الصناديق السيادية الشرق الأوسطية تضخ نحو 25 مليار دولار في أول شهرين من العام الحالي

تهدف إلى شراء حصص أقلية أو أغلبية في شركات عالمية

توقع استمرار صناديق الاستثمار السيادية ضخ المزيد من الاموال في الشركات العالمية (خدمة كي آر تي)
TT

أكد تقرير اقتصادي نشر أمس أن الصناديق السيادية الشرق الاوسطية استثمرت خلال الشهرين الأولين من العام الحالي 24.4 مليار دولار وهو تقريبا نصف إجمالي استثماراتها العام الماضي كله. وذكر التقرير، الذي اعدته مؤسسة «ديلوجيك»، أن صناديق الاستثمار السيادية الإماراتية احتلت المركز الثاني في العالم من حيث حجم نشاطها خلال 14 شهرا الماضية بعد الصناديق السنغافورية.

وأشار التقرير الى أن الصناديق الإماراتية استثمرت خلال تلك الفترة 10.7 مليار دولار في حين بلغ حجم استثمارات الصناديق السنغافورية 41.7 مليار دولار، وجاءت الصين في المركز الثالث مسجلة 8 مليارات دولار.

في الوقت نفسه توقع التقرير استمرار صناديق الاستثمار السيادية الشرق أوسطية والآسيوية الغنية في ضخ المزيد من الأموال بهدف شراء حصص أقلية في شركات عديدة في مختلف أنحاء العالم.

وكانت الصناديق السيادية السنغافورية الأنشط في هذا المجال وفقا للتقرير حيث بلغ إجمالي استثمارات هذه الصناديق، ممثلة في مجموعة «تيماسيك هولدنجز» وشركة استثمار حكومة سنغافورة (غفرنمنت أوف سنغابور إنفستمنت كوربوريشن) منذ بداية العام الماضي وحتى نهاية فبراير (شباط) الماضي، حوالي 41.7 مليار دولار تمثل حوالي 56% من إجمالي استثمارات الصناديق السيادية في العالم خلال الفترة نفسها.

وكان القطاع المالي الهدف المفضل لاستثمارات صناديق الاستثمار السيادية خلال الفترة الماضية حيث جذب 60.7 مليار دولار من هذه الاستثمارات خلال 14 شهرا الماضية.

وفي المركز الثاني جاء القطاع العقاري وجذب استثمارات قدرها 4.7 مليار دولار ثم قطاع تجارة التجزئة وجذب 2.3 مليار دولار.

وتكتسب صناديق الثروة السيادية أهمية متزايدة في النظام النقدي والمالي الدولي، ما حدا بصندوق النقد الدولي إلى تكثيف الجهود في مختلف القضايا المتعلقة بهذه الصناديق الحكومية، بما في ذلك تأثيرها على الاستقرار المالي والتدفقات الرأسمالية في جميع أنحاء العالم.

ومن المعلوم أن نشأة صناديق الثروة السيادية ترجع إلى فترة طويلة ماضية، على الأقل منذ الخمسينات. ولكن حجمها الكلي على مستوى العالم شهد نموا هائلا على مدار السنوات العشر أو الخمس عشرة الأخيرة، حيث تشير تقديرات الصندوق الحالية الى زيادة اصولها من 2 ـ 3 تريليونات دولار الى 6 ـ 10 تريليونات دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة.

وتأتي الإمارات والنرويج السعودية والصين والكويت وروسيا وسنغافورة من بين البلدان التي تضم أكبر الصناديق السيادية على مستوى العالم.

ويرجع الزخم الأساسي وراء تزايد صناديق الثروة السيادية إلى ارتفاع أسعار النفط وشيوع العولمة المالية واستمرار الاختلالات في النظام المالي العالمي حتى أسفرت عن تراكم سريع في الأصول الأجنبية لدى بعض البلدان. وعلى ذلك أصبحت صناديق الثروة السيادية موضع اهتمام متزايد بالنسبة للأسواق وصانعي السياسات والهيئات التشريعية الوطنية ووسائل الإعلام، لا سيما بعد العمليات الأخيرة التي استهدفت ضخ رؤوس أموال تجاوزت 40 مليار دولار أميركي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2007 في البنوك الأوروبية والأميركية التي تكبدت خسائر فادحة من جراء أزمة القروض العقارية منخفضة الجودة. وقد رحب الصندوق وأطراف أخرى بعمليات ضخ السيولة المذكورة نظرا لما حققته من أثر إيجابي على استقرار الأسواق.

وفي هذا السياق قال جون ليبسكي، النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي، «من منظور الأسواق المالية الدولية، يمكن لصناديق الثروة السيادية أن تساعد في رفع الكفاءة التوزيعية للإيرادات المتحققة من الفوائض السلعية في البلدان المختلفة وأن تعزز سيولة الأسواق بشكل عام، حتى في فترات الضغوط المالية العالمية». وأضاف قائلا «.. ويغلب على هذه الصناديق أيضا طابع الاستثمارات طويلة الأجل مع اقتصار احتياجات السحب على قدر محدود من الموارد يسمح لها بالصمود أمام ضغوط السوق في أوقات الأزمات وبتخفيف حدة التقلب». وفي نفس الوقت، يقول ليبسكي إن الصندوق يدرك المخاوف التي تساور البلدان المتلقية والمعلقين من القطاع الخاص بشأن صناديق الثروة السيادية حسب حجمها واستراتيجياتها الاستثمارية ومخاوف البلدان المنشئة لها والتي تشعر بالقلق من مخاطر تصاعد المشاعر الحمائية.

وتنطوي صناديق الثروة السيادية على مجموعة من المنافع الاقتصادية والمالية المختلفة. فهي تفيد في اجتناب دورات الرواج والكساد في بلدانها المنشِئة، وتسهِّل ادخار عائدات الفوائض التي تحققها المالية العامة من صادرات السلع وعمليات الخصخصة ثم تحويلها للأجيال التالية. وتسمح صناديق الثروة السيادية أيضا بمزيد من التنويع في أصول الحافظة وبزيادة التركيز على العائدات مقارنة بما يحدث عادة في حالة الأصول الاحتياطية التي يديرها البنك المركزي، ومن ثم الحد من تكاليف الفرصة البديلة لحيازة الاحتياطيات.

وهنا قال أودايبر داس، خبير صناديق الثروة السيادية في إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية بالصندوق، إن زيادة التنويع وتوخي المزيد من الحذر في تحقيقه يعكس الإدارة السليمة والمسؤولة للأصول في حالة الاقتصادات التي تتمتع بأصول احتياطية أجنبية وفيرة.

لكن تزايد صناديق الثروة السيادية أثار عدة قضايا أخرى أيضا، فإضافة إلى مخاوف المعلقين الرسميين والأفراد من مدى تأثير هذه الصناديق بما في ذلك حجمها واستراتيجياتها الاستثمارية فهي تثير أيضا قضية الدور الموسع الذي تؤديه الحكومات في الأسواق والصناعات الدولية. وأعرب بعض المراقبين عن قلقهم من أن يكون وراء استثمارات صندوق الثروة دوافع سياسية في بعض الحالات.