قضية فرض الضرائب على الأثرياء الأجانب لا تزال تتفاعل في بريطانيا

خبير: التغييرات ستؤثر بشكل كبير على مكانة لندن كمركز مالي عالمي

TT

تفاعلت قضية فرض الضرائب على الأجانب الذين يعملون في بريطانيا ويتمتعون بوضعية (غير مقيم) لدى السلطات الضريبية البريطانية حاليا جدلا واسعا في الأوساط السياسية والاقتصادية، حيث يعتقد بعض السياسيين البريطانيين، خصوصا في اوساط حزب العمال الحاكم، والديمقراطيين الاحرار، ونقابات العمال، أن هؤلاء الأثرياء عددهم محدود للغاية، وبالتالي فإن تغيير عدد من القوانين لن يثير ضجة داخلية. في حين ان البعض الاخر خصوصا في الحي المالي في لندن وفي اوساط الصناعيين ورجال الاعمال يتخوف من تأثير هذه القوانين على القدرة التنافسية للعاصمة البريطانية لندن كمركز مالي وتجاري عالمي. وكان وزير الخزانة البريطاني أليستر دارلينغ قد اعلن أول من أمس أن حكومة بلاده ستفرض ضريبة ثابتة على المتمتعين بوضعية «غير المقيمين» لأسباب ضريبية قدرها 30 ألف جنيه استرليني (حوالي 60 ألف دولار) بعد إقامتهم في بريطانيا أكثر من 7 سنوات في العشر سنوات الاخيرة.

وهنا قال جورج كاكراتشان، وهو خبير في قضايا الضرائب ويعمل لدى مؤسسة «غرانت ثورنتون» التي تتخذ من لندن مقرا لها، إن «فرض الضرائب على الاثرياء في حال الإقدام عليه يعتبر عملا شجاعا من الناحية السياسية، لكن تلك الشجاعة ربما تكلف بريطانيا غاليا، فالكثير من الذين يحملون صفة «غير مقيم» يعملون في الحي المالي في لندن، وفي حال فرض الضرائب فانهم قد ينتقلون الى مكان آخر». وقال دارلينغ الذي كان يتحدث للبرلمان بمناسبة إعلان الميزانية الجديدة إن فرض الضريبة الجديدة سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من شهر أبريل (نيسان) المقبل. ومن المتوقع ان تجني الخزانة البريطانية 700 مليون جنيه استرليني (حوالي 1.4 مليار دولار) نتيجة القرار المذكور.

وطبقا للإحصائيات الرسمية البريطانية فإن عدد الأجانب والبريطانيين الذين يتمتعون بصفة «غير مقيم»، ارتفع في آخر إحصاء رسمي بريطاني في عام 2005 الى 115 ألف شخص. وكان دارلينغ قد قال في وقت سابق إن هناك 165 ألف شخص يملكون مداخيل تتجاوز 125 ألف دولار خارج بريطانيا، وأغلبهم من الأطباء والممرضات والمحامين. وفرض ضرائب عليهم بتلك الصيغة سيدفعهم إما الى مغادرة البلاد أو التحول الى وضعية «مقيم» ودفع ضرائب اقل. من جهته قال اندرو تيلبي فولكس خبير الضرائب في «ارنست آند يونغ» ان «هذه التغييرات ستكون لها مضاعفات خطيرة.. حيث ستؤثر بشكل كبيرعلى مكانة لندن كمركز مالي عالمي، يجب التعامل مع هذه القضية حسب الاعتبارات الاقتصادية وليس السياسية».

ومصطلح «غير مقيم» (non-domicile) مصطلح ضرائبي لا علاقة له بالوضعية القانونية للإقامة في بريطانيا، ويعني ان الاشخاص المعنيين يحملون اقامة او جنسية بريطانية ويعيشون في بريطانيا والخارج، ولكنهم يظهرون للسلطات الضريبية في بريطانيا انهم ولدوا في الخارج او ان أحد والديهم مولود ويعمل في الخارج، فضلا عن ان ارتباطهم بالبلد الام متواصل، (domicile)، ولديهم الرغبة في العودة في مرحلة ما الى موطنهم الحقيقي او محل اقامتهم. يذكر ان جميع الاموال التي يكسبونها في الخارج ولا تدخل الى بريطانيا لا يدفعون عليها ضرائب للسلطات البريطانية. وينقسم مصطلح «غير مقيم» الى 3 فئات، الاولى وهي المليارديرات واصحاب الملايين الذين تشملهم قائمة الـ«صنداي تايمز» لأغنى الف شخص في بريطانيا. اما الفئة الثانية وهم المستثمرون الذين يعملون في الغالب في الحي المالي في لندن. والفئة الاخيرة تتركز في اصحاب المهن العالية مثل المستشارين والاطباء والمحامين والمهندسين. وطبقا لإحصائيات وزارة الخزانة البريطانية فان نحو 65 الفا من هؤلاء يحصلون على دخل شهري يبلغ بالمتوسط 140 الف جنيه استرليني (حوالي 280 الف دولار) شهريا. كما ان ثلثي عدد الذين تنطبق عليهم صفة «غير مقيم» لدواع ضريبية يعملون في القطاع المالي وخدمات الاعمال واغلبهم من جنسيات اسيوية وغربية ونسبة قليلة جدا من العرب، ويعيشون في بريطانيا منذ 3 سنوات او اقل، وحوالي 10 آلاف يعيشون في بريطانيا منذ 10 سنوات او اكثر.