الفئة الثانية فهم المستثمرون الذين يعملون في الغالب في الحي المالي في لندن. والفئة الاخيرة تتركز في اصحاب المهن العالية مثل المستشارين والاطباء والمحامين والمهندسين. وجميع الفئات السابقة يجب ان تظهر للسلطات الضريبية في بريطانيا انهم ولدوا في الخارج او ان احد والديهم مولود في الخارج، فضلا عن ان ارتباطهم بالبلد الام متواصل ولديهم الرغبة في العودة في مرحلة ما. يذكر ان جميع الاموال التي يكسبونها في الخارج ولا تدخل الى بريطانيا لا يدفعون عليها ضرائب.

وفي رده على خطاب الميزانية، قال ديفيد كامرون، زعيم المعارضة المحافظة، ان من شاهد خطاب الميزانية «سيستنتج ان وزير الخزانة ورئيس الوزراء يعيشان في عالم مختلف تماما»، مضيفا ان بريطانيا «لا يمكن ان تكون أسوأ مما هي عليه استعدادا للتباطؤ الاقتصادي».